بداية أكتب هذا المقال وأنا أعتز بانتمائى للسلفية ولكنى أنتمى للسلفية بمعنى المنهج السلفى القائم على فهم الكتاب والسنة بمنهج السلف أقول ذلك لأن الواقع يشهد أسماء وأفكار مختلفة فى حقيقة تطبيق منهج السلف وهى تدعى الإنتماء للسلفية ووأذكر أن من حبّبنى فى السلفية هو ماكتبه الشيخ الألبانى رحمه الله عندما قرأت له عام 1980 كتاب صفة صلاة النبى وكان أشد ماوقع فى قلبى واستولى عقلى مقدمته التى تكلم فيها عن الإجتهاد والتقليد واتباع الدليل فحفر فى عقلى وزرع فى قلبى خارطة طريق فى العمل الإسلامى لم أتخلى عنها بفضل الله ولكنى رأيت البعض يتخلى عنها لأسباب كثيرة منها محبة الشيخ والعلاقة الشخصية أو المنفعية من وراء علاقته بالشيخ فظهر فى السلفية سلفية الشيوخ بدلاً من سلفية المنهج وظهر سلفية الشكل لا المضمون والتفاصيل كثيرة وترتب على ذلك اشكاليات كثيرة فى الحالة السلفية لم تتوقف كان من نتائجها توقيف وتجميد الشباب المسلم فى العمل بالدليل بحسب رؤية كل شيخ اتبعوه رغم أن قواعد المنهج ترشد لإتباع الدليل لكن الهوى غلب وتقليد الشيوخ صار منهج وليس إتباع الدليل وكان من أهم ما شاهدته فى الحالة السلفية هو تجميد الحركة فى إطار تلقى العلم الشرعى فقط وكأن بقية العلوم ليست من فروض الكفايات والكثيرون لم يقصدوا ذلك ولكن الواقع العملى والخوف من التفاعل مع الأحوال العامة بسبب القهر الأمنى والخوف التقليدى من مغبة تقليد جماعة الإخوان (بسب الخلاف الذى تم ترسيخه بين الاخوان والسلفين كأنه ثابت مقدس) وبعض تقليد للحالة السعودية (التى لها خصوصيتها ) كل ذلك وغيره جمد آليات الحركة عند الحالة السلفية فى مصر رغم أن الحالة السلفية يجتمع فيها صفاء العقيدة وصفاء المنهج والتربية وإخلاص الفرد وإجتهاده فى العلم لكن الخوف من الحركة جمد كل تلك الأسس الجميلة الرائعة التى بها وعليها تنهض وتقوم الأمة أكتب ذلك لأن المشهد السلفى حدث فيه تغيير لافت جداً بسبب ثورة 25 يناير فقد تفاعل مع الثورة فريق من السلفيين تفاعل رائع فى ميدان التحرير أدهش المراقبين وفريق ظل فى ترقب ثم تفاعل بحرص ثم بدأ يفتش عن حتمية التغيير والفريقين من المخلصين وهنا لألتفت للمرجفين ولاالمتخاذلين ولاالمنفاقين المتلونين مهما كانت مسمياتهم وأشكالهم لأنهم لايمثلون منهج السلف بل يعبرون عن أنفسهم ولكنى أهتم بأولئك المخلصين الذين تفاعلوا مع الثورة وإنطلقوا يهتفون ويحرضون ضد الظلم بموقف سلفى واضح يعيد إلى الأذهان منهج السلف الصالح الحقيقى ويوم الجمعة 25 فبراير حضرت خطبة لشيخ وهو رجل أعتز به على المستوى الشخصى وهو من أولئك الذين تفاعلوا مع الثورة من أول يوم بموقف شجاع لافت وهوتطبيق لمنهج السلف الصالح وقد جاء فى الخطبة عدة نقاط كأنها تلخيص للحالة السلفية الجديدة الرائعة منها تجديد اشادته