مازالت الاحتمالات مفتوحة لما يمكن أن تنتهي إليه الأمور في ليبيا. فعلى الرغم من أن تدخل قوات التحالف الغربي دعّم قوات المعارضة الليبية في مواجهة القوات الموالية للقذافي، إلا أن هذا التدخل قد لا يفضي حتمًا للنهاية المطلوبة - على الأقل من قبل الثوار - و هي إسقاط نظام القذافي وإقامة نظام سياسي جديد. تطور العمل العسكري للتحالف الغربي بواسطة قواته الجوية - الذي بدأ منذ تسعة أيام - في ليبيا ليتجاوز مجرد فرض منطقة حظر طيران. و استطاعت تلك القوات إيقاف تقدم القوات الموالية للقذافي تجاه معقل المعارضة في بنغازي، كما مكّنت قوات الثوار من التقدم و استعادة مدن إجدايبا والبريقة التي تبعد أكثر من 200 كيلو متر عن مدينة بنغازي. إلا أن سيناريو السقوط بالنسبة للقذافي مازال غير واضح، فالشكوك مازالت حاضرة حول قدرة قوات الثوار في التغلب على ما تبقى من القوات الموالية للقذافي، والتقدم والسيطرة على العاصمة طرابلس، أو من حيث مدى حيازة قوات الثوار - المدعومة من الغرب، والقادمة من أقصى الشرق - للقبول لدى سكان العاصمة. فقوات المعارضة التي استطاعت للتو السيطرة على على مدن إجدابيا والبريقة والتوجه للعقيلة وراس لانوف، ما زال يفصلها أكثر من حوالي 700 كيلومتر عن مدينة طرابلس. وعلى الرغم من التقدم الظاهر على الأرض في اتجاه الغرب، فإنه من الملاحظ أن هذا التقدم جاء بعد تكثيف قوات التحالف لضرباتها الجوية، وبعد فترة طويلة من الانتظار على مشارف إجدابيا، لم يستطع فيها الثوار معادلة مدى وقوة النيران لدى قوات القذافي. والظاهرأن قوات الثوار مازالت تعاني من المشكلات التي جعلتها تتقهقر في الأيام التي سبقت التدخل العسكري الغربي. فعدم التنظيم وضعف التسليح مازال قائمًا، فالذي يرجّح المعادلة لصالح الثوار حتى الآن هو غارات قوات التحالف. إلا أن هذا العامل قد لا يفيد الثوار إذا لجأت قوات القذافي إلى الحرب وسط المدن، والتخفّي بين البنايات السكنية. وانفتاح الطريق أمام الثوار بعد استيلائهم على إجدابيا والبريقة والعقيلة ووصولهم إلى مشارف راس لانوف، يرجّح احتمال تراجع القوات الموالية للقذافي ولجوءها إلى التحصّن بالمدن و استخدام تكتيك حرب العصابات؛ ليجعل من الصعوبة بمكان على طائرات التحالف استهدافهم. وقد تكون مدينة سرت هي الاختبار الأول والحقيقي في الوقت الحالي للثوار على الطريق إلى طرابلس. بالتأكيد ليس معنى هذا أن بإمكان القذافي البقاء حاكمًا - فهذا ليس خطرًا على شعبه فقط، بل على الاستقرار في المنطقة - ولكن الممكن هو عدم تمكّن الثوار وحدهم من القيام بتلك المهمة، ومن ثم طلب الدعم العسكري الغربي البرّي. الأمر الذي قد يعقّد الأمور . فهذه الخطوة قد تستنفر الليبين – خاصة الواقعين تحت حكم القذافي - ضد ما سوف يصبح احتلالا أجنبيًّا لليبيا. ومن ثم قد يخصم من شرعية الثوار وقضيتهم أمام الرأي العام الليبي والعربي. وبالتالي فإن احتمال عدم قدرة الثوار على الإطاحة بحكم القذافي بمفردهم قد يعرّض البلاد للانقسام ، في حين أن سعيهم لدعم عسكري مباشر على الأرض، يتجاوزر مجرد الدعم الجوي، قد يودي بشرعيتهم وشرعية ثورتهم. [email protected]