ثارت تساؤلات حول العقوبة التي ينتظرها الضباط وأفراد مباحث أمن الدولة الذين عملوا على حرق كافة المستندات والوثائق الموجودة تحت أيديهم، وبعد أن ألقي القبض على 47 ضابطًا ومجند شرطة تورطوا في عمليات الحرق والفرم لتلك المستندات. وأكد مختار نوح المحامي بالنقض، أن ما قام به ضباط أمن الدولة وما يقوموت به جريمة أعلى من الجرائم الجنائية، مشيرا إلي أن هناك مسئوليتين سياسيتين، فهناك مسئولية تقع على المجلس العسكري وحكومة تسير الأعمال، لأنهما لم يقوما بالتحفظ علي المستندات وتلك المقرات منذ اللحظة الأولى. أما المسئولية الثانية – وكما يقول - فتقع على قيادات الداخلية التي أعطت الأوامر لفرم وحرق تلك الأوراق "يغلبهم الظن أن هذه الأوراق ملك لهم"، معتبرا أن هذا كان نتاج أنهم كانوا يعملون بمنأى ومعزل عن القانون وعن رقابة الجهات المختصة ولذلك تسرب إليهم الشعور بأنهم خارج إطار الإدارة الرسمية للدولة. وحمل نوح المسئولية الجنائية في تلك الجريمة علي الضباط الذين قاموا بحرق هذه الملفات وحدهم، مشيرا إلي أن القانون المصري يجرمهم من زويا عدة، الزاوية الأولى وهي إخفاء معلومات هي ملك للجهة المكلفة لتسير أمور البلاد، والأمر الآخر أنها من الأعمال الماسة بكرامة البلاد وأمنها القومي الداخلي لأن تلك المعلومات التي حرقت وفرمت من شأنها أن تحافظ علي أمن الدولة الداخلي وإخفائها هو محاولة للمساس بسلامة أمن الدولة الداخلي. فيما رأى أن الأمر الثالث فيما يتعلق بإدانة ضباط "أمن الدولة"، هي "مساعدة البعض على نشر تلك الوثائق من أجل التشهير بالكثير من الشخصيات العامة"، معتبرا أن مجرد اطلاع الغير على تلك الوثائق جريمة، ناهيك عن نشرها عبر شبكة الإنترنت، واعتبر أن ما حدث من قبيل إثارة الشائعات، وأن كل تلك المستندات ليست صحيحة وأن أغلب المعلومات والتسجيلات الموجودة في أمن الدولة التي تركت معلومات مغلوطة وغير صحيحة. وقال إنها كانت تستخدم لإخضاع الخصوم أثناء التحقيقات كشريط فيديو مفبرك أو مكالمات تليفونية مفبركة حتى يقبل الضحية بالتعامل مع أمن الدولة، واصفا الكثير من الوثائق التي تركت بأنها تحتوي على معلومات درجة ثالثة مصطنعة كان ضباط أمن الدولة يفبركونها للضغط على الخصم، وكانوا لا يقدمونها للمحاكم لأنها أخذت بطريقة التنصت وبطرق غير رسمية أو قانونية. وناشد نوح المواطنين الذين لديهم أي من تلك المستندات "غير صحيحة في واقع الأمر" أن يتخلصوا منها أو يسلموها للمجلس العسكري وألا يطلع الغير عليها، لأن هذا من قبيل العمل على إشاعة الفاحشة بين الناس وهو عمل مجرم أخلاقيا وقانونيا. من جانبه، أكد نزار غراب محامي الجماعات الإسلامية أن تجريم كثير من ضباط أمن الدولة "أمر قائم" وحتى دون أي مستندات ودون إيجاد قانون يجرّم ما قاموا به من حرق أو فرم وثائق أمن الدولة، فكم من المواطنين الذين وقفعوا تحت سياط هؤلاء المجرمين بغير وجه حق، معتبرا أن الإدانة لهم قادمة لا محالة في حال وجود شفافية وسلطة عادلة