الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد فاستكمالاً لما بدأته من مقالات عن السلفية والسلفيين ، حين طرحت أسئلة تجرى على ألسنة كثير من الخلق ، منهم من يطرحها حسداً وبغضاً ، وهو يعلم إجابتها ، وإنما طرحها ليسقط هذا التيار الشريف ، ولا يعنيه الحق قط ، وهؤلاء هم عبيد الدينار والخميصة والمنصب يدورون معها حيث دارت ، ويوالاون من يؤمن لهم هذه الغايات ،التى يعيشون لأجلها ، لذلك لو وصل الإسلاميون للسلطة فسينقلب هؤلاء فى ساعة من نهار إلى التسبيح والتحميد والتهليل بروعة وعظمة وكمال الحكم الدينى ، وهؤلاء المتلونون مشاهير يعرفهم أهل التخصص ، وهذا التلون صار بضاعة رائجة لها ألوف التجار المهرة الذين يجيدونها ويعرفون أصولها . ومن الناس من يطرح هذا الأسئلة من باب الخصومة أيضاً ، لكنها خصومة شريفة ، قامت على سوء فهم – لا سوء طوية ولا سوء قصد - للسلفية والسلفيين ، وهذا الصنف تعنيه الحقيقة ،ويُثمن الحق ، لذا فإجابة هذه الأسئلة بعقلانية وتجرد يمكن أن يحول هؤلاء الخصوم إلى معسكر الأصدقاء والحلفاء . أما الصنف الثالث فهم جماهير المسلمين الذين أعيتهم الحيرة وغلبهم العجب وطرحوا هذه الأسئلة - حين طرحوها - ربما على السبيل الدهشة والعتاب ، أكثر من كونها على سبيل الإستفسار ، نعم هم طرحوها ولديهم الإجابة التى يرونها منطقية ، وهم طرحوها ربما رفضاً لوجهات نظر السلفيين فى هذه المسائل ، لكن العجيب أنهم لم يقرؤوا إجابات السلفيين عنها ،ووجهات نظرهم فيها ، رغم أن الإجابات موجودة ومتوفرة لمن أراد أن يفهم حقاً ، وكانت الحقيقة هى غايته فعلا إذن أنا اليوم أحاول فى هذه المقالات أن أجيب عن أشهر هذه التساؤلات ، وأنا اليوم أيضاً أحاول أن أقدم تحليلاً موضوعياً للعقلية السلفية ، وأنا اليوم أحاول أن أُزيل كثيراً من اللبس الحاصل و سوء الفهم الموجود ، توحيداً لكلمة المسلمين ، وتأليفاً لقلوبهم ، وأنا وإن كنت نكرة قليل البضاعة فى العلم ، لكن بضاعتى الرئيسة هى محبتى لدينى وأمتى ، ولولا وفرة حظى فى هذا الباب ما استحللت لنفسى أن أقوم فى مقامى هذا ، خاصة وقد راجعت بعضاً ممن أدين لله أنهم من أهل الفهم والعلم فأجازونى فيما أنا فيه الآن . بداية أود فقد لفت نظرى فى التعليقات أسفل مقالة التساؤلات ، وفيما جاءنى على بريدى من رسائل ، أن كثيراً من إخوانى ينتظرون إجابات تفصيلية عن هذه الأسئلة بعينها ، وهذا مما لم أقصده أبداً حين طرحت هذه التساؤلات ، وإلا فهناك تساؤلات أخرى بالعشرات مطروحة أيضاً ومتداولة . إذن أنا لما طرحت هذه الأسئلة فإنما طرحتها على سبيل التمثيل لا التعيين ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، ثم إن إجابة هذه الأسئلة بعينها دون تبيين الدوافع التى تحرك السلفيين والمنطلقات التى تدفعهم سيجعل الكثير من الناس فى حاجة دائمة إلى من يجيب لهم أسئلة أخرى . إذن الحل الأمثل - من وجهة نظرى - والحالة هذه - أن نشرح - كما قلت - الدوافع والمنطلقات التى تحرك السلفيين ، والأسس التى يقوم عليها منهجهم فى التفكير ، حينها سيفهم كثير من الخلق تصرفات السلفيين ، وسيزال – إن شاء الله - كثير من اللبس بل ربما انضم كثير من الناس إلى هذا التيار ، أو على الأقل تحولت نقمة البعض و اندهاش البعض الآخر إلى احترام أو التمسوا لنا الأعذار . حين يفهم الناس كيف يفكر السلفيون ، وماهى مرجعياتهم ، وما هى السمات العامة للمنهج السلفى – حين يحدث ذلك - سيجيب المتعجبون بانفسهم عن هذه الأ سئلة وعن غيرها أيضاً. لشرح العقلية السلفية نحتاج أن نشرحها من خلال موقف السلفيين من قضية معينة ، ولا أظن هناك أفضل ولا أمثل من قضية التغيير لتكون مدخلنا لتحليل العقلية السلفية . إذن فى المقال القادم سنحاول إن شاء الله وضع أيدينا على مفاتيح العقلية السلفية ، حتى نتمكن من تقديم تفسيرات منصفة وصحيحة عن هذا التيار الذى صار أثقل التيارات وزناً فى الساحة العالمية . كتبته بحول الله وقوته من استانبول – تركيا [email protected]