حذّرت مجموعة الأزمات الدولية من أنَّ عدم تمكُّن الحزب الحاكم في شمال السودان من إصلاح ذاته والتحاوُر مع المعارضة سيُفاقِم الانقسامات، ويُساهِم في نفور المناطق المُهَمّشة مثل دارفور، الأمر الذي قد يؤدّي إلى تفكُّك شمال البلاد. وقالت المنظمة غير الحكومية: إنّ حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير الذي يحكم شمال البلاد، لم يتَصَدَّ للأسباب الأساسية للنزاعات، بل على العكس منع الحوار حول تنوع البلاد وهويتها، معززًا بذلك قبضته على السلطة. وأعْلَن فؤاد حكمت، الخبير في مجموعة الأزمات، أنّ "الرئيس البشير وحلفاءه المقرَّبين قلقون من احتمال تفكُّك حزبهم ويتوجسون خوفًا من انقلاب محتمل، وهم باتوا يعتمدون أكثر فأكثر على ولاء بعض الأشخاص وبعض القبائل من أجل البقاء في الحكم". وأضافت المجموعة أنّ فصل صالح قوش، الذي كان قائد أجهزة مخابرات البشير وأحد أعضاء حزب المؤتمر الوطني الداعين إلى الحوار مع المعارضة، الأسبوع الماضي، يعكس عمق الانشقاق في الحزب وقد يؤدّي إلى اضمحلاله أو إلى انقلاب عسكري. وكان صالح عبد الله، المعروف باسم صالح قوش، يقود منذ نهاية التسعينيات أجهزة المخابرات السودانية، وفي حين كان يَحْظَى بدعم نائب الرئيس علي عثمان طه، تعرّض قبل أيام من إقالته لانتقاد شديد من أحد أقرب مساعدي الرئيس البشير، نافع علي نافع، الذي أعرب عن الأسف؛ لأن حزب المؤتمر الوطني لم يُعاقِبْه لمحاورته أحزاب المعارضة. وحذّرت المجموعة من "تبلور استياء جديد في المناطق الحدودية، حيث يكثر السلاح، بِمَا في ذلك ليس دارفور فقط بل أيضًا ولاية كردوفان الجنوبية في الشمال وولاية النيل الأزرق في الشرق وغيرها من المناطق المهمشة، ضدّ هيمنة حزب المؤتمر الوطني، كما حصل في الجنوب"، وخلصت المجموعة إلى القول: إنه "طالما أن الحكومة لم تأخذ في الاعتبار مطالبه فإن السودان قد يغرق أكثر في العنف والتفكك". وجاءت تصريحات الدكتور حسن الترابي، زعيم حزب "المؤتمر الشعبي" المعارض في السودان، لتؤكّد نفس المعنى، حيث أكّد في حوار مع صحيفة "الصحافة" السودانية، الصادرة اليوم الخميس، أن عملية التغيير إن لم تكن مُنَظّمة ومرشدة فإن الانتقال من النظام القائم ستكون آثاره مدمرة وستؤدّي إلى تفتيت البلاد، وضرب على ذلك مثلاً بما حدث في أفغانستان، حيث كانت هناك إرادة التغيير، ولكنه لم يكن منظمًا. ورأى الترابي، في الحوار الذي نشرته الصحيفة على جزأين أمس واليوم، أن عملية المشورة الشعبية في النيل الأزرق وجنوب كردفان غير ذي جدوى، قائلاً: إن المجالس التشريعية التي ستقرها هي نفسها مجالس منتخبة زورًا، حسب قوله، كما انتقد الترتيبات الجارية لزيادة عدد ولايات دارفور، وقال: إنها لا تعدو أن تكون "مخارجه للمحاصصة ومنح وظائف ووزارات إرضاء لقبائل وجهات محددة". يذكر أن السلطات السودانية كانت أطلقت سراح الترابي، الأحد الماضي، بعد اعتقاله مع 8 مسئولين حزبيين آخرين لنحو 4 أشهر، بعدما دعوا إلى "ثورة شعبية" إذا لم تتراجع حكومة الخرطوم عن زيادات في الأسعار.