"الأنباء عن صفقات السلاح بين مصر وروسيا ناقوس إنذار للولايات المتحدة، التي يمكنها إيقاف الأمر والضغط على مصر بوسائل كثيرة"، هكذا حذر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، وفق تقرير نشره على موقعه الإلكتروني. وقال المركز إنه "وفقًا لعدة تقارير نشرت في نهاية أبريل الماضي، فإن مصر توشك على توقيع صفقة سلاح كبيرة مع روسيا لامتلاك 24 طائرة من طراز ميج 35"، مضيفًا أن "صعوبات في تلقي السلاح من الولاياتالمتحدة هي التي دفعت القاهرة إلى موسكو، إلا أنه بالرغم من ذلك فإن الأنباء عن تلك الصفقة يثير عدة تساؤلات بالنسبة لإسرائيل". وأضاف أن "طائرة الميج 35 تم عرضها في الهند للمرة الأولى عام 2007، وهي نسخة متطورة من طائرة ميج 29 الأقدم، وتتميز بمنظومة معلومات متطورة ومنظومات دفاع مستقلة، كما يمكنها تنفيذ العديد من المهام، وقدراتها مذهلة بالأخص فيما يتعلق بمهاجمة أهداف على الأرض أي كانت الحالة الجوية، بل إنها مزودة أيضا برادار zhuk-ae متطور، ولديها مجموعة من المحركات المتطورة". وأشار المركز إلى "أنه منذ عام 1979 تسلح الجيش المصري بعتاد من الصناعات العسكري الأمريكية التي أعطت القاهرة معونة سنوية 1.3 مليار دولار، وعلى الرغم من ذلك اتجهت مصر لدول أخرى لامتلاك السلاح من بينها روسيا، إلا أن العلاقات مع واشنطن بدأت في التجمد منذ أحداث الربيع العربي وفي أغسطس 2011 ألغت الولاياتالمتحدة مشاركتها في المناورة العسكرية (النجم الساطع) بسبب الوضع السياسي في أعقاب إسقاط الرئيس الأسبق حسني مبارك، وعلى الرغم من ذلك في عام2012 استمرت المعونة العسكرية لمصر". إلا أن هذا الوضع يقول التقرير "تغير بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في بدايات يوليو 2013، على الرغم من أن الولاياتالمتحدة منحت مصر 4 طائرات من نوع إف 16، في نفس الشهر يوليو وذلك ضمن صفقة تضم 40 طائرة تم توقيعها عام 2010، وفي أبريل 2014 سمحت الإدارة الأمريكية بتزويد مصر بمروحيات الاباتشي، كما أرسلت السفينة الأولى من نوع امبسادور (من أصل 4 سفن) لسلاح البحرية المصري". وأضاف أن الصعوبات التي قابلتها مصر في الحصول على السلاح من الولاياتالمتحدة تفسر سبب اتجاهها إلى روسيا، هذا التوجه عبر أيضًا عن إظهار مصر عدم رضاها من سلوك واشنطن تجاهها. وأوضح التقرير أن الأنباء التي ترد مؤخرًا عن صفقة سلاح بين القاهرةوموسكو تثير تساؤلات؛ أولا على الصعيد التقني، فالحديث يدور عن ثقافة تكنولوجية مختلفة تمامًا عن نظيرتها الأمريكية، الجيش المصري وبالأخص سلاح الجو التابع له، مرًا بمسيرة معقدة في سنوات الثمانينيات وبعدها، حيث انتقلا من التكنولوجيا والنظام السوفييتي إلى نظيريهما الأمريكيين. وتابع: "بالرغم من أن المصريين مستمرون في تشغيل منظومات روسية بالأخص فيما يتعلق بالدفاع الجوي، إلا أن التزود والتسلح بطائرات حديثة روسية يستلزم إقامة منظومة لوجيستية حديثة تختلف عن تلك المتعلقة بالطائرات الأمريكية، فالحديث لا يدور عن كمية من