قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة إن التعامل الأمني مع مشكلة سيناء لن يجدي نفعا، مشيرا إلى أن طريقة أجهزة الأمن, خصوصا في عهد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي كانت بها تجاوزات كثيرة جدا, أدت إلى تأليب الأهالي ضد قوات الأمن، ما جعل المنطقة حاضنة ل "الإرهابيين", الذين قدرهم ب12 ألف شخص. وأضاف نافعة في تصريحات لقناة "الجزيرة" أن اتفاقية السلام مع إسرائيل قسمت سيناء إلى ثلاث مناطق عسكرية، إحداها غير مسموح بوجود أي نوع من السلاح فيه، ما جعل الدولة أيضا عاجزة عن بسط الأمن الحقيقي هناك. ونبه أيضا إلى الدور, الذي لعبه "الفساد" في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك, في عدم تنفيذ السياسات التنموية في سيناء. وشدد نافعة على أن قضية سيناء هي قضية وطنية لا ينبغي المزايدة عليها، مبينا أنها أهملت سابقا، كما أن قلة عدد السكان في سيناء يمثل عامل جذب للجماعات "المتطرفة". وأشار إلى ورود مواد في دستور العام 2014 تتحدث عن التنمية والتعمير في الجزيرة بصورة أقوى مما ورد في دستور 2012. وكان المرصد المصري للحقوق والحريات أصدر تقريرا عن عمليات الجيش المصري في شمال سيناء, تحدث فيه عما سماها "انتهاكات ممنهجة ترتكب هناك". وكشف التقرير الذي حمل عنوان "حينما تصبح الجرائم مجرد أرقام وبيانات" أن العمليات الميدانية في شمال سيناء خلفت مقتل 200 شخص واعتقال نحو 1500، وكذا هدم أكثر من 350 منزلا منذ 3 يوليو الماضي، معتبرا أن هذه الانتهاكات, تتم تحت ذريعة الحرب على "الإرهاب" في شمال سيناء. وتحدث التقرير الذي تزامن صدوره مع الذكرى ال32 لتحرير سيناء, ونشرته قناة "الجزيرة", عن مخالفة العمليات العسكرية في المنطقة "للقوانين والمبادئ القانونية التي تحيلها إلى جرائم ضد الإنسانية"، حسب التقرير، متحدثا عن "قتل خارج إطار القانون, وكذا التعذيب والاعتقال التعسفي ضد مئات المصريين". وجاء في التقرير أيضا أن مصطلح "الحرب على الإرهاب" ليس "صك غفران" يمنح للجيش الحق في فعل ما يشاء دون أساس قانوني، مشيرا إلى أن بيانات المتحدث العسكري نفسها أصبحت "أداة تشرعن بها الانتهاكات" بسبب إطلاق الاتهامات بالتكفير والإرهاب والخطر, دون توضيح "الأطر القانونية" المعتمدة لإطلاق هذه الأحكام. وأكد المرصد أن التصدي للأنشطة "الإرهابية" المتزايدة في منطقة سيناء ومعاقبة مرتكبيها يستوجب "مراجعة جذرية للسياسات الفاشلة في مكافحة الإرهاب" في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي، خاصة فى سيناء منذ العام 2004، مطالبا النظام المصري بالبحث عن "خيارات بديلة" عن الحل الأمني، والعمل من أجل إحداث "تنمية حقيقية في شبه جزيرة سيناء والتصالح مع الأهالي والقبائل المتضررة وتعويضها". ومن جانب آخر, أوضح المرصد المصري للحقوق والحريات أن الأوضاع في شمال سيناء "شديدة الخطورة" بالنسبة لعمل الإعلاميين والباحثين الحقوقيين، وذلك بسب ما سماه "القمع الأمني" والاستهداف المباشر لكل من يحقق في الانتهاكات المرتكبة، وهو ما يجعل الجيش وأجهزته الإعلامية تمثل الصوت الوحيد للحديث عما يحدث في المنطقة. وطالب المرصد بفتح المجال أمام الإعلام لإطلاع الرأي العام على ما يحدث في سيناء، داعيا إلى تشكيل لجان لتقصي الحقائق تتضمن ممثلين عن المجتمع المدني في قبائل سيناء وإحالة المسئولين عن الانتهاكات إلى المساءلة القانونية.