في أحدث فصول الحرب المستعرة ضد الإسلاميين التي تصاعدت حدتها خصوصًا منذ إقرار التعديلات الدستورية، بدأ حزب "التجمع" ذو التوجه اليساري حرب تصفيات حسابات مع التيار الإسلامي، في ظل العداء الذي يكنه بشكل خاص لأصحاب التوجه الإسلامي، وتمثل ذلك في القرار الذي أصدره القيادي البارز بالحزب، الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التضامن الاجتماعي، بحظر السماح بتشكيل أي جمعية للسلفيين أو "الإخوان المسلمين" تحمل أسماء تعبر عن هويتها، كما كشف العديدون ممن تقدموا بطلبات تأسيس جمعيات دون أن يكون هناك مبررات موضوعية لهذا الرفض، أو إظهار السبب الذي يحول دون منحها الترخيص اللازم. فقد كشف الدكتور حمدي عبيد الأمين العام ل "الهيئة العالمية للسنة النبوية" ل "المصريون" عن قيام الوزير بإصدار تعليمات شفهية تحظر قبول أي طلبات لإشهار جمعيات خاصة بالتيارات الإسلامية سواء السلفية أو جماعة "الإخوان" أو غيرها، وهو ما اعتبره تعنتًا من جانب الوزارة والوزير تجاه التيارات الإسلامية، ومؤشرًا يدق ناقوس الخطر حول إقصاء تيارات بعينها من ساحة العمل الاجتماعي لصالح تيارات أخرى. وأكد عبيد قيام أكثر من مجموعة منسوبة للتيار السلفي بأكثر من محافظة، والإسكندرية خاصة بتقديم طلبات لإشهار جمعيات تحمل اسم السلفية أو أسماء دينية كجمعية "الدعوة السلفية أو أبناء السلف" كي يقوموا بتقنين وضعهم القانوني كي لا يتم ملاحقتهم قانونيا، لكنهم فوجئوا بعدم موافقة الموظفين المختصين على تلك الطلبات، مرجعين ذلك لكونها تحمل اسم السلفية، وأن لديهم تعليمات من الوزارة بعدم قبول مثل تلك الطلبات إلا بعد أن يتم تغيير الاسم حتى يتم إكمال إجراءات الإشهار. لكنه أشار إلى رفض المتقدمين بالطلبات هذا الأمر، لكون تلك الأسماء أصبحت علمًا على كيانات يرجع تاريخ إنشاء بعضها إلى أكثر من عقد أو عقدين من الزمان أو أكثر بكثير، وأصبح الاسم مرتبطًا بالذهن لدى الجمهور. وأضاف أنه عندما طلبوا من الموظفين الإفادة بذلك في الطلب، وذكر سبب عدم القبول، وهو "حتي تغيير الاسم"، أو إظهار ما يثبت رفض الطلب من الأساس حتي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية، لكنهم رفضوا أيضًا طالبين منهم عدم وضعهم في مشكلة مع الوزارة، كاشفين لهم أن تلك تعليمات شفهية صدرت من الوزير نفسه بالامتناع عن قبول مثل تلك الطلبات وعدم كتابة الرفض ليبقي الموضوع على المشاع. وأشار إلي أنه تم تصعيد الموضوع ببعض المحافظات إلى الوزير شخصيا، وقام بعض من هؤلاء الأشخاص بمقابلة سكرتارية الوزير، وقوبلوا بالرفض ذاته تحت مبرر أن الوزير أصدر تعليمات بعدم الموافقة علي تلك الطلبات وأكد على منع إشهار تلك الجمعيات، بزعم أنها جمعيات فئوية وقائمة على أساس ديني، مشيرا إلي أنه كان هناك أربعة طلبات لإشهار جمعيات تابعة لأعضاء بجماعة "الإخوان المسلمين" تم رفضها أيضًا للأسباب ذاتها. ووصف عبيد القرار بأنه يعكس التعنت من جانب الوزير ومحاولة لتحجيم للعمل الاجتماعي من جانب بعض التيارات المستحوذة علي القرار، في استجابة للتوجهات والضغوط الغربية التي نسمع عنها كل يوم لتحجيم التيار الإسلامي حتي في العمل الاجتماعي. وأشار إلى أنه طالب هؤلاء الأشخاص الذين قاموا بتقديم تلك الطلبات برفع دعاوى قضائية أو تقديم بلاغات ضد الوزارة رلضها إشهار جمعيات تحمل اسم السلفية، خاصة أنه يتم القبول بشكل مباشر لطلبات إشهار جمعيات تحمل أسماء لشخصيات اشتراكية أو رأسمالية مشهورة أو حتي شعارات دينية مسيحية لأي طائفة من الطوائف، لافتا إلى أن هذا حق يكلفه القانون الذي لا يرغم أحدا على وضع اسم بعينه. ووصف عبيد سبب الرفض الأساسي بأن تلك الجمعيات "فئوية" بأنه "سبب واهٍ" لأن كافة الجمعيات تقوم في الأساس علي أساس فئوي، فعندما يتم عمل جمعية باسم جمعية أبناء النوبة أو أبناء سوهاج أو جمعية مرضي السرطان فإنها تقوم بخدمة الفئة التي تحمل اسمها فقط، متسائلا: لما يتم استثناء الجمعيات الإسلامية بحجة أنها فئوية وخاصة في ظل وجود جمعيات تحمل أسم شعارات مسيحية؟. وأضاف