إن الحمد لله ، أحمده سبحانه وأستغفره وأستهديه ، وأشهد ألا إله إلا هو ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد فالتغيير صار موضة هذا العصر ، و صار شعار الكل ، وموضوع الندوات والحلقات والأبحاث ، بالتغيير ينادى العلماني ، والليبرالي ، والقومي ، وحواة الكرة ، وكهان الفن المزعوم ، والإسلاميون أيضاً بالتغيير ينادون !! إذن التغيير وإن تعجب هو مطلب للكافة ، بل إن الفرد العادي يحلم بالتغيير صباحاً ومساءاً، أي أن التغيير مطلب إجماع . لكن الأعجب أنك حين تبحث عن ذاك التغيير ، لن تجد ثمة تغيير يذكر ، لا ، بل بالعكس في الواقع ، بل أعجب من أعجب أن التغيير الحادث – إن يحدث- فهو تغيير سلبي ، أعنى تغيير للخلف ، تغيير للأسوأ ، إي والله ( إلا من رحم الله ). إذن وحتى لا ننسى ، نتفق أن الكل اتفقوا أن التغيير شعار العصر، ومطلوب الساعة ، وهو كلمة إجماع بين النخبة والعامة ، والواحد والكل ، وسلمنا أن الواقع يُقسم أن الوضع هو بين اللا تغيير وبين التغيير الكاذب أو التغيير الفاسد !! فأين السلفيون من هذا ؟ كثير من أهل الأرض يظنون بأن السلفيين ليسوا من أهل التغيير ، أو أن السلفيين لا يشغلهم إلا تغيير الأوجه باللحية ، وتغيير فى طول الثوب وغطاء الوجه ، وختان الأنثى ، ورضاع الرجل ، كثير من خلق الله يظن بأن السلفيين ضحية جهلهم بظروف العصر ، وفقه الواقع ، وأنهم لعبة في يد الحاكم ، وهذا يذكرني بصديق صاحب لحية كان يوماً يجلس في النادي وإلى جواره صديق طاعن في السن فمر رجل عادى بجوارهما فالتفت صديق صديقي لصديقي وقال له : ( على فكرة الراجل دا سلفي متشدد ) ، فقال له صديقى : وما أمارة ذلك ؟ قال له : لأنه يصلى في المساجد التي بها قبور !!! لا تزال فكرة كثير من الخلق عن السلفيين هي نفس فكرة هذا الرجل . السلفيون أصحاب قضايا ، لكنهم أيضاً أصحاب مبادىء ، وأبناء أصول ، كل شىء عندهم يخضع لقواعد شرع لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لذلك فالتغيير عندهم يخضع لقواعد هذا الشرع . السلفيون أصحاب مشروع معجز ، ولديهم برنامج شامل كامل ، لكن المشكلة أن السلفيين منبوذون من النخبة ووسائل توصيل الكلمة ، فمثلاً نأخذ موضوع التغيير كنموذج ، فلو قال القائل إذا كان السلفيون يرون أن التغيير صار مُلحاً وضرورة فوق الحاجة . فلماذا لا يضع السلفيون أيديهم فى يد من يرفعون شعار التغيير ؟ ولماذا لا يتحالف السلفيون مع بعض القوى السياسية للوصول إلى أهداف شريفة ؟ ولماذا لا يتجمل السلفيون ويخفوا بعضاً من منهجهم وآرائهم حتى يمكن أن يقبلهم مجتمع النخبة ؟ أليس هدفهم نبيلاً? أليست مقاصدهم جميلة ؟ ما العيب أن تكتم بعضاً من إيمانك مادام فى القلب إطمئنانٌ ؟ ما المشكلة أن يتم استخدام الأدوات المتاحة لتحقيق المطلوب ؟ إذا كان الطريق إلى آليات صنع القرار ومن ثم رفع المظالم وإقامة العدل صار الآن هو صناديق الإقتراع والإنغماس – ولو قليلاً - فى اللعبة السياسية ،فما المانع ، أو ليست الضرورات تبيح المحظورات ؟ لماذا لا يتعاون السلفيون مع رموز التغيير ؟ هل يمكن ان تكون الصورة مع هؤلاء أسوأ مما نحن فيه ؟ فلان أو فلان من الذين يرفعون شعارات التغيير مهما كانوا ألا يمكن أن يكون التعاون معهم مفيداً ولو قليلاً ؟ يسأل عشرات من الناس الطيبين ، لماذا لا يتعاون السلفيون مع الإخوان المسلمين ؟ أليس من المفروض أن الأهداف واحدة والآمال فيها مشترك كثير ؟ أليس من المفروض أن نتعاون فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ، بدلاً من أن نُشغب على بعضنا البعض ؟ أليس الأفضل أن تتوحد جهود أهل الخير والإصلاح ؟ أليس الإختلاف قدر محتوم ؟ ألم يختلف الصحابة ؟ أليس الإخوان يرفعون أنبل وأصدق شعار فى الدنيا ، أن الإسلام هو الحل ، وصدقوا ؟ أليس الأفضل بدلاً من تفتيت المجهود وإضاعة الوقت ، أليس الأفضل أن يوحد السلفيون والإخوان وسائر أطياف التيار الإسلامى مجهوداتهم لمواجهة أعداء لا يرقبون فينا إلاً ولا ذمة ، ولا يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم ، ومواجهة طابور خامس هو فى الحقيقة أشر وأضر من أعداء الأمة ؟ لماذا يقف السلفيون دائما في خندق وحدهم يصرون على مواقفهم ، التي يراها البعض حادة وصادمة وليست في وقتها ، وربما كان كثير منها هو تفسيرهم الشخصي للنصوص ؟ إذا كان البرادعي الذي يحمل لواء التغير في المرحلة الراهنة مثلاً، فيما يبدو رجلاً مثقفاً ، طاهر اليد، ، ويحمل مشروعاً أقل ما فيه أنه أفضل من المشروع الراهن ، وأقل ما فيه أنه إن لم ينجح في تحسين الوضع فلن يكون هناك أسوأ ، لأنه ليس هناك أسوأ مما نحن فيه ، فلماذا لا يتعاون معه السلفيون - ولو مؤقتاً - لتحقيق بعض التقدم في الطريق إلي الهدف المنشود ؟ ألم يتحالف النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود في المدينة ؟ بل ألم يكن دليله فى هجرته رجل كافر؟ بل لماذا يهاجمه السلفيون ؟ أعنى إذا كانوا لا يريدون التحالف على الأقل معه فليتركوه . كذلك الحال مع الإخوان الذين يحملون مشروعاً يُفترض أنه ينتمي - ولو في بعضه - لنفس المدرسة التي ينتمي إليها السلفيون ( قال الله وقال رسوله) ! بل الأعجب موقف السلفيين من بعض الدعاة الجدد الذين وإن قل حظهم من العلم فإنهم على الأقل أفضل من الراقصين والراقصات ، على الأقل يدلون الناس على الخير ويقربونهم ولو خطوة. هناك الكثير من الناس يتعجبون من السلفيين ، المسلمون يُقتلون والسلفيون يتكلمون فى الحجاب والنقاب واللحية والقميص القصير !! لماذ يصر السلفيون على أن يكونوا دائما عكس الجميع ؟ أليس من الأفضل استغلال المتاح والانخراط فى التغيير الجارى وتحمل بعض المخالفات لأجل الغاية المنشودة ؟ أليست الغاية تبرر الوسيلة ؟ هذه فى الواقع بعض من الأسئلة التى أسمعها من الكثير من الأصدقاء والخصوم حول طريقة السلفيين فى التعاطى مع الواقع . فالجواب على ذلك وبيانه وتفسير موقف هذه الطائفة المباركة الموفقة - بإذن الله- سهل ويسير جداً بإذن الله وكما يقول المثل العامى – إذا عُرف السبب بطل العجب - نعم إذا عرف هؤلاء المتعجبون أسباب هذه المواقف لبطل عجبهم بل وانقلب إعجابا إن شاء الله !!إذا عرف هؤلا ء المتعجبون منطلقات السلفيين فى هذه الأشياء سيعذرون السلفيين بل وسيتبعوهم إن كانوا من من طلاب الحق . فإلى مقال قادم إن شاء القاهر . [email protected]