حتى يبرأ الجرح النازف ويشفى المريض، يقوم الطبيب الماهر، بتنظيف الجرح وتطهيره قبل مداواته ، حتى لا يندمل الجرح على القيح والتلوث الميكروبى ،ويفقد المريض حياته، وهذا بالضبط هو ماتحتاجه مصر اليوم من أبنائها حكاماً ومحكومين ، وهى تحاول الفكاك والنجاة من أزمتها الخانقة، السياسية والإقتصادية والإجتماعية ،والتى تمسك بتلابيبها ،وتضغط بقوة على رقبتها لإزهاق انفاسها ولتكون أثراً بعد عين ،حتى لاتعود لمصر عافيتها ،وتكون رائدة لعالمها العربى ،ودولة إقليمية قوية بمنطقتها ،تملك من أدوات القوة الخشنة والناعمة مايؤهلها للدفاع عن مصالحها أمام قوى الشر والعدوان التى تبغى إشاعة الفوضى الخلاقة بمصر والمنطقة العربية وتفكيكهما ، توطئة لإعادة الترتيب والتشكيل من جديد ، حسبما يتفق ومصالحها الإمبريالية والصهيونية. ومن ثم فإن المتغيرات العنيفة والصادمة بمنطقتنا،تقتضى منا ونحن على أبواب إنتخابات رئاسية مرتقبة وهامة ، أن ننشط ذاكرتنا الوطنية والتاريخية ، وأن نفسح المجال أمام رؤيتنا، لنلقى نظرة طائر على واقعنا المصرى ،ماضيه وحاضره ، حتى نستطيع ترتيب أوراقنا ، وتحقيق الإصطفاف الوطنى لجماهير شعبنا ،ومعالجة عيوبنا التى تعرقل مسيرة الوطن نحو التقدم والرفاهية والديمقراطية والحكم الرشيد . إن آمال الجماهير المصرية التواقة( للعيش والحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية) ،والتى عبرت عنها ثورة "25"يناير المجيدة وموجتها التصحيحية فى "30" يونيو،قد أصبحت المعضلة الكبرى التى سوف يواجهها الرئيس المنتخب القادم ،حيث إتفقت غالبية الشعب المصرى على النضال السياسى السلمى من أجل تحقيقها، وعدم نسيان دماء وأرواح خيرة شباب مصر ،الذين أستشهدوا وهم يهتفون بشعاراتها ، لكى تتبوأ مصر المكانة اللا ئقة بها "موقعاًوموضعاً"ً بين الأمم الحرة والمتحضرة . لهذا نقول: بدون أدوات مكياج نجمل بها كلماتنا ،و لهواجس نستشعرها ويفهمها القارىء من سياق المقال، أن الرئيس القادم إذا إعتقد أنه يمكنه حكم مصر، على طريقة من سبقه من الحكام الطغاة ،الذين طبقوا عليها جميع أنواع نظم الحكم السياسية واللاديمقراطية ،التى تحتقر إرادة الجماهير ،وتستهين بقوة رأيها العام، وقدرتها على تغيير حاكمها الظالم بالدستور أوبالفعل الثورى ، و تخلط المفاهيم السياسية بالقيم الأخلاقية ،وتستخدم الدين لدغدغة مشاعر الجماهير وخداعها ،وتعتمد على شخصية الزعيم أوالرئيس السادية ،المستبدة والمتسلطة، لترويض الجماهير حتى تنمى لديها الرغبة فى الخضوع والإستسلام لقوة أعلى والتسليم والإنقياد لها وفق نظرية القطيع ، فإن ذلك –لاقدر الله إن حدث - يكون الرئيس القادم قد إرتكب خطاً وجرماًكبيراً ، يفجر الأوضاع فى مصر ويجعلها تدخل نفقاً مظلماً ليس له مخرج ،ويعرض أمنها القومى وسيادتها وإستقلالها للخطر ،ويحولها لدولة فاشلة ويفقدها لأول مرة فى تاريخها القديم والمعاصر ،ماتميزت به من قدرة على مقاومة التفكك والإنهيار، إذاهزمت أوتعرضت لكارثة ،مثلما حدث بالأمس ويحدث اليوم فى العراق على سبيل المثال لاالحصر. إذن ما العمل؟ ! الرئيس المنتخب القادم لمصر،عليه أن يحترم ويتعظ من عبرالتاريخ المصرى والإنسانى ، و أن يوفر على مصر الوقت ،ويجنبها التناحر وإدمان الجهلوالإستخدام السادى للقوة، ضد الجماهير السلمية ،المتعطشة للحريات والديمقراطية الحقيقية والحكم الرشيد، والمتشبسة بكل ماحققته من مكاسب ضد حكم الطغيان خلال مسيرة نضالها، والتى دفعت ثمناً كبيراً لها من الدماء والدموع و أرواح الشهداء البررة . إن كنت رئيساًلمصر ، عليك إيجاد صيغة تشاركيه مع شعبك، لحل معضلة كيفية فرض السلطة للأمن والإستقرار على ربوع مصر، دون تغول من النظام الحاكم على القانون والحريات العامة والخاصة، ودون إنتهاك لحقوق الإ نسان المصرى وكرامته، وأن تلتزم بخيارات شعبك وأن تعلم أن خلاص مصر وسلامتها وتقدمها يكون من خلال حكم دولة القانون التى يكون فيها الجميع أمام القانون سواء ،وفى الطليعة منهم الرئيس المنتخب القادم ،الذى يؤمن عن- عقيدة وبدون إدعاء كاذب -أنه خادم الشعب ،وأن" السلطة المطلقة مفسدة مطلقة "،وأن "الطغيان يبدأ عندما تنتهى سلطة القانون ،أى عند إنتهاك القانون ،وإلحاق الأذى بالأخرين ....وأن الشرطى الذى يجاوز حدود سلطاته يتحول إلى لص أوقاطع طريق و كذلك كل من يتجاوز حدود السلطة المشروعة سواء كان موظفاً رفيعاًأم وضيعاً، ملكاً أم شرطياً .بل جرمه يكون أعظم إذا صدر عمن عظمت الأمانة التى عهد بها إليه " فهل هناك امانه أعظم من مصر، نأتمن عليها خادم الشعب رئيسنا المرتقب؟،الذى نتمنى أن تصدق عليه مقولة الإقتصادى الفرنسى العظيم "فرنسوا كيناى "(ماذا تفعل لو كنت ملكا..؟ ومن يحكم ..؟ القوانين...!) .