شهدت ساحة محكمة جنايات القاهرة منذ الساعات الأولى من صباح أمس، احتشاد الآلاف من جنود الأمن المركزى حول المحكمة من جميع الاتجاهات، مدعمين بقوات الجيش والعديد من الدبابات التى تمركزت على أطراف المحكمة. وانتشر فى الساحة الداخلية للمحكمة عدد من الخطوط الأمنية والحواجز الحديدية، والتى أعدت قبل توافد المئات من العاملين فى وسائل الإعلام والمدعين بالحق المدنى ومحاميهم على باب الدخول. وبإشراف من اللواء عابدين يوسف مساعد وزير الداخلية لأمن حلوان، بدأ رجال الأمن فى توزيع التصاريح على الاعلاميين. وبعد ساعة ازدحمت الحديقة المواجهة للمحكمة بالعديد من كاميرات الفضائيات ومراسلى وكلات الأنباء العالمية. ونتيجة للزحام المتوقع على البوابات، وقعت مشادات بين الصحفيين والأمن، خاصة بعد أن رفض الأخير دخول العديد من الإعلاميين والمدعين بالحق المدنى ومحاميى المتهمين والشهداء والمصابين، والذين تم دفعهم إلى الخط الأمنى الاول. كما وقعت مشادات كلامية بين الصحفيين ورجال الامن اكثر من مرة إلى أن تم دخول البعض من الموجودين امام رجال الامن وبعد دخول أغلبهم اغلق رجال الامن البوابة الرئيسية للمحكمة، وفور دخول الصحفيين داخل القاعة كانت المفاجاة أن القاعة كانت كاملة العدد، بأشخاص بدا أنهم موجودون منذ ساعات طويلة قبل فتح المحكمة لأبوابها. وقال عدد من الإعلاميين أن وجوه الجالسين فى القاعة قبل بدء المحكمة «تنم على أنهم من أفراد الأمن والذين تم نشرهم داخل القاعة فى إطار خطة أمنية وضعتها وزارة الداخلية لتأمين العادلى ومساعديه». وكان دفاع العادلى أول من دخل إلى القاعة، ليتم بعدها المناداة على باقى المحامين الذين كانوا يزيدون على 50 محاميا للدفاع عن العادلى ومساعديه وتم رفض دخول عدد كبير من الاعلاميين والصحفيين. الشهداء فى استقبال العادلى تجمع العشرات من أهالى الشهداء والمصابين امام المحكمة، وكانوا يرفعون صور أبنائهم من الضحايا ويهتفون مطالبين ب«القصاص من القتلة الذين أطلقوا النار على أبنائهم دون رحمة أو إنسانية»، ورفعوا لافتات تطالب ب«إعدام حبيب العادلى ومساعديه» وردد المتظاهرون هتافات: «يا مشير أمانة عليك إعدام العادلى بين ايديك»، و«ضربونا فى الشوارع بالنار» و«نار نار اعدموهم بطلقات النار». ووقف والد الشهيد عاصم يصرخ على نجله الصغير «الذى أصر على الوقوف فى ميدان التحرير ومشاركة زملائه المظاهرة السلمية فى جمعة الغضب، وسقط شهيدا على يد رجال العادلى بطلقة فى الرأس، وجهها له قناصة الداخلية، قاصدين قتله وترويع باقى المتظاهرين»، بحسب والد الشهيد الذى قال في " تصريحات صحفية ": احتسبت ابنى شهيدا عند الله لأن رجال الأمن أطلقوا عليه النار وهو اعزل لايحمل فى يدة شيئا، ولكنهم كانوا خططوا لقتل المتظاهرين فى جمعة الغضب، بأوامر من حبيب العادلى». محمد عبدالحميد، (43 عاما) عامل، والذى فقد عينه اليمنى خلال المظاهرات قال: «إعدام العادلى لابد أن يكون فى مكان آخر غير التحرير حتى لا يلوث الميدان الطاهر بدماء الشهدا الذين تساقطوا واحدا وراء الاخر على ايدى الضباط والقناصة الذين اعدهم العادلى». وأضاف: «ضابط