قدرت لجنة تقصي الحقائق، التابعة للمجلس القومي لحقوق الانسان، أعداد شهداء ثورة 25 يناير ب 685 شهيدًا و5500 مصاب، وهو عدد يقترب من ضعف الحصيلة الرسمية التي أعلنتها وزارة الصحة والتي تبلغ 358 قتيلاً. وحملت اللجنة الرئيس السابق حسني مبارك وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، مسئولية قتل المتظاهرين عمدًا أثناء ثورة 25 يناير، وقالت إن الرئيس المخلوع يتقاسم المسئولية السياسة الأمنية مع وزير الداخلية أنذاك بحكم مسئوليته الدستورية، فضلاً عن رئاسته للمجلس الاعلى للشرطة. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته اللجنة صباح أمس برئاسة الدكتور محمد فائق وزير الإعلام الأسبق وأعضاء المجلس القومي لحقوق الانسان منى ذو الفقار وابتسام حبيب وجورجيت قليني وفؤاد رياض وحافظ أبو سعدة. وقال فائق ل "المصريون"، إنه أرسل نسخًا من تقرير اللجنة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة والنائب العام ورئيس الوزراء، موضحًا أن اللجنة ليست جهة تحقيق لكنها تقدم المعلومات للجهات المعنية للتحقيق في تلك الوقائع. وأضاف إن اللجنة قدرت عدد شهداء ثورة 25 يناير ب 685 شهيدًا و5500 مصاب، مرجحًا زيادة أعداد المصابين عن الرقم المذكور. وأعرب رئيس اللجنة عن حيرته بشأن مقاطع فيديو توضح استخدام مجهولين لأسلحة بالليزر اثناء ضرب المتظاهرين، بينما أكدت وزارة الداخلية أنها لا تمتلك هذا النوع من الأسلحة، ووصف هذا الأمر بأنه "بمثابة لغز شحصي يرغب في توضيحه". من جانبه، طالب الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض عضو اللجنة، وأستاذ القانون الدولي بأن تصرف التعويضات لأسر الضحايا والمصابيين من أموال المتهمين، وليس من أموال الدولة التي يدفعها الشعب المصري الكادح. وطالبت اللجنة النيابة العامة بالتحفظ على أموال الحزب "الوطني"، وذلك لحين التحقق من الفصل بين أموال الدولة والحزب. كما طلبت من النيابة العامة بالتحفظ على القيادات المشتبه فيها من الحزب، لحين استكمال التحقيقات المتعلقة بجرائم الاعتداء على المتظاهرين، وأيضًا مساءلة القيادات الإعلامية المتورطة في أعمال التحريض ضد المتظاهرين. واتهم تقرير اللجنة قيادات الحزب "الوطني" بالتورط في ارتكاب جرائم القتل والاعتداءات البدنية والترويع التي ارتكبها النظام السابق حيال المتظاهرين سلميًا، والتي أبرزها حشد البلطجية للاعتداء على المتظاهرين بميدان التحرير يوم 2 فبراير، المعروفة ب "موقعة الجمال" وما أعقبها من اعتداءات. وقالت اللجنة إنه في حال ثبوت هذه الاتهامات "يجب حل الحزب الوطني ومصادره أمواله"، واعتبرت أن الحزب يعد كمؤسسة "مسئولاً من الناحية القانونية مسئولية مباشرة عن إفساد الحياة السياسية في البلاد والتلاعب بالنظام الجمهوري للدولة بالتعديلات المتكررة للدستور، وتزوير إرادة الناخبين والتدخل المباشر في تغيير نتائج الانتخابات على مستوى الانتخابات المحلية، وانتخابات مجلس الشورى، وقد بلغ ذلك التدليس مداه في الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب، والتي أقصت كل التيارات السياسية". واتهم التقرير الحزب ب "الخلط بين موارد الحزب وموارد الدولة، ووضع اليد على عقارات حكومية كمقار للحزب دون أداء المقابل المالي والمناسب وبغير وجه من القانون، وقد دعت بعض الهيئات في الأيام الأخيرة الحزب لسداد ما عليه من قيمة إيجار مقره الرئيسي، كما قرر المجلس المحلي لمحافظة القليوبية سحب جميع مقار الحزب "الوطني" الحكومية، وإعادتها مرة أخرى للمحافظة على أن يتم سداد القيمة الإيجارية عن المدة السابقة". كما تضمن اتهامات للحزب ب "تشكيل تنظيم سري شبة عسكري للقيام بأعمال البلطجة بالمخالفة للقانون وهو ما ظهر جليا خلال عمليات تزوير الانتخابات، كما ظهر أخيرًا في عمليات القتل والاعتداءات البدنية على المتظاهرين". وفيما يتعلق بحالة الفراغ الأمني وهروب عدد من السجناء عقب اندلاع الثورة، قال التقرير، إنه "لم تتوافر للجنة دلائل على مسئولية وزارة الداخلية عن فرار منظم للسجناء، وإن ظلت مسئوليتها قائمة عن عدم تشديد الحراسة على السجون في مثل هذه الظروف". لكن اللجنة حملت الرئيس السابق مع وزير الداخلية مسئولية السياسة الأمنية تجاه الأحداث خلال المواجهة الأمنية للمتظاهرين بحكم مسئوليته الدستورية، فضلاً عن رئاسته للمجلس الأعلى للشرطة. وخلصت لجنة تقصي الحقائق إلى أن سيطرة الدولة على وسائل الاتصال، وهيمنتها على العديد من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة لعبت دورًا سلبيًا تجاه الأحداث يتجاوز انتهاك حق المواطنين في استقاء المعلومات وحقهم في المعرفة، مما يضع الإعلام كطرف شريك في الجرائم التي ارتكبت في حقهم. وطلبت اللجنة مساءلة القيادات الإعلامية التي "تورطت في أعمال التحريض المباشر ضد المتظاهرين، ونشر أخبار كاذبة على نحو ما يجرمه القانون"، ودعت إلى إنشاء مجلس وطني مستقل للإشراف على الإرسال المرئي والمسموع، على أن يتمتع بقوة قانونه بالاستقلال وأن يضم شخصيات تعبر عن مختلف التيارات الفكرية والثقافية.