لقد قرأت فى صحف اليوم 5 مارس أن الاستفتاء على التعديلات الدستورية سيجرى يوم 19 مارس القادم ، وأصابنى ذلك بقلق شديد يجعلنى منقطع لكتابة هذه الدراسة حول مادة واحدة وهى المتعلقة بالمادة 75 المتعلقة بالشروط الواجب توافرها فى المرشح لرئاسة الجمهورية . لم ينتبه شراح القانون –مع الأسف- إلى أن المشرع قد أتى بطريق جديد لإثبات الجنسية المصرية فى القانون رقم 174 لسنة 2005م بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية أورده فى المادة رقم 13،ولكنه قصر هذا الطريق على فئة محددة من الناس ،وهى فئة المرشحين لرئاسة الجمهورية ،وذلك استثناء من طريقة الإثبات الواردة فى قانون الجنسية المصرى رقم 26 لسنة 1975،وهى طريقة واحدة فقط) تتمثل فى شهادة الجنسية المصرية التى يُشترط للحصول عليها تقديم أدلة إثبات شيطانية مستحيلة لا يمكن لأحد أن يقدمها. "أشرنا إلى ذلك فى رسالتنا للدكتوراه فى جامعة عين شمس عام 2005" وهذا الطريق الجديد الذى أتى به المشرع للمرشح للرئاسة فقط (دون غيره من عامة الناس ) هو الإثبات بشهادة الميلاد -و إقرار من طالب الترشيح بأنه مصرى الجنسية من أبوين مصريين ، وبأنه لا يحمل جنسية أخرى. وثمة ملاحظة جوهرية فى هذا الشأن ،وهى أن هذا القانون مشوب بمخالفة وعوار دستورى فى اشتراط عدم حمل المرشح لجنسية أخرى . وهذا خطأ دستورى آخر لم ينتبه إليه فقهاء القانون " مع الأسف". بيان ذلك أن المادة رقم 75 من الدستور المصرى لعام 1971م قد قضت بأنه يشترط فيمن ينتخب رئيسًا للجمهورية أن يكون مصريًّا من أبوين مصريين ، ومن ثم فإن المشرع "الدستورى " إذا أراد إدراج شرط إضافى جديد وهو " عدم حمل المرشح لجنسية أخرى " فإن أمامه طريقان لاثالث لهما : إما أن يضع هذا الشرط فى الدستور فى مادته رقم 75، وإما أن يفوض الدستورالمشرع العادى فى إضافة شروط أخرى. وحيث أن المشرع "الدستورى " لم يفعل لاهذا ولا ذاك ،فأنه ليس من حق المشرع العادى إضافة هذا الشرط ،فإذ أضافه يكون قد تجاوز اختصاصه و وقع فى هوة عدم الدستورية. وأنا أقرر ذلك رغم علمى بأن هذا القانون بالذات (رقم 174 لسنة 2005م بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية) قد تم عرضه على المحكمة الدستورية العليا ووافقت عليه مسبقا قبل إصداره ،فيما يعرف بالرقابة السابقة على القوانين ،ورغم أن هذا ليس من اختصاصها الذى ينحصر فى "الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتفسير النصوص التشريعية ..(مادة 175 من الدستور، والمادة رقم 25 بند أولا من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا) وهذا يعنى بوضوح الرقابة اللاحقة على قوانين واللوائح .وهذا أمر منطقى لأن أوجه عدم الدستورية فى أى قانون يطعن بها أصحاب الشأن فى القانون بعد صدوره أمام محكمة مختصة ،أو إذا تبين لمحكمة الموضوع (أى محكمة فى أى قضاء عادى أوإدارى ) أن نصا فى قانون أو لائحة يخالف الدستور، فتُوقف نظر الدعوى وتحيل الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا مع بيان أوجه عدم الدستورية. ومن ثم فإن "بدعة" الرقابة السابقة على القوانين واللوائح والموافقة المسبقة عليها تغل يد المحاكم والهيئات ذات الاختصاص القضائى ،وكذلك الأفراد أصحاب الشأن من ممارسة حقهم فى النعى على نص قانونى أو لائحى بعدم الدستورية على النحو المبين بالمادة رقم 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979. لماذا هى بدعة؟ لأن اختصاص المحكمة الدستورية العليا يقع على الرقابة القوانين واللوائح بعد صدورها ،لأن القانون لا يعتبر قانون إلا بعد صدوره من مجلس الشعب واتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة،أما قبل ذلك فهو "مشروع قانون " !! وذلك يخرج عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا.هناك فرق بين مشروع القانون والقانون. ..ليس للمحكمة رقابة دستورية على "مشروعات القوانين " واللوائح قبل صدورها وإلا اعتُبر ذلك خروجا على مبدأ الفصل بين السلطات بجعل تلك المحكمة( وهى سلطة قضائية ) رقيبة على السلطة التشريعية وهذا لايجوز، وهذا هو فهمى أنا لهذه النصوص. ومن ثم فإننا نرى فى إقرار " مشروع " قانون الانتخابات الرئاسية من جانب المحكمة الدستورية العليا قبل صدوره ، على الرغم من عدم دستوريته وعلى الرغم من عدم اختصاص المحكمة بذلك، خلط بين القضاء والاعتبارات السياسية وهذا أمر مُنتقد. وعلى أى حال ،فمادمنا بصدد تعديل الدستور فإننا نلفت نظر المشرع الدستورى " لجنة تعديل الدستور " والمشرع العادى و المحكمة الدستورية العليا إلى هذه الأخطاء الدستورية لتفادى تكرار الوقوع فيها . *********** أتى المشرع بطريق جديد استثنائي لإثبات جنسية المرشح للرئاسة فى القانون رقم 174 لسنة 2005م بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية وأورده فى المادة رقم 13 من ذلك القانون ،يهمنا منها فى شأن المستندات المطلوبة المتعلقة بموضوعنا مايلى : 1-شهادة ميلاد طالب الترشيح أو مستخرج رسمى منها . 2- إقرار من طالب الترشيح بأنه مصرى الجنسية من أبوين مصريين ، وبأنه لا يحمل جنسية أخرى . 3- شهادة بأنه قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها طبقًا للقانون . التعليق على شهادة الميلاد : تعريف الشخص الطبيعي: إن الشخص الطبيعي هو الإنسان وتتقرر له الشخصية القانونية بمجرد الولادة فبمقتضاها يستطيع اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات. وقد نصت المادة 29 /1 من القانون المدني على أن : 1-تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حيا وتنهتى بموته. كما نصت المادة 30 /1على أن : "تثبت الميلاد والوفاة بالقيد في السجلات الرسميةالمعدة لذلك. فإذا لم يوجد هذا الدليل أو تبين عدم صحة ما أدرج بالسجلات يجوز الإثبات بأية طريقة أخرى ." إن شهادة الميلاد إذن هى بمثابة" شهادة المنشأ" ،هى الشهادة التى تعلن عن ميلاد "خليفة " جديد لله فى الأرض ،يُوضح بها بياناته كالتالى: *إسم المولود – الجنسية - الديانة - النوع - محل الميلاد - تاريخ الميلاد يكتب بالحروف *بيانات الأب - الاسم ثلاثى - الديانة -الجنسية . *بيانات الأم -الاسم ثلاثى - الديانة - الجنسية . وأسفل الشهادة بيانات خاصة بمكتب الصحة التابع له المولود والسجل المدنى المستخرج منه هذه الشهادة ورقم القيد وتاريخ إصداره ،و كلها بيانات خاصة بالسجل المدنى. حجية شهادة الميلاد باعتبارها محرر رسمى صادر من الدولة : "تنص المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968على ما يلى : المحررات الرسمية حجه على الناس كافه بما دون فيها من آمور قام بها محررها فى حدود