أصبحت المنافسة علي رئاسة مصر أمرا حقيقيا , ومعها أصبح منافسة مرشح إسلامي علي المنصب أمرا واقعا, وأكد ذلك إعلان د/عبد المنعم أبو الفتوح احتمال ترشحه , ثم أعلن م/أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط دعمه للدكتور /ابو الفتوح , كما سانده بعض الفصائل السلفية , وأعلن ا/عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط محاولتهم الدفع "بالدكتور العوا " للترشح للمنصب ؛ أي أن الأمر أصبح واقعا محتملا ينتظر الإعلان . ومن هنا كان واجبنا أن نضع بين يدي المرشح الإسلامي المحتمل عدة أسئلة كبري ينبغي أن يجيب عليها , ويطمئن الشعب علي نتائجها قبل خوضه غمار المعركة التاريخية . ونكتفي في هذا المقال بسؤال واحد وهو : ماهي رؤية المرشح الإسلامي في قضية الأمن القومي ؟...وذلك في حالة اعتلاء (أعداء المشروع الصهيونى – الأمريكى) رئاسة الدولة المحورية "مصر" بشكل مفاجئ ؟ أقول هذا لما يعلمه الجميع من الصدام الحضاري الذي حددت أمريكا طرفيه باعتبارها طرفا , وباعتبار أن المسلمين هم الطرف المعادي ......وأن رأس الحربة – إسلاميا – هم " جماعات الإسلام السياسي " كما يطلق عليهم أمريكيا . وأضع بين يدي المرشح الخارطة الأمريكية – الصهيونية في المنطقة , حتي تكون إجاباته مكافئة لحجم التهديد . أولا : الا ستراتيجية الأمريكية بالمنطقة بدأت صياغة الاستراتيجية الأمريكية بشكل عدائي في صورة " نظرية أمن صريحة" لمنطقة الخليج العربي عرفت ب" مبدأكارتر "في 23/1/1980 , والذي انطوي علي شقين : 1- الشق السياسي : والذي اعتبر أن أى محاولة من جانب أى قوي للحصول علي " مركز مسيطر في منطقة الخليج " سوف يعتير في نظر أمريكا " هجوما " علي المصالح الحيوية لها , وسوف يتم رده بكل الوسائل بما فيها " القوة المسلحة " 2- الشق العسكري : وفيه تم إنشاء " قوة الانتشار السريع " عام 1988 , وهي التي بدأت الحرب علي العراق في عهد "بوش" . ثانيا : انشاء شرق أوسط جديد أعلن " بوش " في محافل عديدة جدا أن منطقة الشرق الأوسط ليس فيها حليف لأمريكا إلا " إسرائيل " , ثم بدأ خلخلة تماسك المنطقة , بإعادة رسم خريطتها ؛ بحيث تصبح القوى الكبري (مصر – السعودية –تركيا )تابعة أمريكيا , فأعلن " كولن باول " وزير الخارجية الأمريكي عن " اتفاقية الشراكة شرق الأوسطية " في 12/12/2003 والتي هدفت الي انشاء شرق اوسط جديد بقيادة " الكيان العبري " . ثالثا : الخطوات التنفيذية اتخذت أمريكا خطوات محددة بالتعاون مع " الدولة العبرية" : 1- إذ نشرت أدوات الردع , بإقامة " قواعد " و " مراكز قيادة" و " تعاقدات تسليحية استراتيجية " في منطقتنا . 2- صاغت " أمريكا " استراتيجية كونية " تمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وأعلن " بوش " : - إمكانية استخدام السلاح النووي هجوميا ضد اي دول " غير نووية " وحدد : العراق ( قبل الغزو ) , وليبيا (قبل تسليم معداتها النووية ) , وسوريا , ثم (إيران ) ؛ وذلك "لحماية أمن إسرائيل ". - إخضاع " إيران " لتوقيع البروتوكول الإضافي لمعاهدة " حظر الانتشار النووي " ؛ والذى يسمح بالتوسع في التفتيش عليها . - إقرار قانون " محاسبة سوريا " كضغط عليها لتقليص دورها في دعم " حماس " و " حزب الله " , وتواجدها العسكري في لبنان , والذي تقلص بعد ذلك بالفعل . - إجبار ليبيا علي الانهيار المفاجئ وتسليم 55 ألف طن معدات ووسائل ومراحل البرنامج النووي الليبي , ثم دفعها لاتخاذ " خطوات أكثر إيجابية في العلاقة مع اسرائيل " ...هكذا صرحوا . 3 – التدخل في منطقة القرن الإفريقي عن طريق : تنفيذ " مبدأ بوش " المعلن في 20 /9/2002 , وهو المعروف " باستراتيجية الضربات المسبقة " , فأرسلوا قوات علي السفينة " يو إس إس " علي ساحل جيبوتي لتكون " مقر قيادة عائم " به 800 جندي لملاحقة أي عناصر تعمل ضد أمريكا , والقيام بعمليات عسكرية داخل دول المنطقة دون إذنها ولا علمها !! 4 – التدخل في السودان , والذي أسفر عن " بروتوكول مشاكوس "في 2002 ؛ والذي أكد " حق تقرير المصير " للجنوبيين , ونزع الدور المصري من السودان , فكان " اتفاق نيفاشا " في 2005 والذي أعطى مهلة 6سنوات ليقرر الجنوبيون مصيرهم , وانتهت المهلة بعقد استفتاء شعبي في 2011 كانت نتيجته انفصال الجنوب عن الشمال , وغرس الدور الصهىوني بديلا عن المصرى في أخطر نطاقات الأمن القومي المصري , وليبدأ تهديد مصر نفسها بالتلاعب في حصتها في المياه !! 