لم يكن مادار على قناة « أو تي في » ليلة« 3مارس » يبن كل من علاء الأسواني الطبيب والأديب المصري من ناحية ، والسيد أحمد شفيق رئيس وزراء إنقاذ نظام مبارك من ناحية وقبيل قبول استقالته أو إقالته ..لم يكن أبدا حوارا بين شخصين فنخضعه لمعايير أو آداب الحوار على نحو ما فعلت جمعية أصدقاء السيد شفيق !!. إن ما دار بين الرجلين إنما يقوم مقام مواجهة بين ضميرين و فصيلين وعهدين ، أحدهما يمثل الشرعية الحقيقية للشعب المصري والآخر اغتصب الحق في اغتصابها .. كانت مواجهة بين ضميرين: أحدهما يمثل مصر المظلومة المقهورة المنهوبة , والآخر يمثل النظام الذي ظلمها وقهرها ونهبها وتعالي عليها وعلى آلامها وآمالها وأحلامها .. كانت معركة بين شرعية الثورة و انعدام شرعية من قامت ضده الثورة ومن يريد الالتفاف عليها. على هذا التأسيس يمكننا أن نعاير وأن نقدر ..كانت مواجهة بين ضميرين وقلبين وعقلين المسافة بينهما بدت كالمسافة بين «نور علي نور» شهيد منطقة الورديان بالإسكندرية ، والذي ذهب إلى أحد الضباط يعاتبه لإطلاقه الرصاص الحي على المتظاهرين سلميا ( من ناحية) ، وبين الضابط نفسه الذي استجاب لنبل « نور » بإطلاق رصاصة اخترقت ما بين عينيه فتيتمت بناته وترملت زوجته !! . كانت مواجهة بين ضميرين : ضمير أصحاب الجمل وكل من سكت عنهم ولف لفهم وحاول تغطية جرائمهم ومذابحهم حتي الآن من ناحية وضمير أصحاب التحرير الذين بذلوا أنفسهم دفاعا عن الحرية، وردا لعدوان السنوات العجاف التي عاني فيها الشعب كل أصناف الهوان على يد جماعة سلكت سلوكا أقرب إلى نزق المافيا منها إلي نظام الحكم . كان الفرق يبن رجل يتكلم بلسان قومه دون تكلف أو تكليف يريد القصاص من قتلة وجزارين قنصوا ودهسوا وسفكوا دماء الشباب الطاهر , وآخر مسئول فرض نفسه على قومه يتكلم عن : «بونبون» و«هايدبارك »و«فور سيزون» وضياع حفل تكريمه!! .. مسئول أهدر وقته ووقت ملايين المصريين في تنميق الكلام و«بروتوكولات الاتصال» أكثر من السهر على تنفيذ مطالب الشعب وتحقيق الأمن والتحقيق في جرائم بربرية يعرف جيدا من ارتكبها . يتكلم الأسواني عن أم شهيد و أرملة شهيد وبنت شهيد لا يغمض لهن جفن لأن أحدا من ا لقتلة لم يقدم إلى المحاكمة ، ويمن علينا شفيق بأنه طور لنا المطارات ، وأنه ضحي بحفل تكريمه بالخارج باعتباره أحد أهم عشرين مطورا للمطارات في العالم . تكلم الأسواني عن شرعية ثورة فجرها الشعب وتكلم شفيق عن شرعية «أنا »فجرها النظام البائد الفاسد داخل كل عضو من أعضائه وأفعي من أفاعيه .. تكلم الأسواني كلاما اكتسسي قلب صاحبه بالألم داخل صدور أهله وناسه وتكلم شفيق كلاما اكتسي قلب صاحبه «باستعلاء »أذهله عن معاناة أهل وناسه . تكلم الأسواني بضمير الجمع الذي يمثل عشرات الملايين من المضظهدين ، ولم يتكلم شفيق إلا بضمير الفرد الأحد الصمد !!الذي لم يكن له في مجال الطيران كفوا أجد ( حاشي لله ) ..