الحمد لله ، اشهد ان لا اله الا الله ، واشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وبعد . جاء الاعلان عن مجلس ادارة الدعوة السلفية في يوم الأحد الموافق الثالث عشر من مارس الجاري مخيباً للآمال ومحبطاً للعزائم ، التي استشرفت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير المباركة ،لمستقبل مشرق يجتمع فيه أهل السنة والجماعة في عموم البلاد تحت راية واحدة ، ويمهد لعمل اسلامي موحد ، ينتظم سائر الفصائل الإسلامية ويقيم الواجبات الكفائية الغائبة من نصب الإمام ، وتحكيم الشرع الشريف ورفع راية الجهاد في سبيل الله ونحو ذلك ، ويهئ لحياة اسلامية رائعة ورغيدة ، فإذا بالبيان يكرس للعزلة والإنقسام ، ويمنهج الحزبية ، ويقزم الدعوة ، وها هي عدة نظرات في هذا المجلس وبيانه . أولاً : نبدأ من عنوان البيان وهو ( بيان من الدعوة السلفية بشأن إعادة تشكيل مجلس إدارتها ) فالفقير كاتب هذا المقال هو أحد أبناء هذه الدعوة المباركة ، ولدت فيها من منتصف الثمانينات ولم أسمع قط أن للدعوة مجلس إدارة سابق على هذا النسق المذكور في البيان حتى يعاد تشكيله الآن إلا ما علم ضمناً لدى الجميع أن شيوخ الدعوة حفظهم الله هم الذين يديرونها بطريقةٍ او بأخرى . ثانياً : يظهر من البيان جلياً ان مجلس الإدارة المذكور سكندري صرف فهل الدعوة السلفية سكندرية كذلك ؟ فالمعلوم بلا نزاع أنها دعوة عالمية والواجب جمع الناس عليها ، فإذا أمكن الجمع لم يجز تركه ، وهذا زمانه قد آن وساعته قد حانت خاصةً بعد زوال النظام البائد الذي كان يمنع اجتماع الإسلاميين بكل قواه ، ويمعن في التفرقة حتى بين أهل المنهج الواحد والمدينة الواحدة ، فهل يعقل أن نفعله نحن بأنفسنا فنجأ بسكيننا بطوننا ، وتجني على نفسها براقش ، ألم تفتح لنا الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ذراعيها ؟ ألم توسع لنا صدر مجلسها ، وتلح في دعوتنا للاجتماع معها ؟ فلم إذاً تأبّينا عليها ؟ وها نحن نصنع مجلساً إدارياً موازياً أمعاناً في التفرق عن أشباهنا ، وإصراراً على البعد عن إخواننا ، وما بقى إلا أن نُقعد : السلفيون في الإسكندرية وتوابعها أمةً من دون الناس ، يسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم . ثالثاً : يقول البيان ( فنظراً لما تمر به مصر في الوقت الحاضر فقد تقرر تشكيل مجلس مؤقت لإدارة الدعوة ) والسؤال : من الذي قرر ؟ ومن الذي شكل ؟ إذ لا تُعرف للدعوة السلفية هيكلية ولا تنظيمات منذ أكثر من عشرين سنة . رابعاً : يقول البيان ( وذلك حتى يتم اختيار رئيس للدعوة بعد انعقاد الجمعية العمومية ) أما اختيار الرئيس فواضح للمتابع من الآن ن ولا يحتاج لانتظار ولا لانعقاد جمعية عمومية لا يدرى ما هي أصلاً ، وهو رقم (3) في المجلس الرئاسي الثلاثي ، حيث أن الأول وهو ( الشيخ المقدم – حفظه الله - ) فبطبيعته لا يميل للعمل الإداري ولا الرئاسي كما هو معلوم لمن عرفه وتابع خط السير الدعوي ، وأما الثاني وهو ( الشيخ : أبو إدريس – حفظه الله - ) فرجل لديه أعماله الخاصة وقد غاب تماماً عن الدعوة منذ أكثر من خمس عشرة سنة ، فيبعد – والحال هذا – أنه إذا عاد للعمل ورغب فيه أن يتجاوز المشاركة إلى القيادة فهذا يأباه العقل والواقع وذلك لمجانبته العمل لسنين طويلة ، فلم يبق إلا رقم (3) وهو الشيخ برهامي – حفظه الله – له تمام الجاهزية والتأهيل - حسب هذا الترتيب – مرشحاً فعلياً للرئاسة ! ،خاصة وقد استبعد الشيخ عبد العظيم – حفظه الله – من المجلس الرئاسي إلى مجلس الإدارة ، فهو الوحيد الذي يملك المنافسة القوية والضارية للشيخ برهامي حيث كانا كفرسي رهان خلال العشر سنوات الاخيرة ، فيبدو هذا المجلس وكأنه مفصل على قدر الشيخ برهامي ، كما فصلت المادة (76) على قدر البائد جمال بيه ، ويرجح هذا الفهم أمور : -* حصر المجلس الرئاسي في ثلاثة فقط يؤدي لاستبعاد الشيوخ – خاصة عبد العظيم – عن موقعهم الحقيقي والمعتاد كأمناء ورؤساء للدعوة طيلة العقود الماضية ، فمن صنع هذا الحصر وكأنها مادة دستورية لا تتجاوز ؟ ، ولماذا لا يكون المجلس الرئاسي سبعة فيستوعب إلى جانب الثلاثة الأكارم الشيوخ الأفاضل – عبد العظيم – فريد – حطيبة – حماد ، ولا بأس أن يُنتخب الرئيس من بينهم ويكون البقية مستشارون ، فيقود الناس شيوخهم ، كما هو بديهي ومعتاد ، فيمتنع الخلل ، ويتسق الصف الدعوى ، وتأتلف القاعدة السلفية على شيوخها ، وما المانع أن يكون المجلس الرئاسي عشرون أو خمسون من كل شيوخ السلفية عبر البلاد ؟ أم أن السكندرية قد صارت قبلة موازية وشرطاً في السلفية . -* استبعاد الشيخ عبد العظيم من المجلس الرئاسي مريب وغير موضوعي بالمرة ، فالشيخ من أكثر شيوخ الدعوة تحركاً ونشاطاً خلال مسيرتها التي بلغت أربعة عقود فكيف يستبعد ؟ ولمصلحة من ؟ وما هو المعيار الذي يترأس الناس به إذاً ؟ -* ذكر البيان انه لم ينتخب رئيس للمجلس حتى تنعقد الجمعية العمومية ، فهل يعلم سلفي في الدعوة أن هناك جمعية عمومية بالمعنى المعروف في الجمعيات والإتحادات الإقليمية ؟ وهل توجد الجمعية أصلاً ؟ وهل انعقدت هذه الجمعية العمومية ولو مرةً واحدة فيما مضى من عقود ؟ لماذا هذه التهويمات ؟ وما المقصود منها ؟ وبفرض وجود هذه الجمعية العمومية الموهومة – جدلاً – فالعجب من صدور مجلس إدارة بدونها ثم اشتراط وجودها لانتخاب الرئيس مما يعكس جهلاً شديداً بلوائح وتعليمات الجمعيات والإتحادات الإقليمية التي تنص على ان الجمعية العمومية هي التي تنتخب مجلس الإدارة ، وهو بدوره ينتخب الرئيس ومساعديه . -* يلاحظ في هذا المجلس حشد أسماء بعض أجلة الشيوخ لكسب الزخم والتأييد القاعدي السلفي للمجلس من جهة والتغطية على عدم شرعية صدوره من جهة ثانية ، والتستر على الغول الذي يختفي وراء الأكمة – من جهة ثالثة – أعني غول الحزبية – عياذاً بالله – الذي يهيمن على الدعوة ، ويديرها بالحديد والنار منذ أكثر من عشر سنين ظاهراً تارةً ومختفياً تارات ، بالرغم من أن هؤلاء الشيوخ الأجلة ، لا يشاركون فعلياً في إدارة الدعوة ، كالشيخ حطيبة مثلاً ، والذي لم يحضر الاجتماع أصلا ، ومن ثم الاقتراع ، وما سبق ذكره عن الشيخ أبي إدريس ، وكذا نلحظ غياب الشيخ حماد عن جلسة تشكيل الإدارة المزعوم بسبب سفره خارج القطر ، فلم يحضر الاجتماع ولا الاقتراع !! فكيف أختير عضواً في المجلس !! . -* قد علمنا أن هذا المجلس اقترع على اختيار المجلس الرئاسي الثلاثي ، فمن اقترع على مجلس الإدارة هذا ؟ ومن أين جاء ؟ ومتى ؟ وما أصل مشروعيته ؟ ومن أين استمدها ؟ ولماذا هذه الشخصيات بعينها ؟ أعني من دون الشيوخ الكبار ، مع كامل الاحترام والتبجيل والإجلال لهم جميعاً ، وأين الأجلة من أمثالهم ؟ وربما تميز بعض هؤلاء على بعض أولئك ! أين الشيوخ على غلاب ، ودخيل ، وأحمد النقيب ، وعبد الفتاح الزيني ، وإبراهيم زكريا ، وسامح قنديل ، وطارق منير ، ومحمد فوزي ، وأمين سليم ، وعلاء عامر ، وسعيد الروبي ، وعطية عبد السلام ، ومحمد إمام ، وسامي الدوانسي ، والقائمة لا تنحصر ، أم أن الولاء للبعض هو معير الاختيار أم أن تلك إرادة الحزب ؟ والإقصاء والمطاردة حظ من لم تنله تلك الإرادة . خامساً : ظنت الحزبية أن قد بلغت اليوم مناها بهذا المجلس – الصورة – وأنها سوف تكمم الأفواه المستنكرة لجلالة الحشد الكريم من الشيوخ ، ونسيت أن ميدان تحرير واحد قد حرر – بفضل الله – مصر كلها ! فكيف وللسلفية ميادين كثيرة ولن نستعبد بعد اليوم . -* ونحن في الدعوة السلفية ، مضطرين إلى ثورة على البالي والمتهرئ ، ثورة على الانفرادية والقطب الواحد ، ثورة على الانعزال والتقوقع ، ثورة على الحزبية المقيتة ، التي توالي وتعادي على الأشخاص – مهما علوا – إلا شخص النبي صلي الله عليه وسلم ، وتوالي وتعادي على الجماعات – مهما كثرت – وتوالي وتعادي على الجهات – مهما شرفت – إلا جهة القبلة المشرفة ، وتوالي وتعادي على الكتب والرسائل – مهما نفعت – إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم -* وأخيراً : فلا أظن هذا المجلس مجلساً للدعوة السلفية في كافة بلادنا مصر – بل ولا حتى في عموم الإسكندرية ، إذ لا يعدوا أن يكون مجلس دعوة لرجل واحد ، ولا يتعدى نطاق عمله سيدي بشر . وكتبه: فرحات رمضان من أبناء الدعوة السلفية