5 – التدخل لتسوية القضية الفلسطينية من منظور اسرائيلي عن طريق : - دعم الحكومات الصهيونية المتشددة , استغلالا للمناخ الدولي العدائي للمسلمين . - اتخاذ خطوات تدميرية للشرعية الفلسطينية التي جاءت " بحماس " إلي الحكومة , وبدأت استراتيجية " تدمير حماس " , ثم تدمير خيار المقاومة لدي الشعب ببناء الجدار الفاصل , والانسحاب الأحادي من " غزة " , وحصارها , ثم تعريضها لحرب نفسية ثم "تدميرية " , وإخلاء المستوطنات – تنسيقا مع بوش – بالمبرر المعروف " حق إسرائيل في الدفاع الشرعي عن نفسها " , ثم بإدراج المنظمات الفلسطينية و " حزب الله " في قائمة " المنظمات الراعية للإرهاب " . رابعا : الاستراتيجية الصهيونية تم صياغة الاستراتيجية الاسرائيلية والعقيدة القتالية في " المؤتمر الثالث للأمن القومي في 3/12/2002 بمدينة " هرتزليا " , وسبقهفي ذات الإطار " مؤتمر دور القوات البرية في القرن 21 " في 27/11/2002 , ووضع المؤتمران طبيعة التهديدات الجديدة المواجهة للكيان العبري كالآتي : 1- احتمالية تجدد القتال مع (الدائرة القريبة ) وأهمها " مصر " !! 2- التهديد من دول اسلامية بعيدة مثل " إيران " و " باكستان " !! ,لامتلاكهم صواريخ بالستية بعيدة المدى ..(الدائرة البعيدة ) . 3- التهديد الداخلي , بالانتفاضة والعصيان المدني , وأطلقوا عليه (الدائرة الداخلية ) . وعلي هذا الأساس وضعوا تصورا مركبا للتسليح لمواجهة هذه الدوائر : - دعم القوة النووية . - التوسع في القوة التقليدية . - منظومة فضائية للاستطلاع الاستراتيجي . - إقامة 3 مستويات من أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ . - تطوير ترسانة أسلحة تواجه " الحرب الداخلية " ثم قامت الدولة العبرية بعقد تحالفات استراتيجية عسكرية مع أمريكا والهند...... ثم تركيا في فبراير 1996! . ثم جاء دور الدعم المالي المباشر : - حيث دعمت أمريكا الكيان العبري بمبلغ 1600 مليار دولار في ال30 عاما الأخيرة في القرن العشرين . - أجبرت الألمان علي تعويضات غير محدودة بلغت مئات المليارات عن " مذبحة الهولوكوست "! - مساعدات أوروبية بضغوط أمريكية , باعتبار أن الصهاينة هي " خط المواجهة الأول في حربها ضد الإسلام العدو الرئيسي للغرب " . وأخيرا........... أردت بهذا " الاختصار المطول " ! أن أضع بين يدي المرشح الإسلامي للرئاسة الآتي : أن العدو مستعد سياسيا وعسكريا لمواجهة أي تهديد علي أمنه , أو مشروعه , ومن المعلوم من السياسة بالضرورة أن الإسلاميين هم أعدى أعداء المشروع الصهيوني – الأمريكي , ولن يجدي معهم إظهار " الإعتدال " من شخصية أو أخري فالجميع أعداء , ولاتمييز الا لمن خضع لمشروعهم , وانظر كيف اعتبروا " باكستان " - المحفوظة في الجيب الأمريكي – تهديدا استراتيجيا ينبغي مواجهته . وإذا كان الصراع الإسلامى – الصهيوني هو صراع وجود , فهل يتسرع المرشح الإسلامي ,وينافس علي الرئاسة , ويغامر بإدخال "مصر" في " صدام مبكر" -بمجرد وجوده في سدة الحكم - وهي لم تزل تترنح من هول الاستبداد , ولم تسترد أيا من عناصر عافيتها .....فيساهم في حصارها وتركيعها إلى الأبد , أم أن لديه رؤية جديدة محكمة " للأمن القومي المصرى " في ظل أعلى درجات تحفز الأعداء ؟. لست من الذين يخوفون من الصراع مع الصهاينة , بل موقن أن الصدام واقع لامحالة , ولكن هل نستثمر فرصة الثورة ونعيد بناء الوطن لنحقق معني "الإعداد " ؟ ولنجعل من الشعب كله انصارا لمشروع النهضة والعزة ؟ , أم يري المرشح رؤية أخري أكثر مصلحية للوطن ؟ أؤمن بأن أي رئيس وطني سيواجه بالضغوط الامريكية – الصهيونية , ولكن بروز المشروع الإسلامي كقيادة للمنطقة العربية سيطور درجة العداء , بينما المساهمة في "مشروع وطنى " سيكون أكثر فائدة للوطن , وللمشروع الإسلامي الشامل في هذه المرحلة . كان الإسلاميون علي صواب إذ أعلنوا المشاركة في العمل السياسي , دون المنافسة علي الأغلبية , ومن باب أولي فعليهم أن يتريثوا كثيرا في قرار المنافسة علي الرئاسة , وأن يجتهدوا في دعم شخصية مستقلة , تقطع الطريق علي أي مبررات عدوانىة أمريكية , أو صهيونية . هكذا ينبغي أن نناقش المرشح - الإسلامي خصوصا - والمرشحين عموما , أما الانشغال بكونه من أي جماعة إسلامية , وهل يظل فيها أم يستقيل منها (كما في حالة د/ابو الفتوح ) فهذا من اللغو الذي نهينا عنه شرعا ....وسياسة. [email protected]