مهمته او وقعت من ذوى الشأن فى حضوره مالم يتبين تزويرها بالطرق المقرره قانونا ." أما ما أثبته الموثق فى الورقة الرسمية باعتباره قد ورد على لسان ذوى الشأن من بيانات دون أن يكون له أن يتحقق من صحتها – مثل اسم الأب واسم الأم والجنسية المصرية - فلا تصل الحجية فيه إلى الطعن بالتزوير بل يعتبر ما ورد من ذلك صحيحا فى ذاته الى أن يثبت صاحب المصلحة عكس ذلك بالطرق المقررة فى القواعد العامة للإثبات ،وهذا ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض المصرية. ويتضح من هذا ان هناك نوعين من البيانات فى الورقة الرسمية : 1- بيانات تكون للورقة الرسمية فيها حجيه إلى أن يطعن على الورقة بالتزوير . 2- بيانات دون ذلك فى القوة ، فهى ككل بيان يثبت في ورقه مكتوبة يعتبر صحيحا حتى يقوم الدليل على ما يخالفه. وعلى ذلك فإن شهادة الميلاد حجة على الكافة فيما ورد بها من بيانات ، ونخص منها بيان الجنسية "مصرية " بناء على إقرار صاحب الشأن الذى ابلغ عن المولود. • أما تشريع الجنسية المصرى رقم 26 لسنة 1975 – وهو لاحق لقانون الاثبات رقم 25 لسنة1968- فمن الواضح أن الذين أعدوه وأصدروه لا يعلمون شيئا عن قانون الإثبات ولا القواعد العامة فى الإثبات !! لماذا ؟؟؟ لأنهم لم يجعلوا لشهادة الميلاد أى حجية فى إثبات الجنسية ،وكأن بيان الجنسية المصرية الثابت بها قد جاء على سبيل الديكور فقط !!وفرض ذلك القانون الشاذ على الفرد تقديم أدلة إثبات شيطانية مستحيلة على تمتعه بالجنسية المصرية . وعلى هذا المنهج تواترت أحكام قضاء مجلس الدولة بقولها أن هذه الشهادة لم تعد لإثبات الجنسية بل هى معدة لإثبات واقعة الميلاد فقط . قد نجد العذر للقضاء لأنه إنما يطبق تشريع الجنسية الذى حدد شهادة الجنسية المصرية كمستند وحيد للإثبات ،ولكننا لانجد العذر له فى مسايرة ذلك التشريع لأنه تضمن التكليف بالمستحيل وخرج على القواعد العامة للإثبات مما يلقى به فى هوة عدم الدستورية . والأغرب والأعجب من ذلك أن فقهاء القانون بالإجماع يعتنقون هذا الفكر مما يجعل المشرع والقاضى راضى عن مسلكه.هم يسلمون ببيانات الخليفة الجديد لله على الأرض الواردة بشهادة الميلاد ، فيما عدا بيان الجنسية المصرية ،بزعم أن محقق الشهادة "لم تحقق من ثبوتها "!!! سبحان الله فى هذا الفكر العجيب !! ونحن نسألهم : هل محرر الشهادة تحقق من أب وأم المولود ونوعد ذكر أم أنثى ،وهى البيانات التى تقرون بصحتها وقبولها أنتم والقضاء؟ إن الموظف محرر الشهادة لكى يتحقق من الأم لابد أن يعاين عملية الولادة بنفسه ويشاهد المولود لحظة خروجه من رحم الأم ويكشف عليه ليعرف هل هو ذكر أم انثى ،ثم يقوم بالحصول على بصمة الأم والمولود !! فإذا أمكن ذلك – جدلا يعنى – فكيف للموظف أن يتأكد أن الأب المذكور اسمه فى الشهادة هو الذى وضع بذرة ذلك المولود فى رحم الأم؟ إنه لكى يتأكد من ذلك بنفسه يتعين عليه أن (؟؟؟؟؟؟؟) !!!!!!!!!! والعجيب أن من يقولون بذلك فى التشريع والفقه والقضاء ،هم أنفسهم مصريون بموجب شهادة الميلاد ،التى بناء عليها استخرجوا البطاقات الشخصية ، فالتعليم المجاني المكفول دستوريا للمواطنين ،ثم الخدمة العسكرية ،ثم الالتحاق بالوظائف العامة فى الجامعات والقضاء وغيرها. منهج فكرى لايتفق مع العقل و المنطق .أليس كذلك؟ لماذا لم يجلس هؤلاء فى بيوتهم ولا يلتحقوا بوظائف عامة حتى يثبتوا أنهم مصريين حسب القواعد التى يعتنقونها و يطبقونها على عامة الناس؟؟ إنها النظرة الدونية للمصريين ..!! هم السادة الأشراف يشرعون القانون ويطبقونه على الناس ، أما هم فلا يلزمهم. • فيا أيها المشرع الذى أعددت القانون رقم 174 لسنة 2005م بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية ،نحن نؤيدك فيما ذهبت إليه من إيجاد طريقة لإثبات الجنسية المصرية للمرشح للرئاسة وهى شهادة الميلاد + إقرار من المرشح:لماذا ؟ 1-لأن شهادة الميلاد هى مستند رسمي يحوز الحجية القانونية على النحو السابق ذكره. 2- لأنها بمثابة قرار إداري من الدولة ،والأصل فى القرارات الإدارية الصحة والمشروعية . 3-لأنك أنت نفسك مصرى بموجب شهادة الميلاد ،ولا تزعم أنك تحمل شهادة إثبات الجنسية المصرية المنصوص عليها فى قانون الجنسية باعتبارها المستند الوحيد المعد لذلك ،لا أنت ولا القاضي ولا أعضاء السلطة التشريعية الذين أصدروا هذا القانون . 4- وهذه الشهادة تمثل ما يعرف فى الفقه والقضاء بركن المعاملة والاعتداد بظاهر الحال يعنى حيازة حالة المواطنة ،والقانون يحمى الحيازة ،بل أن هناك حكم عظيم من محكمة القضاء الإدارى صادر فى 3أبريل 1956 قضى بأن: " الحالة الظاهرة " يمكن أن تكون وسيلة لإثبات الجنسية ،بل "تكفى وحدها " لإثبات الجنسية ،ومما يدخل فى تكوين الحالة الظاهرة الوثائق والمستندات التى يحملها الفرد كجواز السفر أو شهادة الميلاد ،أو شهادة التجنيد ،أو بطاقة الانتخاب ،أو البطاقة الشخصية أو العائلية أو السجل التجارى أو إقرارات الضرائب . "مجموعة أحكام المجلس س 10،ص 279" وغنى عن البيان أن الأصل فى كل هذه المستندات هو" شهادة الميلاد". 5- أن هذا الحل هو الذى أخذ به القانون الفرنسى (الذى نقل عنه مشرع الجنسية المصرى ) للتخفيف على المواطن الفرنسى فى إثبات جنسيته. "راجع رسالتنا للدكتوراه بجامعة عين شمس عام 2005 فى موضوع "إثبات الجنسية فى النظام القانونى المصرى ، دار النهضة العربية ص 209 وما بعدها ) 6- الإقرار وسيلة من وسائل الإثبات وإقامة البينة ،والأصل فى الإقرارات أنها صحيحة ،ويقع عبء إثبات العكس على من يدعى خلاف ذلك . ولكننا يا مشرع نختلف معك بكل ما أوتينا من قوة وننتقدك بكل شدة: 1- كيف يخفى عليك ويغيب عنك مبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات العامة المنصوص عليه فى المادة 40 من الدستور،فتجعل هذا الطريق السهل الميسر لإثبات الجنسية المصرية قاصرا على المرشح للرئاسة فقط؟ 2- كيف يغيب عنك أنك بذلك تعنى أن على جميع أفراد الشعب الالتزام بقواعد إثبات الجنسية المصرية المتنطعة التى أشرنا إليها ليكون لهم الحق فى الاستفتاء على الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية وإلا وقع الاستفتاء والانتخاب باطلا؟ 3- كيف غاب عنك أن تلك القواعد المتنطعة فى الإثبات تنطبق على أعضاء مجلسى الشعب و الشورى ،فإذا لم يلتزموا بها – ولن يستطيعوا -فهم غير مصريين ؟ 