بعيداً عن الصراعات السياسية وسلسلة التفجيرات والإغتيالات التى تشهدها مصر منذ عدة اشهر و حتى الآن .. هناك معارك آخرى قد لا ينتبه لها الكثيرون رغم أنه قد تكون لها أبعاد دولية وتأثيرات داخلية خلال الفترة القادمة .. من بين هذه المعارك معركة قانون الرياضة الجديد والذى سيطرح للحوار المجتمعى خلال الأسبوع الأول من شهر مارس القادم . هذا القانون يتم إعداده وسط أجواء داخلية وخارجية بالغة السوء بالنسبة للرياضة المصرية , حيث تهدد اللجنة الأولمبية الدولية بوقف النشاط الرياضى فى مصر , كما أن الإتحاد الدولى لكرة القدم (الفيفا ) يهدد بتجميد النشاط الكروى فى مصر بسبب أزمة إنتخابات الأندية والتدخل الحكومى فيها . وبنظرة سريعة على أسماء أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد قانون الرياضة الجديد والتى تنبثق عنها 11 لجنة فرعية نجد أنه تم تشكيلها وكأنها لجنة لإعداد قانون خاص بكرة القدم وليس للرياضة بشكل عام والتى تضم عشرات اللعبات الآخرى المعترف بها دوليا .. والدليل على ذلك أن اللجنة تضم مجموعة من الخبراء فى كرة القدم أمثال رئيس اللجنة الدهشورى حرب رئيس اتحاد الكرة السابق ونجوم ونقاد رياضيين وكذلك بعض الفنانات والفنانين ؟!! .. والسؤال : لماذا لم تضم اللجنة فى عضويتها شخصيات مصرية رياضية بارزة وتشغل مناصب قيادية فى الإتحادات الدولية أمثال هانى أبوريدة عضو المكتب التنفيذى للفيفا وحسن مصطفى رئيس الإتحاد الدولى لكرة اليد .. وغيرهما .. وإذا كان قد تعذر إشراك أمثال هذه الشخصيات وغيرها فى اللجنة فلماذا لم تستمع اللجنة إلى أرائهم فى القانون الجديد للإستفادة بخبراتهم الدولية فى هذا المجال حتى يتم إصدار قانون متكامل لا توجد به ثغرات قد تعرض مصر لمشاكل مع الإتحادات الدولية خلال المرحلة القادمة . وحتى لا يتصور البعض أننا نردد كلاما إنشائيا أسوق لكم مثالا يدل على العشوائية التى تدار بها الرياضة المصرية .. هذا المثال يتعلق برياضة الغوص والإنقاذ وهى رياضة معترف بها أولمبياً ولها إتحاد دولى (يكفى أن نشير إلى أن 60 % من الدخل السياحى لمصر يأتى عن طريق سياحة الغوص وفقا للإحصائيات الرسمية ) .. حيث أن هناك مشكلة كبيرة لا يعلم عنها جميع أعضاء لجنة إعداد القانون شيئا .. هذه الأزمة سببها الصراع بين وزارتى الرياضة والسياحة فى الإشراف على رياضة ومراكز الغوص والإنقاذ فى مصر .. وهى الأزمة التى بدأت منذ عام 2007 عندما كان زهير جرانه يشغل منصب وزير السياحة ..حيث قام بإصدار قرار وزارى برقم 266 لسنة 2007 بإنشاء غرفة للغوص تتبع وزارة السياحة بالمخالفة للقانون حيث أن إنشاء مثل هذه الغرفة يحتاج إلى قانون وليس لقرار وزارى ( كان هشام زعزوع وزير السياحة الحالى عضو فيها بصفته معاونا للوزير جرانة والمفاجأة أنها ضمت أسماء إثنين من الأجانب هما رولف شميدت الألمانى الجنسية وروبرت ريد ) . وقد لا يعلم الكثيرون أن جرانه قام بإصدار هذا القرار لحماية مراكز الغوص الخاصة به والتى يمتلك منها 17 مركزا فى الغردقة وحدها وحتى تكون بعيدة عن رقابة وإشراف الإتحاد المصرى للغوص والإنقاذ . ورغم أن الإتحاد الدولى للغوص أعلن رسميا أن الإتحاد المصرى للغوص والإنقاذ هو الممثل له فى مصر ومن حقه التفتيش الفنى على مراكز الغوص ومعداتها وكذلك اصدار شهادات مدربى الإتحاد الدولى للغوص للمدربين العاملين فى مصر وذلك لتجنب حوادث الغوص .. ورغم إبلاغ جرانه بخطاب رسمى من الإتحاد الدولى بذلك إلا أنه لم يلتفت لهذا الخطاب ولم يكتف بذلك بل اصدر قراراً آخر يحمل رقم 30 لسنة 2007 بإعتبار مراكز الغوص من المنشآت السياحية .. وإستمر هذا الوضع الشاذ منذ عام 2007 وحتى الآن , على الرغم من أنه وفقا لقوانين الرياضة رقم 77 لسنة 1975 و48 لسنة 1968فمن حق الإتحاد المصرى الإشراف الفنى على مراكز الغوص وإصدار شهادة الصلاحية الفنية للمركز وفقا للقوانين واللوائح المعمول بها فى الإتحاد الدولى حيث أنها الشهادة الفنية الوحيدة المعتمدة داخل وخارج مصر ولدى اتحادات الغوص بدول العالم المختلفة وشركات التأمين الدولية . تجدر الإشارة فى هذا السياق إلى أن النيابة العامة أكدت فى كتاب رسمى صادر عن المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام السابق على أعضاء النيابة (مراعاة ندب الخبراء والمختصين بالإتحاد المصرى للغوص والإنقاذ لمعرفة أسباب حوادث الغوص وملابساتها بالإضافة إلى ندب الطبيب الشرعى أو مفتش الصحة لتحديد اسبب الإصابة والوفاة ) . والسؤال الأن : إلى متى تستمر هذه المهزلة ..ولماذا تستمر وزارة السياحة فى إقحام نفسها فى هذه الرياضة رغم إعتراض الإتحاد الدولى ؟ ولماذا يصمت وزير الرياضة على ذلك أم أنه لا يعلم عن هذه المشكلة شيئاً ؟ ..وهل ستتم معالجة مثل هذه المشاكل فى القانون الجديد للرياضة حتى لا تتعرض مصر لمشاكل وأزمات مع الإتحادات الدولية واللجنة الأولمبية الدولية ؟.