إن هناك بعضًا من تلك الجمعيات نفذ صبرها ورضخت بالفعل للقرار وقامت بتغيير اسم جمعيتها ليحمل اسما آخر لا يعبر عن التوجه السلفي أو التيار الإسلامي بشكل عام، حتي يتم الموافقة علي طلب الإشهار. وكشف مصدر ل "المصريون"- فضل عدم نشر اسمه- عن تجربته المريرة التي خاضها من أجل الحصول على الترخيص لجميعة، إذ أنه أقدم على طلب الإشهار، كي يعمل في النور لكنه فوجئ بهذا القرار غير المبرر وغير المقنن. وقال إنه قام بمقابلة عدد من المسئولين بمديرية الشئون الاجتماعية في المحافظة التابع لها، وأكدوا له أنه لن يتم الموافقة علي الطلبات طالما الجمعية تحمل اسم دينيا معللين ذلك بأنهم لا يريدون أمورا فئوية بالجمعيات كالسلفية أو الإخوان أو غير ذلك. وأكد أن تلك التعليمات صدرت بتوصيات من الوزير صاحب التوجه اليساري شخصيا بعدم تسمية الجمعيات بأسماء سلفية أو أخوانيه أو غيرها،. وكشف المصدر ذاته أنه قام بعدد من المقابلات هو وعدد من الأشخاص بمسئولين بمكتب الوزير وأكدوا له نفس الكلام، وأن أحدا منهم تحدث مع الوزير هاتفيًا وأكد له القرار على لسانه. من جانبه، ندد عبد المنعم عبد المقصود محامي جماعة "الإخوان المسلمون" بتعنت وزارة التضامن بعدم موافقتها علي طلبات الإشهار، مؤكدا أن عدم ذكر أسباب رفض الطلبات "مخالف للقانون"، ورأى أن "ما يحدث يرجعنا مليون خطوة ويعيدنا إلى عصر الرئيس السابق حسني مبارك بل وأسوأ منه، ففي ظل النظام السابق كانت الحجة هي عدم موافقة الأمن أما الآن فما يحدث هو شغل بلطجة"، على حد تعبيره. وأعرب عن تضامنه الكامل مع هؤلاء المطالبين بإشهار تلك الجمعيات أيًا كان توجههم، موضحًا أنه طالما أن القانون الحالي لا يزال مطبقًا فأنه يتيح الفرصة لأي عابث أنه يعبث بالقانون الذي وصفه بأنه "سيئ السمعة"، ولكن وبرغم من هذا فلا يعطي مبررًا لوزير التضامن أو لغيره أن يلجأ لمثل هذه الأساليب لعدم إشهار جمعيات بعينها، ومن حق المتضررين أن يرجعوا إلى مجلس الدولة، إذ أنه في مثل هذه النوعيات من الدعاوى سيعطي القضاء الحكم لرافع الدعوى. وأبدي عبد المقصود تخوفه من تلك السياسة التي ينتهجها الوزير المحسوب على التيار اليساري في التعامل مع التيارات الإسلامية، متمنيا إلا نرجع إلة خطوات للوراء بمثل هذه الأفعال خاصة بعد الثورة وتكاتف كافة القوى السياسية، فلم يعد يصح أن نقول ونصف ألإخواني واليساري وما إلى ذلك، فهذا يهدر كل ما فعلته الثورة. وشاطره الرأي، ممدوح إسماعيل عضو مجلس نقابة المحامين قائلاً إن هذا التعليمات غير قانونية علي الإطلاق وغير دستورية وغير ملزمة لرؤساء الإدارات في الوزارة وفي المحافظات، فيجب على الوزارة أن تقدم تبريرا قانونيا لعدم الموافقة، ومسألة تغيير الاسم فيها نوع من الخروج عن القانون والدستور، لأنه طالما أن الاسم في حد ذاته لا يعني دعوة للخروج عن القانون أو الإعلان الدستوري، فبالتالي وجب عليهم الموافقة عليه. وأشار إلى أن الخطير في الأمر هو أن تلك التعليمات جاءت من قيادي بارز بحزب "التجمع" اليساري ذي التوجه المعادي للفكر الإسلامي والمذكى من الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء، والذي اتهمه بأنه يبذل كل ما يستطيع لمحاربة التيار الإسلامي عبر ما يملكه من أدوات إعلاميه وأدوات سلطوية. ورأى المشكلة أن ينصاع رجل مثل جودة عبد الخالق لهذه المسألة، وطالب كل من تضرر من هذا الموقف باللجوء لمجلس الدولة، لأنه سيصدر حكمًا في صالحة، معلنا عن تضامنه مع كل المتضررين من تلك القرارات التوصيات الوزارية غير القانونية. ورغم أنهم لم يتحكموا في الحكومة بشكل قوي كما يرى اسماعيل إلا أنه يقول إنه من الواضح للجميع أن المعادين للتيار الإسلامي متحكمون في وسائل الإعلام، مطالبا الإسلاميين أن يفضحوا تلك الحملات المنظمة للشعب ولمجلس الوزارة والمجلس العسكري. وطالب القنوات الفضائية الإسلامية بالقيام بحملة مضادة تفضح تلك الحملات علي الإسلام وكل ما هو إسلامي وترد بأسلوب حضاري وواضح ومهني، وإلا فإن لم تقم بهذا فهذا فشل في أداء جزء من دورها المهم.