4- هل الأمر يحتاج إلى ميدان التحرير للدفاع عن حق الشعب فى إثبات جنسيته فى مواجهة تعسف سلطات الأمن بوزارة الداخلية فى وزارة الداخلية التى بمقدورها حسب قانون الجنسية الحالى أن تجرد أى مصرى من جميع الوثائق المصرية التى يحملها ( بطاقة الرقم القومى –جواز السفر المصرى ) بزعم أنها تشك فى جنسيته لأن اسم عائلته "المغربى :يعنى من المغرب " أو المهدى :يعنى من السودان "أو "الشاعر : يعنى من فلسطين " أو " الشامى : يعنى من فلسطين" وعليه أن يثبت جنسيته على النحو الوارد فى قانون الجنسية ، ولن يستطيع بالطبع فهنا يموت موتا مدنيا ..سيفصل من وظيفته لأنه سيعامل بوصفه أجنبى ،أولاده سيعاملون معاملة الأجانب بالنسبة للقواعد المقررة لدراسة الاجانب فى مصر ورسومها الباهظة ..يعنى باختصار راح فى ستين داهية هو أسرته . فإذا قال "ياناس : هناك مسؤلون كبار فى الدولة يحملون هذه الأسماء ،فهناك وزير يدعى المغربى ،ورئيس مجلس الدولة يدعى المهدى ، وهناك مستشار كبير يدعى الشامى : قيل له " خلليك فى نفسك ياسيد ..ما لكش دعوة بغيرة يا سيد .." أمامكم الفرصة التاريخية لتعديل ذلك النص فى الدستور لقطع الطريق على أجهزة وزارة الداخلية للتعسف مع المواطنين ..ولكى يكون هناك شعب مصرى على وجه القطع واليقين . هاهو الحل :إ إن قانون الجنسية المصرى رقم 26 لسنة 1975 لم يضع تنظيما شاملا لإثبات الجنسية المصرية ولم يرد فيه إلا نصان متفرقان أحدهما يتعلق بعبء الإثبات والآخر يتعلق بشهادة الجنسية المصرية ، وهى المستند الوحيد الذى أتى به تشريع الجنسية الذى يتيح لصاحب الشأن أن يثبت تمتعه بالجنسية المصرية ، ولم يتضمن التشريع الاعتداد بأى مستندات أخرى ، ولم يتضمن أيضاً الطرق الواجب إتباعها لإثبات الجنسية " وهذه العبارة لأستاذنا الدكتور فؤاد رياض . ." د/ فؤاد عبد المنعم رياض ، أصول الجنسية فى القانون الدولى والقانون المصرى المقارن ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1995 ، ص 379 " أما عن عبء إثبات الجنسية الجنسية المصرية ، فإن المادة 24 من قانون الجنسية المصرى رقم 26 لسنة 1975 تنص على أنه: « يقع عبء إثبات الجنسية على من يتمسك بالجنسية المصرية أو يدفع بعدم دخوله فيها » . و المستفاد من هذا النص أن عبء الإثبات يقع دائما على عاتق الشخص الذى تجرى المنازعة فى جنسيته سواء أكان مُدَّعِيًّا أم مُدَّعًى عليه ، فإذا ادَّعَى شخص أنه مصرى الجنسية فيقع عليه عبء الإثبات ، وإذا ادعى عليه شخص آخر بأنه مصرى الجنسية ودفع المُدَّعى عليه بعدم تمتعه بها ، فإنه يقع عليه أيضا عبء الإثبات. " د/ إبراهيم أحمد إبراهيم ، الجنسية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2003 ، ص 268 . ) وبهذا النص يكون المُشرّع المصرى قد خرج على القواعد والأصول العامة فى الإثبات التى تقضى بأن البينة على من ادّعَى . ويبرر الفقه ذلك النص بأنه يقيم قرينة لصالح الدولة فى مواجهة الأفراد ، تستطيع بمقتضاها فرض التكاليف العامة عليهم ، ومنها أداء الخدمة العسكرية ، دون أن يتصور أحد التزام الدولة بالتحقق من ثبوت الجنسية لهم ، فهذه القرينة هى امتياز من امتيازات التنفيذ المباشر للإدارة « الدولة ». (د/ فؤاد عبد المنعم رياض ، المرجع السابق ، ص 370 ، د/ إبراهيم أحمد إبراهيم ، المرجع السابق ، ص 296 ، وأيضاً د/ عصام الدين القصبى ، القانون الدولى الخاص المصرى ، النسر الذهبى للطباعة ، القاهرة ، 2002 ، ص 229 ) والحقيقة الغائبة عن الفقهاء هى أن الدولة التى يشيرون إليها هى السلطة الحاكمة فى مصر ،وتحديدا هى وزارة الداخلية ، التى تستطيع فى أى وقت أن تقول