كتب الزميل العزيز د. وحيد عبد المجيد، مقالا منصفا يوم أمس في "المصري اليوم"، عن دور فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في حماية ثورة 25 يناير.. واعتبر موقفه من الثورة السورية، متقدما عن مواقف الليبراليين "دعاة الحرية" واليساريين " مناضلي المظلومين" وإسلاميين "مترددين" بزعم ""ثبات" عائلة الأسد في جبهة "الصمود والتصدي" أمام الكيان الصهيوني. شهادة عبد المجيد، تعتبر واحدة من أكثر الشهادات انصافا وشجاعة أيضا، لخروجها الجسور والقوي على سلطة "الالتزام الأيدويولوجي" داخل التيار الليبرالي، والذي يكاد يتطابق مع مفهوم "الالتزام الحزبي" داخل الأحزاب المدنية و"السمع والطاعة" داخل التنظيمات الإسلامية. وإذا كان المفكر الراحل الكبير د. عبد الوهاب المسيري، قد نبه إلى ضرورة التعاطي مع العلمانية من خلال الفصل بين ما هو "وردي" كما كان مطروحا لحظة ميلادها التاريخي في أوروبا المسيحية وبين "المأمول" بعد اتساع مفهوم الدولة من "البسيط" كما كانت عليه في القرن التاسع عشر إلى "المعقد" كما هي عليه الآن، ومن ثم الوعي بأن العلمانية ليست "واحدة" وصنفها المسيري بين "علمانية جزئية" وثانية "شاملة" وثالثة وهي الأخطر "البنيوية الكامنة".. فإنه أيضا من الأهمية أن نعي بان الليبرالية المصرية، ليست واحدة، فمنها "الوطني" الذي يعتبر امتدادا للمدرسة الوطنية التي أسسها سعد زغلول، ويعتبر وحيد عبد المجيد من الأصوات النادرة التي خرجت من تحت مظلته.. يبحث عن نقاط الاتفاق مع التيار الإسلامي، والتصالح مع عروبة مصر وهويتها.. ومنها "المتطرف" وهو لا يستند إلى الليبرالية كفلسفة "الفقه" أو منتج تاريخي "الحركة"، يعتقد فيها "الكمال" بحكم أنها قادمة من أوروبا "المتقدمة" والمنتصرة على العالم الإسلامي "المتخلف" حضاريا "المهزوم" عسكريا.. وإنما من منطلق "انتهازي" عادة ما تكون مواقفه متماهية مع "مصالح" القوى الغربية وبعد تحول نشطائه إلى بوتيكات "ومقاولي" أنفار وأفكار وبؤر دعم لوجستي لأجندات سياسية وثقافية ودينية لصالح القوى الغربية مقابل "التمويل السخي" الذي استباح مصر في العقود الثلاثة الأخيرة. وأذكر اني قرأت دراسة للدكتور وحيد عبد المجيد منذ سنوات نشرت في مجلة المنار الجديد الذي يرأس تحريرها الاستاذ جمال سلطان، أكد فيها أن التيار الليبرالي العربي هو الأقرب إلى الإسلاميين من التيارين الناصري واليساري.. من منطلق أن الإسلام والليبرالية يُعليان من منزلة "الحرية" و"حقوق الإنسان" والحريات العامة على وجه الإجمال.. بمعنى انهما يبقيان على الإنسان في "مركز" الكون، وليس على "أطرافه" لصالح "الطبيعة المادة" على نحو ما انتهت إليه العلمانية في نسختها "البنيوية الكامنة" كما شرحها المسيري رحمه الله في أكثر من مناسبة. أقول هذا الكلام .. ومصر تبحث عن حوار وطني جاد حقيقي، في ظل خلافات بلغت حد الصدام والتحريض على الإسلاميين، من قوى "انتهازية" أكلت على موائد مبارك وانتقلت اليوم لتأكل على موائد الثورة.. وكلها تمثل قوى التطرف اليساري والليبرالي في صيغتها الانتهازية التي أشرت إليها فيما تقدم.. فيما توجد قوى ليبرالية ويسارية تؤمن بأهمية التدثر بعدالة النضال من أجل الحفاظ على هوية مصر عروبتها واسلامها باعتبارها معطى جغرافي وتاريخي وحضاري وثقافي.. وقبل هذه أو تلك باعتبارها قضية أمن قومي. [email protected]