شرطة أطلق النار على عينى من مسافة لا تزيد على 20 مترا من خلال بندقية ليزر، وشعرت بعدها أن كتلة من النار دخلت عينى ولم اشعر بنفسى إلا فى المستشفى وبجوارى العشرات من المصابين فى أعينهم، من الذين أفقدهم العادلى البصر». أسرة الشهيد احمد عبدالقادر التى حضرت منذ الصباح امام المحكمة تقدمتها والدته العجوز، والتى كانت تحمل صورته وترتكن بجوار سور المحكمة تبكى نجلها وتصرخ: «حقك هايرجعلك يابنى.. والله هايرجع وانا واقفة امام المحكمة علشان اسمع الحكم بنفسى علشان ارتاح وأريحك». وقال والد الشهيد سلامة محمد: «حضرت ومعى محامٍ من أجل المطالبة بالحق المدنى فى القضية،وحصلت على تصريح من رئيس المحكمة لدخول قاعة المحكمة، ولكن للأسف الشديد الأمن منعنى من الدخول ولا أعلم لماذا..فكيف احصل على حق ودم ابنى من العادلى ومساعديه وأنا خارج المحكمة، وقد طلبت من القائد المخصص للمحكمة ذلك ولكن دون جدوى». وأضاف أنه سوف يتقدم بطلب إلى الحاكم العسكرى بضرورة تخصيص قاعة أكبر لمحاكمة العادلى حتى يتثنى للجميع حضور الجلسات. اما والدة محمود حسين الذى استشهد فى ميدان التحرير فقالت، إن نجلها «كان ينفق على أسرة مكونة من 5 أفراد بعد وفاة والده، وتعرض للظلم كثيرا فى حياته ولذلك كان معارضا للحكومة، وعندما علم من الانترنت بالمظاهرة ترك كل شىء وأصر على التظاهر السلمى مع زملائه وكان يردد كلمة واحدة منذ بداية التظاهر وهى انه سوف يموت شهيدا من اجل الوطن، ولذلك لن اترك حق الشهيد يذهب ادراج الرياح ولو وجدت العادلى او مساعديه امامى لشربت من دمائهم مثلما قتلوا ابنى ودمروا مستقبل العائلة، ولن أتنازل عن إعدام المجرمين». وقال والد الشهيد محمد السمين: «كنت بجوار نجلى اثناء استشهاده، كان خرج خلفى وأصر على الذهاب إلى المظاهرة يوم 28 واثناء التظاهر السلمى وقفت فى ميدان عبدالمنعم رياض حتى اتمكن من دخول التحرير ، واندفعنا جميعا نحو الحواجز الامنية والشرطة رغم القنابل المسيلة للدموع التى اطلقها الضباط، وفور دخولنا إلى ميدان التحرير من جهة عبدالمنعم رياض كانت الطلقات النارية تنطلق من كل اتجاه نحو المتظاهرين، وفجأة لم أجد محمد بجوارى فاعتقدت انه امامى او خلفى ولكن احد المتظاهرين أكد استشهاده، فعدت إليه لأجده ممددا على الأرض، وأثر طلقة فى صدره دون أى آثار للدماء حول مكان اختراقها لجسده، واستشهد إلى جواره 5 أشخاص. وأسفل شجرة قصيرة جلست ام الشهيد بهاء ابراهيم وبجوارها زوجته و3 أطفال يرتدين الملابس السوداء، وفى يد الأم صورة نجلها،وقالت: «حضرت لكى احصل على حقى من حبيب العادلى الذى قتل ابنى وحرض على قتل المتظاهرين»، عقد محمد الدماطى القائم باعمال لجنة الدفاع عن الشهداء والمصابين مؤتمرا صحفيا خارج المحكمة لعدم تمكنه من حضور الجلسة بسبب التعنت الامنى وامتلاء القاعة، وطالب بنقل المحاكمة إلى مكان كبير لاستيعاب اسر الشهداء والمصابين ومحاميهم وان تكون المحاكمة علنية. وأشار إلى انه «يمكن نقل المحاكمة إلى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر او فى ميدان التحرير او غيره من الأماكن التى تكفل محاكمة عادلة وعلنية».