دولة مصر لها وزنها وموقعها الاستراتيجي بين الدول العربية، وكذلك شعب مصر له وزنه ومكانته بين الشعوب العربية، ولذلك لا نستغرب أن أعداء الأمة حاولوا ومازالوا يحاولون تحييد وعزل مصر عن القضايا العربية والإسلامية. وإذا تحدثنا عن إسلاميي مصر فكذلك نجد أنهم يحتلون مرتبة القيادة والريادة لجميع الإسلاميين في العالم، وإذا قلنا إسلاميي مصر فإن الحديث يتوجه إلى أكبر تيارين وهما تيار الإخوان وتيار السلفيين. واختلاف الإخوان والسلفيين حول طرق الإصلاح سهّل الخلافات بينهما وأعطي الساحة خصوبة عالية لنمو الشائعات والاتهامات بين الطرفين وهو الأمر الذي ظهر في مختلف الهيئات والمؤسسات وأماكن العمل المشترك بين بينهما. وبعد انزياح نظام حسني مبارك الذي كبّل التيارات الإسلامية استبشرنا خيراً ، وفتحنا أبواب الأمل المشرق، وقلنا هي فرصة أمام المصريين جميعاً ليبنوا وطنهم ، وتعود مصر إلى موقعها القيادي، ولكن للأسف فوجئنا بعودة الخلافات والنزاعات بين التيارين الإسلاميين الرئيسين، وسمعنا من يتهكم على السلفيين ومواقفهم من الثورة، ومن يتهكم على بعض فتاوى السلفيين وتحريمهم للمظاهرات ...، واحتدم الصراع حول التعديلات الدستورية ، وأصبح كل فريق يتصيد أخطاء الفريق الآخر وهكذا. وأقول للفريقين: اتقوا الله في مصر وفي شعبها ، ليس هذا وقت الاختلاف والصراع؛ بل هو وقت رص الصفوف وتوحيد الجهود، فما أحوج الجميع إلى التناصح لا إلى التفاضح. وللإنصاف أعجبني في هذا السياق موقفان : موقف الشيخ محمد حسّان - الداعية الإسلامي- وأحد قادة الحركة السلفية في مصر، حيث أعلن في القنوات الفضائية أن السلفيين سيدعمون ويقفون خلف جماعة الإخوان في المرحلة المقبلة لأنها الأجدر بالمشاركة في الحياة السياسية كما أنها صاحبة تجارب في هذا الأمر علاوة علي أن الجماعة خلفياتها وتوجهاتها إسلامية وهي الأقرب لأفكار وآراء ومبادئ الحركة السلفية التي تسعي هي الأخرى الي خدمة الإسلام والمسلمين. والموقف الثاني موقف الدكتور حمدي حسن- القيادي بجماعة الإخوان المسلمين والمتحدث باسم الكتلة البرلمانية للجماعة في البرلمان السابق حيث صرّح: (إن إعلان الشيخ محمد حسان عن دعم السلفيين للإخوان في الفترة المقبلة شرف للإخوان ووسام علي صدورهم خاصة أنه خرج من شخصية معتدلة مثل الشيخ حسان الذي يحظي بقبول وجماهيرية كبيرة في الشارع المصري ويضاعف المسئولية الواقعة علي عاتق الإخوان خلال المرحلة المقبلة ودورها في خدمة الوطن والإسلام وجميع أبناء الشارع المصري). هذه مواقف العقلاء من الطرفين، فهذه التصريحات تعطينا الأمل بأن الخير لن ينقطع عن مصر يوما.