لم أستطع أن أحكي قصة أخي محي الدين في مرة سابقة دون أن أحكي لكم ما حدث مع صديقه بل أقرب أصدقائه إليه .. كان في الثالثة عشرة عندما قرر أن يهجر بيت أبيه لأنه يتاجر في المخدرات ويبتني كشكا خشبيا يسكن فيه مع أمه هربا من أكل الحرام ويعمل مساعد نقاش ليطعم من كد يده الطعام الحلال .. عرفته في تلك الأيام في مسجد الرحمن وقد أعجبني فيه شدة تفانيه في قضاء حوائج الناس وخدمتهم وإنكار ذاته وحبه الشديد لإخوانه .. وكانت شجاعته الفائقة علي صغر سنه سببا في أن يكون هدفا للمطاردة الأمنية له في أيام كانت الداخلية قد قررت أن تجفف منابع الدعوة في المنيا في أوائل التسعينات بسبب حدوث فتنة طائفية لم يتم التحقيق في ملابساتها حتي الآن . وهكذا صار شريف صابر صديقا لأخي محي الدين – رحمه الله – ورفيقه في رحلة هروبه حتي كان يوم 14 – 3 – 1990 وقبل مقتل أخي بأيام اقتحمت قوات الأمن منزل أحد الإخوة بمنطقة أبي هلال الشهيرة بالمنيا وكانا فوق سطح الدار شريف وأخي حيث أطلقوا عليهما وابلا من الرصاص لما حاولا الهرب فأصابت الرصاصات شريف في رأسه فسقط قتيلا علي الفور بينما فر أخي محي الدين ليتأخر موته أياما ليكون الشاهد الوحيد علي قتل صديقه الأثير . انطلقت الحملة في مطاردة أخي ولكنها لم تلحق به حيث التقي بي بعد ذلك وقص علي ما حدث بينما عاد الضباط – وهم نفس الضباط الذين قتلوا أخي بعد ذلك بأيام – ليلقوا بجثة شريف من فوق سطح المنزل فيسقط علي أسلاك الكهرباء فيسمع الناس أصوات انفجارات ينقطع علي اثرها النور عن المنطقة – كنت مختبئا في أحد البيوت القريبة وسمعت الإنفجار وانقطع عني النور – وأعلنوا أن شريف مات منتحرا وتحدثت مساجد الأوقاف في اليوم التالي أنه لايسمي شهيدا من مات منتحرا علي أسلاك الكهرباء ونسي من أطلق الأكذوبة أو تجاهل ومن ردد الأكذوبة علي المنابر أن الجثة كانت تحمل عدة رصاصات أثبت الطب الشرعي وجودها في رأس شريف هي بالقطع لم تطلقها أسلاك الكهرباء المقطوعة وهكذا مات شريف صابر وهو في السابعة عشر ولكن تلك السنين الطوال لم تفلح في أن تنسينا دماءه الزكية التي سالت بغير حق .. وقد آن الأوان ليأخذ حقه في محاسبة قتلته علي جريمته