للمواطن "إثبت إنك مواطن " ولن تشفع له المستندات التى يحملها الصادرة له من الدولة ذاتها التى تثبت انه مواطن بل سوف تسحبها منه . غابت هذه الحقيقة نتيجة النقل الحرفى عن المشرع والفقه الفرنسى . الفرق واضح بين مفهوم الدولة فى فرنسا و مفهوم الدولة فى مصر. ثانيا : وحيث أن المادة رقم 15 من قانون الجنسية المصرى رقم 26 لسنة 1975 تنص على أنه : "يجوز بقرار مسبب من مجلس الوزراء سحب الجنسية المصرية من كل من اكتسبها بطريق الغش أو بناء على أقوال كاذبة خلال السنوات العشرة التالية لاكتسابه إياها. كما يجوز سحبها من كل من اكتسبها بالتجنس أو بالزواج وذلك خلال السنوات الخمس التالية لاكتسابه إياها، وذلك في أية حالة من الحالات الآتية: 1-إذا حكم عليه في مصر بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف. 2-. إذا حكم عليه قضائيا في جريمة من الجرائم المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج أو من جهة الداخل. 3- إذا كان قد انقطع عن الإقامة في مصر مدة سنتين متتاليتين وكان لك الانقطاع بلا عذر يقبله وزير الداخلية." والهدف من تحديد فترة زمنية لسحب الجنسية فى الحالات السابقة هو الحرص على استقرار الأوضاع. بناء على ما تقدم فإننا نقترح إلغاء المادة 24 على أن يحل محلها النص التالى : 1- شهادة الميلاد حجة فى إثبات الجنسية المصرية ، وكذلك أى وثيقة رسمية صادرة من الدولة بناء على شهادة الميلاد مثل بطاقة الرقم القومى وجواز السفر المصرى وشهادة أداء الخدمة العسكرية أوالاعفاء منها طبقًا للقانون . 2- تخضع هذه المستندات للقواعد العامة فى الإثبات من حيث جواز الطعن عليها بالتزوير أومن حيث جواز إثبات عكس ما تضمنته ،على أن يكون ذلك خلال عشرة سنوات من تاريخ ميلاد صاحب الشأن. هذا هو مقترحنا والفرصة القائمة الآن لن تتكرر ،ولن يُعدّل قانون الجنسية إلا بناء على طلب وزارة الداخلية بموافقة مباحث أمن الدولة وهذا أمر مستحيل حدوثه لعدم الفهم وعدم الرغبة فى ذلك ،ولأن القانون بوضعه الحالى يضع فى يد وزارة الداخلية سلطات واسعة لا حد لها فى تجريد أى مواطن من جنسيته فى أى وقت.ولقد حاولت ذلك أثناء فترة رئاستى لمصلحة الجوازات والهجرة والجنسية فى عهد السيد حبيب العادلى وزير الداخلية السابق ،ولكن مباحث امن الدولة رفضت ،ورفض السيد الوزير بناء على ذلك . وطالما أن المشرع قد فعلها فى قانون الانتخابات الرئاسية دون مراجعة وزارة الداخلية ،ووافقت على ذلك المحكمة الدستورية العليا ، فإن مقترحنا هذا لا يخرج عن كونه تعميما لأسلوب الإثبات الذى ورد فى هذا القانون على عامة الناس ليكون هناك شعب مصرى على وجه قاطع ومؤكد . وختاما : أوجه الخطاب للسادة أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة : إذا لم يتم ذلك فى عهدكم الآن فلن يتم .إن قانون الجنسية المصرى يتضمن عيوبا تشريعية كثيرة لا مجال للخوض فيها الآن إلا إذا سمحتم بذلك . أرجو إدراج ذلك المقترح فى نص دستورى بمناسبة التعديلات الدستورية المقترحة قبل إجراء الانتخابات القادمة لكى تكون صفة المواطنة (الجنسية ) ثابتة لجميع المرشحين والناخبين ،وجميع أفراد الشعب . ألا قد بلغت ..اللهم فاشهد. كاتب المقال مساعد وزير الداخلية سابقا ومدير مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية سابقا .