يتكلم الأسواني عن اعتصامات اليتامى والأرامل وذوي المظالم ويتكلم شفيق عن اجتماعات في :« الفورسيزون » !! لم يكن الأسواني أديبا ، بقدر ماكان جراحا ماهرا يجري عملية جراحية استئصالية في جسد مصر المحروسة ، استخدم الجراح مشرطه بجرأة وجسارة وشجاعة بعد أن حاصر بمهارة وفعالية فيروسات « الأنا »المتضخمة التي بدت عندها جرائم تهتز لها السماء وكأنها ذبابة القذافي . !! أطلق الأسواني مضاداته المصرية الحيوية الأصيلة ( غير المغشوشة ) ؛ ففتلت فيروس «ماأريكم إلا ماأري» وفيروس «خلليني أعرفك » و«خلليني أفهمك» و«إنت مش عارف »أو «مش فاهم » و «أنا زى أبوك» و« أنا خبير » ، وكافة فيروسات النرجسية والأنانية و الوصاية والاستعلاء على الناس بدون وجه حق . استأصل الجراح في تلك المواجهة بمشرطه الورم المتصخم في جسد مصر والذي يمثله كل «شفيق »وكل« مبارك» وكل« عمر سليمان» وكل من له قلب مثل قلوبهم أو بصيرة مثل بصيرتهم أو وعي مثل وعيهم ؛ لذلك صرخ شفيق وصرخ معه كل أشباهه فراحوا يوبخون الجراح الذي يستأصل الورم القاتل من قلب مصر ووعي مصر وضمير مصر . لذلك لم أندهش كثيرا عندما تطاول وحيد حامد على الأسواني على صفحات المصري اليوم أو غيره ؛ لأن وحيد من حقه أن يدافع عن مذهبه ومعسكره وضميره الذي يجافي ضمير الأسواني وما يمثله ؛ فالقلوب والضمائر تتشابه وتقع على ما تألفه وتنصرف عما تنفر منه وكذلك فعل وحيد وصحبه إلا ان الأمر المثير للاستغراب هو ذلك الانفعال الشديد الذي بدي على وجه الدكتور يحي الجمل على قناة الحياة من أجل شفيق وحنقا على الأسواني ؛ ذلك لأنني لم أعاين سيادته بمثل هذا القدر من الانفعال في مواجهة جرائم معسكر النظام البائد وأعوانه من قبل .. وفي حين كتب سيادته (بالمصري اليوم ) عن دموعه التي حضرت في مكالمة تليفونية مع البابا شنوده حول أحداث كنيسة القديسين ( وهو أمر محمود )،في حين لم أر أو أسمع عن دموع حضرت على مئات الشهداء من الشباب الطاهر ..فقط رأيناه منفعلا على الأسواني الذي دافع عنهم بجرأة وجسارة ..كما نراه الآن يصدم وجدان ملايين المصريين بترشيح وزيرا للثقافة لا يخفي على أحد كونه ينتمي إلى معسكر من معسكر التجافي عن هوية المصريين .. ولا أعرف كيف وافق الدكتورعصام شرف على هذا الترشيح المستفذ لوجدان المصريين والمثير للكثير من علامات الاستفهام والتعجب !!. و قد يكون من حق كل من وحيد حامد والدكتور يحي الجمل ومن وافقهم أن يغضبوا لشفيق من الأسواني لوكان مابين الرجلين خلافا حول حقوق ملكية مزرعة والتصرف فيما تحويه من أبقار !!، أما وقد كانت المواجهة حول مصدر وشرعية السلطة في مصر ، وفورية محاكمة من قتل مئات المصريين ؛ فإن ما فعله الأسواني هو الحد الأدني مما يجب فعله مع من يتسلطون على الناس بمثل هذا الاستعلاء ويتعاملون مع دماء شهدائهم بمثل هذا التراخي والاستخفاف . كانت العملية التي أجراها الأسواني شديدة الحساسية وشديدة الجسارة , لأنها متعلقة بإنقاذ حياة مصر الحقيقية ، وإذا كانت الجراحات المتعلقة بحياة فرد تتطلب من الجراح قدرا من الشجاعة والصلابة وعدم الالتفات إلي تأوهات المتأوهين حقيقة أو ادعاءا ؛ فإن الجراحة المتعلقة بشأن حياة عشرات الملايين من المصريين لم تكن لتقبل بأقل من أداء الأسواني المواطن المصري النبيل أمام شفيق المسئول المصري الغائب المستعلي . الفرق كبير بين رجال جاد الزمان بهم ..وهم الآن ( حسب الكواكبي ) ينبهون الناس ويرفعون الالتباس ولن ينفكوا ( بإذن الله )حتي ينالوا ما يريدون .. وبين مسئولين تصدروا لرياسة الناس غلبة وقهرا واستبدادا يصح في وصف أحدهم : قارنا بين أفعاله وأقواله.. فإذا الملاحة بالقباحة لاتفي ..حلف لنا ألا يخون عهودنا ..وكأنه حلف ألا يفي ! الحرية هي الحل [email protected] www.ashrafawzy.blogspot.com