قدم نادر بكار، نائب رئيس حزب النور لشئون الإعلام، اعتذارًا عن رأيه الذي أثار جدلاً واسعًا بشأن سماعه إلى الأفلام وأن الموسيقى فيها خلاف سائغ، بعد أن تبرأت "الدعوة السلفية" من كلامه ومنعته من التصريح إلى الإعلام لحين "تقويمه". وكان بكار قال في لقائه ببرنامج "القاهرة اليوم"، على قناة "اليوم"، مساء الجمعة إنه يشاهد الأفلام السينمائية مع تحفظه على ما يأتي فيها، وكان آخر فيلم شاهده هو "المصلحة"، مضيفًا: "أنا أشاهد أفلامًا ولا أجد غضاضة في هذا، وآخر فيلم شفته فيلم (المصلحة) لأحمد السقا". وأضاف، أنه يحترم قرار المؤسسة الدعوية التي ينتمي إليها وموقفها من الأغاني، بينما يرى أن الموسيقى فيها خلاف سائغ، إلا أن بكار تراجع وقال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لسِرت على هذا المنهج في التفصيل بدلاً من الاختصار المخل". ونقل بكار في تغريدة على "تويتر" نص فتوى الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس "الدعوة السلفية" بخصوص التصريحات التي كان قد أدلى بها حول الغناء ومشاهدة الأفلام. وكان نص السؤال الموجه لبرهامي: ما هو موقفكم من تصريحات الأخ "نادر بكار" مِن أنه لا يجد غضاضة في مشاهدة الأفلام، وأن سماع الأغاني خلاف سائغ؟ وجاءت إجابة الدكتور ياسر برهامي، الآتي: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فهذا الكلام خطأ مِن قائله أيًّا مَن كان، وعليه أن يراجع الحق في ذلك، فإن مسألة المعازف والأغاني كما يشاهده الناس ليست من الخلاف السائغ؛ فإن الله -سبحانه- ذم مَن اختلف بعد مجيء البينات فقال: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ) (آل عمران:105)، والبينات هي: نصوص الوحي المنزل على الرسول -صلى الله عليه وسلم- كتابًا وسنة، والإجماع كاشف عن ذلك، والقياس الجلي من الميزان الذي أنزله الله، فالخلاف السائغ هو ما لا يصادِم نصًّا من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس جلي، وأما ما صادم نصًّا من كتاب أو سنة أو إجماعًا أو قياسًا جليًّا؛ فهو خلاف غير سائغ، وغير معتبر؛ ولذا لا يعتد به. ومسألة المعازف "الموسيقى" وإن كان فيها خلاف -قال بالجواز ابن حزم الظاهري، وسبقه بعض علماء أهل المدينة- إلا أنه خلاف ضعيف جدًّا؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ) (رواه البخاري معلقًا مجزومًا به، ووصله الطبراني والبيهقي وابن عساكر، وصححه الأئمة: كالنووي، وابن حجر، والألباني -رحمهم الله-)، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ: صَوْتٍ عِنْدَ نَغَمَةِ مِزْمَارِ شَيْطَانٍ وَلَعِبٍ، وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ: خَمْشُ وُجُوهٍ وَشَقُّ جُيُوبٍ، وَرَنَّةُ شَيْطَانٍ) (رواه الترمذي والحاكم واللفظ له، وصححه الألباني. ولا عبرة بتأويل مَن ضعَّف هذه الأحاديث بلا دليل! أو عارضها مع صراحتها بأقوال الرجال؛ فإن ما خالف نص السنة لم يكن الخلاف فيه سائغًا. إضافة إلى أن الأغاني المعاصِرة عامتها تتضمن غناءً من نساءٍ بالغات متبرجات، غالبًا يخضعن بالقول، مع كلمات الحب والهيام، ووصف المحاسن؛ إضافة إلى ما يوجد فيما يعرف "بالفيديو كليب" ونحوها، والحفلات مِن حركات لا يقول عاقل فضلاً عن عالم بجوازها أو بوجود خلاف فيها. وقد صرَّح لي الأخ "نادر" أنه اختلط عليه أمر إثبات الخلاف في مسألة المعازف بمسألة كون الخلاف سائغًا أم لا؟ أما مسألة أنه لا يجد غضاضة في مشاهدة الأفلام! فالغضاضة كل الغضاضة في مشاهدة النساء المتبرجات اللاتي لا يخلو فيلم ولا مسلسل منهن، وكذا في سماع الموسيقى المصاحبة كما سبق بيان حكمها؛ إضافة إلى أن موضوعات الأفلام إنما تدور حول الجنس والجريمة، وتمجيد الصراع حول المال والسلطة، مع أن أصل مسألة التمثيل فيها خلاف بين أهل العلم المعاصِرين "لو خلت مِن كل ما ذكرنا"، وكيف تخلو مِن كل ذلك؟! ومِن أهل العلم مَن يراها كذبًا محرمًا خاصة إذا كانت مؤلفات وروايات غير حقيقية سواء كانت تاريخية أو واقعية، ومنهم مَن يقول: إنها مِن باب ضرب المثال، وأنا أرى في هذه الجزئية الاقتصار على الأفلام ذات القصص التاريخي أو الواقعي الاجتماعي ليكون على سبيل الحكاية النافعة، ولا أعلم فيلمًا واحدًا خلا من المحرمات واُلتزم فيه ما ذكرنا من الحقيقة عدا ما ذكروا عن بعض نسخ فيلم "عمر المختار". وظني بالأخ "نادر" أن يكون رجَّاعًا إلى الحق، قابلاً للنصح، مستجيبًا للبيان، ولا يعيبه أبدًا أن يقر بخطأ ارتكبه أو سبقه لسانه به أو بديهته في وسط إعلام يتصيد مثل هذه المواقف. وظني بإخوانه أن يرفقوا به -إذا فعل ذلك-، ولا يكيلوا بمكيالين؛ فإذا قال بنفس الكلام أو فعله آخرون قَبِلوه وعدوه اجتهادًا، ولم يقيموا الدنيا عليه ويسعوا إلى هدمه -كما يفعل البعض-، وإذا فعله "نادر"؛ ذبحوه وقطعوه! فالإنصاف خلق عزيز نادر! اللهم أعزنا ونادرًا بطاعتك، وبالعودة إلى الحق، والتوبة إليك على مر الأنفاس.