بالثورة وحرصه على الوقوف عند الإيمان بالله وقدره فى رؤية الأحداث ثم كان الجديد جداًهو طلبه وحثه على أن يكون لكل مسلم بطاقة انتخابية ليشارك فى صنع نظام وطنه السياسى واتبع ذلك بإشادته بجماعة الإخوان وكان من أجمل ماقال أن اعتبرمن ينتقدون الثورة من يّدعون أنهم سلفيين أنهم ليسوا سلفيين بل السلفية بريئة منهم تلك النقاط تعتبر لوحدها ثورة فى الحالة السلفية وأذكر عام 99 عندما تقدمت بمشروع حزب الشريعة كيف كانت نظرة السلفية فى مصر لمجلس الشعب والعمل السياسى والإنتخابات لكن التغيير بفضل الله جاء بسبب الثورة التى أزالت كثير من المعوقات لكن استوقفنى نقطتين 1- أن الشيخ انتقد من يقولون أن وجود مبارك فى شرم الشيخ خطأ وأنه مازال بأعوانه يحكم واعتبر ذلك من قبيل الإرجاف والإشاعات التى ينهى عنها الشرع وأعتقدأن نقده مقبول من قبيل الرأى لكن تحميل الرأى الآخر تحميلاً دينيا أعتقد أنه ينبغى على الإسلاميين أن يراجعوا أنفسهم فيه فليس كل رأى مخالف نحمله على المخالفة فى الدين بل ممكن أن تتعدد الأراء فى تحليل الموقف السياسى وكل مجتهد وهو ماينبغى أن يعيه الدعاة عند تعرضهم لشأن سياسى 2- طلب الشيخ أن تعود الشرطة كى يعود الأمن وهو كلام جميل فلابد من الأمن وتحقيقه لن يتحقق الإبرجال الشرطة لكنه قال أنه ينبغى أن نبدأ صفحة جديدة وأثنى عليهم وعفا عنهم وهنا مكمن الخطورة فالكلام لابد من التوقف معه فبلاشك يوجد فى رجال الشرطة شرفاء ولكن كل من تعامل مع الشرطة المصرية من الشعب المصرى يعلم أن المعاملة السيئة للشعب من غالبهم هى العنوان وأعتقد أن ذلك من المعلوم بالضرورة ثم يوجد حقوق ليس للشيخ وللسلطة الحاكمة أن ترغم الناس على التنازل عنها يوجد دماء شهداء قتلى وجرحى وحقوق مظلومين ظلموا فى السجون وعذبوا وأموال نهبت وكل ذلك مرتبط بحتمية رد الحقوق و أن يتغير جهاز الشرطة فى طريقة تعامله مع الشعب ثم أليس لافتاًأنه لم يحاكم شرطى واحد فى وقائع القتل حتى وزير الداخلية السابق المسؤل الأول؟؟ من تلك النقطتين أتوقف لأقول للدعاة أنه مع حرصكم على الخير لابد أن تتريثوا ولم يعد مقبولاً أن تتكلموا فى الأمور العامة والناس تسمع لكم فقط فراجعوا ماتقولون الشاهد أن من أجمل ثمار الثورة أن السلفية تتغير وتعود إلى قواعدها السليمة فى اتباع منهج السلف الصالح وينبغى أن يعى ذلك بعض الشباب الذى مازال أسير صورة الشيخ والكتب ويعى أن العلم اذا لم تعمل به فهو حجة عليك وأن الشيخ مهما كان شكله وشهرته إنسان يخطىْ ويصيب فعليه بإتباع الدليل وليس الشيخ فكم من شيخ تسبب تقليده فى اشكاليات ومفاسد وأخيراً يقينا الغد لن يكون مثل الأمس بفضل الله ولكن علينا أن نعى أخطاء الأمس كى يكون الغد أفضل جداً ممدوح اسماعيل محام وكاتب عضو مجلس النقابة العامة للمحامين [email protected]