تم إنجاز المهمة أو Mission Accomplished - هذه هي الرسالة التي أريد لها أن تصل من طريق إذاعة خبر مقتل أسامة بن لادن. لكن كيف يمكن فهم هذه الخبر وهذا هو السؤال؟ العالم كله يواجه أزمة إقتصادية طاحنة وبخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية ومن ثم الغرب عموماً كما أن تكاليف بناء الإمبراطورية الأمريكية والمحافظة عليها فاقت كل المتوقع ولم تكن النتائج المرجوة بأكثر مما كان متحققاً بالفعل قبلاً - ألا وهو إستمرار تدفق البترول عبر منطقة الشرق الأوسط. كانت هناك بالتأكيد أيديولوجيات تتصارع على السوق السياسي بالولاياتالمتحدة ومنها المحافظون الجدد والذين ربما بدأ عهدهم بالبيت الأبيض منذ شغل الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان مقعده. ثم ومنذ أصبح دونالد رامسفيلد وزيراً للدفاع ونغمة قدرة الولاياتالمتحدة على شن حربين (دون نوويتين) متزامنتين كانت في تصاعد وهو ما نراه الأن على أرض الواقع (وكنت أظنه مجرد تهديد للغير) غير أن القدرة الإقتصادية وعدم توقع فترة الركود (أو فترات الركود) لم تشغل البال كثيراً وحتى إذا ما شغلت بال البعض فإن ما لم يفطنوا إليه هو إزدياد تكاليف المعيشة بشكل مثير للقلق وعدم تفريط بعض الجهات في حقوقها المالية أمام تغول نفقات الدفاع. إذن ومنذ البداية فإن هناك تبييت للنية على إستخدام القدرات العسكرية لتحقيق أهداف إمبراطورية. يبقى الأن المبرر لهذا الإستخدام ومن ثم الإنتشار العسكري وقد كان أن وجد في عملية الحادي عشر من سبتمبر للعام 2001 مع ما صحب ذلك من عمليات تلميع إعلامي للقاعدة (والتي أجد دوماً أن أحاديث زعمائها كانت تبث في أوقات أشد ما تكون الولاياتالمتحدة في حاجة إليها - وبخاصة أيام الرئيس بوش الإبن) وما لا أفهمه هو كيف كانت تتعاون القاعدة مع الولاياتالمتحدة حين كانت تحارب الإحتلال السوفيتي لأفغانستان وكيف كانت تقبل منها المعونات العسكرية و السلاح ثم تنقلب عليها من خلال عملية الحادي عشر من سبتمبر وهي العملية الغريبة والعجيبة التي غيرت وجه التاريخ السياسي وربما الإنساني كله حتى الأن. كانت هذه هي المقدمة لندلف إلى تفسير لعنوان المقال. الإقتصاد الأميريكي يعاني وبشدة ولم يعد بوسعه الأن أن يتحمل تكاليف حربين كبيريتين تدور رحاهما منذ 10 سنوات تقريباً و نعلم أن الولاياتالمتحدة لم تستطع أن تستكمل ضرباتها العسكرية لليبيا لصعوبة ذلك إقتصادياً فالطلعة الواحدة للطائرة إف 15 تتكلف 15 ألف دولار بخلاف ثمن الأسلحة المستخدمة و من ذلك نجد أنه أصبح من اللازم إنهاء الوجود العسكري الأمريكي بالخارج أو على الأقل تقليله إلى ادنى حد ممكن - السؤال كيف؟ نعم كيف يمكن أن تخرج الولاياتالمتحدةالأمريكية من أفعانستان مثلاً بعد عشر سنوات دون تدمير للقاعدة ودون القبض على أسامة إبن لادن ودون تفكيك الخلايا الإرهابية هناك؟ إن حدث أن خرجت الولاياتالمتحدة (إنسحبت) دون تحقيق أي من هذه الأهداف فهذا إعلان هزيمة للقوة الأكبر على وجه الأرض وهو أمر غير مقبول - ليس فقط من وجهة النظر التي تنظر للأمر على أنه كرامة القوة الأكبر وحسب ولكن لأن السؤال الذي كان سينطلق حتماً هو: ولماذا ذهبنا إلى هناك أصلاً إن لم نكن في 10 سنوات قد حققنا أي هدف!؟ لهذا كان لابد من تحقيق نجاح إعلامي ضخم يهز العالم كله ويوحد الشعب الأميريكي خلفه ولا يسمح بإطلاق أي أسئلة عن الحرب وتكاليفها وفي الوقت نفسه - هدف لا يكلف كثيراً ولا يستغرق وقتاً فكان الإعلان عن مقتل أسامة بن لادن. يمكن الأن أن نتحدث عن كيفية عودة القوات إلى أرض الوطن وكيفية تخفيض التكاليف العسكرية دون أي مناقشة لأسباب الحرب ونتائجها وخسائرها البشرية الرهيبة والمرهقة (تكاليف علاج مصابي الحرب تجاوز البلايين العشرين سنوياً) وبهذا يمكن مواجهة الإقتصاد المتداعي. في علم الفيزياء وحين نتحدث كعلماء عن جسيم مفترض إسمه (الجسيم هجز) فإننا نستخدم دوماً هذه الجملة (إذا ما كان موجوداً) ولا أدري لماذا أجدها مهمة تماماً حين نتحدث عن أسامة بن لادن!؟ حاتم حجاب كاليفورنيا - الولاياتالمتحدة الأمريكية