علي قناة الأو تي في المملوكة لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، وبتقديم إعلامي اشتهر في قناة الجزيرة من قبل وهو يسري فودة ببرنامجه سري للغاية الذي كان يتتبع فيه دور الحركة الماسونية، تمت استضافة الدكتور محمد البرادعي بعد إعلانه عن ترشيح نفسه لرئاسة مصر. وبدأ النقاش حول موقف الدكتور البرادعي من القوي السياسية والتعديلات الدستورية المقترحة فأبدي تخوفه من أن عدم منح الفرصة للأحزاب والتجمعات السياسية قد يفتح الباب لبقايا الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين لكونهما الأكثر تنظيما من الانفراد بالتواجد السياسي، وهي نفس النغمة التي كان يستخدمها النظام القديم باستثناء الحزب الوطني. وإذا كان الأمريكيون والأوربيون قد أعربوا عن عدم تخوفهم من صعود أتباع التيار الإسلامي كفصيل سياسي يستحيل إنكاره فلا أدري لمن يتجه البرادعي بإثارة المخاوف. ولم يفسر الدكتور البرادعي أسباب تخلف الأحزاب والقوي السياسية وانحسارها في صحفها ومقارها المدفوعة الأجر سوي من الحجة المستمرة وهي تضييق النظام السابق عليها ودون مقارنة ذلك بسياسة النظام نفسه التي اتسمت بالعنف والتشريد والتضييق والسجن ضد جماعة الإخوان فما زادتها إلا ارتباطا بمحيطها الشعبي الذي خرجت من رحمه، وأن بقية الأحزاب والقوي ستظل تعاني من نشأتها المقلوبة في كونها كوادر تبحث من خلال الصحف عن قواعد شعبية وليس العكس. وحتى الفصيل الجديد المختلق الذي شكله البرادعي لكي يكون زعيما له، فهو لا يقبل إلا أن يكون زعيما، فحين سأله يسري فودة عن رأي أحد أعضاء هذا الفصيل وهو الأستاذ حمدي قنديل أن البرادعي يحب أن يعمل منفردا فرد عليه بأنه يستشير الشباب أو بمعني أوضح من يقبل به زعيما . وأكد الدكتور البرادعي هذه النزعة حين سأله مقدم اللقاء عن إمكانية قبوله منصب وزير إذا لم يوفق في انتخابات الرئاسة فأعرب عن كامل رفضه لذلك بحجة أن المنصب أقل من تمنياته أو طموحاته، وأنه يمكن أن يقبل عضوية مجلس الرئاسة إذا تشكل . ومن الواضح أن عدم سؤاله عن صلته بالأمريكيين وأبعادها والغرض منها لم يكن من بين الأسئلة المطروحة إما لأمر استبعدته القناة من الحوار أو لاتفاق مسبق من الدكتور البرادعي لأنه رفض الإجابة عنه في لقاءات سابقة . والذي يستقرئ التاريخ يجد أن البحث عن رئيس يمكن التفاهم معه أو بمعني أوضح تطويعه هي من أولويات سياسة الغرب الاستعماري في بلادنا، فحين دخل نابليون مصر وحاول إبعاد انتماء مصر للعثمانيين وتعيين رئيس من قبله، وألبس الطيلسانة، وهي علامة ماسونية، للشيخ الشرقاوي والشيخ السادات رفض كلاهما العرض مما أثار نابليون وصاح دون انتظار المترجم أنهما لا يصلحان للزعامة، وواصل محفله الماسوني الذي أسسه كليبر 1800م البحث عن هذا الزعيم حتى وجد ضالته بعد خروجهم وساندوه سرا وتمثل في شخص محمد علي . وحين قامت ثورة شعب مصر1919م سعي الإنجليز عبر وسائل الإعلام التي كانت خاضعة لهم من صنع الزعيم ومكنوه من امتطاء الركب الثوري ، ثم دخلوا من خلاله في لعبة المفاوضات وخلاف الكراسي حتى تم إجهاض الثورة . والذي يثير التساؤل هو أن الدكتور البرادعي قد ذكر في حواره أنه راهن علي الشباب قبل حدوث الثورة بعدة أشهر متوافقا في ذلك مع ما ذكرته الصحف عن أن أوباما كان علي بينة بمجريات الثورة قبل حدوثها بستة أشهر. ولعل في ذلك تفسير لاقتراب الدكتور البرادعي من المجلس العسكري وقبوله ترشيحه للدكتور عصام شرف . وتأكيدا علي أن الدكتور البرادعي يربط اهتمامه بالعامل الخارجي دون الداخل ما ذكره من أن ما يمكن أن يؤديه لمصر الآن هو السفر إلي الدول الخارجية للمساهمة في حل الأزمة الاقتصادية، وانحسار رؤياه في الحل الداخلي علي الديمقراطية بمفهومها السياسي فقط، ولم يشر من قريب أو بعيد لأبعاد العدالة الاجتماعية، أو حتى لجذوره في قرية إبيار التي كانت موطنا للمؤرخ الحبشي المسلم عبد الرحمن الجبرتي . وحتى حين سئل عن رؤياه في الدستور القادم ذكر أن كثيرا من البلدان الخارجية تأخذ برأيه مثل سلوفاكيا وأن ذلك كفيل بأخذ مشورته في دستور مصر . وبشكل عام يمكن القول بأن الشباب الذي أشعل الثورة وسانده الشعب بكل قطاعاته قد استفاد من التقنية الحديثة التي سخرها لهم الأمريكيون وغيرهم لكنه في الغالب لن يكون مطية لهم بعد أن ذاقوا طعم الحرية، وتعرفوا علي أبعاد العلاقة مع الأمريكيين في العراق وأفغانستان وفلسطين، وبعد أن استعادوا أبعاد الحلم العربي الذي أحيته الثورات الشعبية العربية، ولن يخدع في الظاهر الأمريكي ومن يحركه والذي غدر بالطغاة الذين صنعهم ثم أكلهم كأصنام اللات والعزي، والأمل كل الأمل في أن تفطن الشعوب إلي أبعاد الدور الأمريكي الصهيوني من خلال أصنامهم الجدد، وأن يكونوا علي بينة بمن يختارون لمستقبلهم والتعرف علي كيفية الحفاظ علي استمرار ثورتهم من أجل مصر. مؤرخ مصري