الطائرات فقط، وإنما الحديث أيضًا عن مجموعة من المنظومات العسكرية الحديثة". ووصف المركز، الوضع الاقتصادي المصري منذ 2011 بأنه "سيء جدًا، وهناك شك في أن تتمكن القاهرة من تمويل صفقات سلاح غالية من هذا النوع، وبالرغم من الأنباء عن تمويل السعودية والإمارات للصفقات إلا أن هناك شكوك حيال هذا أيضًا، فتمويلهما للقاهرة على خلفية تهديدات واشنطن بإيقاف المعونة سيظهر السعودية والإمارات كدولتين تقفان ضد الولاياتالمتحدة". وأضاف: "ثالثًا، على الرغم من غضب القاهرة على الرئيس أوباما والولاياتالمتحدة، هناك شك أن القاهرة جاهزة بالفعل لقطع علاقتها مع أمريكا والتنازل عن المساعدات الأمنية التي تمنحها لها". وبعنوان فرعي "البعد الروسي"، قال المركز الإسرائيلي إن "الصفقات المتحدث عنها هي جزء من جهود روسيا لتحسين مركزها الإقليمي؛ والذي تزعزع في سنوات الربيع العربي، وفي إطار هذا بدأت موسكو خلال العام الماضي تبذل جهدًا مضنيًا للتقارب من جديد مع دول المنطقة، ومن بينها تلك الدول التي كان لها معها في الماضي علاقات من التعاون، وعلى هاش هذا التقارب عادت روسيا إلى دبلوماسية التزويد بالسلاح؛ ومثال على ذلك علينا أن نذكر العراق ولبنان والأردن، بل إن العلاقات بين موسكو والرياض وبالرغم الخلافات الجذرية بينهما، تتضمن بحث صفقة سلاح كبرى. وأضاف: "مؤخرًا نشهد تغيرًا إضافيًا في سلوك روسيا تجاه الشرق الأوسط، على خلفية أحداث الأزمة الأوكرانية التي يوليها المجتمع الدولي أولوية، وتحولت إلى حلبة صراع بين القوتين العظميتين، في ضوء هذا، تم اختيار منطقة الشرق الأوسط من قبل موسكو، كجبهة إضافية للصراع العالمي ضد الغرب، وذلك لموازنة الضغوط على موسكو في شرق أوروبا، ومن هذا المنطلق يمكننا الإشارة إلى تزايد النشاط الروسي في القطاع السوري، فموسكو تزيد من نشاطاتها بكل مكان يمكنها الوصول إليه في المنطقة بهدف نقل رسائل تحدي ضد الغرب، وفي ضوء هذا يكون واضحا اهتمام روسيا الملحوظ بتنفيذ الصفقات مع مصر، فهي من خلال هذا ستحسن مركزها الدولي". وختم المركز تقريره بالقول: "إذا ما نفذت صفقات السلاح بين مصر وروسيا، سيكون ذلك حدثا كبير الأهمية على الصعيد الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وسيمثل درجة أخرى من درجات تدهور الولاياتالمتحدة وتواجدها ودورها بالمنطقة، وسيعتبر الأمر بمثابة انتصار لموسكو ، وإنجاز استراتيجي في صراعها مع الغرب". وأضاف: "بالنسبة لإسرائيل، فإن ما يقلق هو المعنى الاستراتيجي للأمر، مع تزايد المواجهة بين روسيا والدول الغربية، ووضعها قدمها من جديد في القاهرة"، لافتة إلى أن "هناك العديد من العقبات في طريق تنفيذ الصفقات بين القاهرةوموسكو، منها الفنية ومنها التنفيذية ومنها الاقتصادية، لكن أهم العقبات هي السياسية والاستراتيجية؛ فالولاياتالمتحدة ما زال لديها وسائل كثيرة يمكنها من خلالها الضغط على القاهرة لوقف تنفيذ الصفقات، ولهذا يمكننا أن نرى في الأنباء عن الصفقات ناقوس إنذار لصناع القرار بواشنطن".