تقدمهم لمحاكمة عادلة. ووصف غراب إقدام ضباط أمن الدولة من فرم وحرق المستندات بأنها جريمة أخلاقية في حق الالتزام بمعايير الأمانة تجاه الوطن وتجاه الأمن، وأن كلمة الأمن تعني ضمن معانيها الأمانة التي يحملونها إذا كانوا يحملون أمانة من أجل حماية الوطن لصالح الوطن، ولكن بما أن أعمالهم لم تكن تقوم علي حمل الأمانة من البداية ولم تكن لصالح الوطن بل لصالح أجندات القائمين على السلطة ورجال الإعمال أو لذوات أنفسهم بشكل شخصي، لذا قاموا بإخفاء عوراتهم بحرق المستندات التي تظهرها. وأوضح أن الإشكالية تأتي في توقيت فرم وحرق تلك الملفات، فكون هذا يأتي في توقيت يسبق إخلاءهم لمباني أمن الدولة المتعددة، وفي توقيت وارد فيه أن يتم مساءلة الفاسدين ومرتكبي جرائم التعذيب، وفي توقيت تراجعت فيه السلطات الغاشمة لصالح سلطات ترغب في بسط سيادة القانون، فتلك الفعلة تثير العديد من التساؤلات التي تشير بأصابع الاتهام إلى محاولة هؤلاء الإفلات من وجود أدلة تضعهم موضع الإدانة. وأكد غراب أنه مع نداءات المجلس العسكري للمواطنين بعدم الكشف عن أي مستندات حصلوا عليها من مقرات أمن الدولة وقت اقتحامها، لأأنه من المفترض أن الأجهزة الأمنية لديها مستندات لا ينبغي الاطلاع عليه لأنها تخص أمور سيادية تمس الأمن القومي الحقيقي للبلاد وبالتالي فالمسئولية التي تقع علي عاتق المجلي العسكري في تأمين وحماية مصالح متعددة تقتضي أن يصدر مثل هذا القرار، وأن الشفافية لا يجب أن تكون علي إطلاقها فلا يجب أن نأتي ونقول "عايزين المخابرات الحربية أو العامة تضع كافة مستنداتها بين يدي الرأي العام" معتبرا أن هذا كلام غير منطقي. وعبر غراب عن موافقته لمبادرة موقع "ويكيليكس" المتخصص في نشر الوثائق السرية والتي تدعو الحكومة المصرية إلي إعادة تجميع الأوراق المفرومة، واضعا شرط أن يكون ذلك لصالح أجهزة قضائية وأجهزة عدالة وليست لصالح قضايا النشر والإعلان، فيحب أن تخضع هذه المستندات لرقابة القضاء وهو الذي يقيم أيها يستحق المحاكمة والإعلان عنه، وأيها يخضع لإجراءات حماية المصالح الأمنية العليا. وطالب الجهات القضائية بأن تقوم بهام الرقابة الحقيقية التي أوكلها القانون إليها لصالح حقوق المواطنين الدستورية والقانونية، معتبرا أنه حتى الآن لا توجد رقابة قضائية علي السجون وعلى وزارة الداخلية وأجهزتها المختلفة. وذكر أن والده المستشار محمود غراب تقدم بطلب إلى النائب العام في عام 1989 كي ينتقل بنفسه إلى مبنى مباحث أمن الدولة بالعبور ليتم ضبط ما لديهم من أدوات تعذيب تم استخدامها ضده هو شخصيا لكنه مع ذلك لم يتحرك، رغم أن الذي تقدم له بهذا البلاغ احد كبار رجال القضاء وقتها. وقال إنه لو كانت هناك فاعلية ورقابة قضائية لكان هناك حماية حقيقية للمواطنين من أن يتعرضوا للتعذيب من أي جهة كانت، ولكن لأن النيابة التي بيدها هذه السلطات لا تفعّل سلوكها الرقابي تجاه هذه الجهات حدثت هذه الجرائم وستستمر أن لم يفعل رقابة الجهاز القضائي.