يحتفل الشعب الكوسوفي يوم 17 فبراير من كل عام بعيد استقلاله، حيث أعلن البرلمان الكوسوفي منذ ستة أعوام وبالإجماع استقلالها وإعلان برشتينا عاصمة لها، وقد تسابقت الدول العربية والإسلامية والغربية بالاعتراف بهذه الدولة الوليدة لتتوج كفاحها ونضالها ضد حرب الإبادة والتطهير العرقي الذي تعرض له الشعب الكوسوفي. وتأتي فعاليات احتفال هذا العام بفرحة عارمة بعد أن اعترفت الحكومة المصرية رسميا بكوسوفا كدولة مستقلة ذات سيادة.. ولاشك أن هذا الاعتراف بدولة كوسوفا موقف يستحق الإشادة به نظرا للدور المحوري لمصر في المحيطين الإقليمي والدولي، ذلك أن اعتراف مصر يعد وبحق دعما استراتيجيا لقضية المسلمين في كوسوفا.. فبعد اعتراف القاهرة بكوسوفا حذت حذوها عدة دول أخرى الأمر الذي يعكس ثقل الدور المصري وتأثيره في المحيط الإقليمي.
ويشكل المسلمون 97% من إجمالي عدد سكان جمهورية كوسوفا، وقد دخلها الإسلام في القرن الخامس عشر الميلادي مع الفتح العثماني لها، ولغتها الرسمية الأكثر انتشارا هي الألبانية التي يتحدث بها نحو 95% بالإضافة إلى لغات الأقليات الأخرى.
وتقع في جنوب شرق أوروبا تحدها جمهورية مقدونيا من الجنوب الشرقي وصربيا من الشمال الشرقي والجبل الأسود من الشمال الغربي وألبانيا من الجنوب. يبلغ عدد سكانها حوالي ثلاثة ملايين نسمة، وقد كانت كوسوفا من ضمن الاتحاد اليوغسلافي، وبعد تفكك الاتحاد اليوغسلافي وإعلان الجمهوريات الأخرى استقلالها ك(سلوفينا وكرواتيا ومقدونيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك، وصريبيا.
وتعد"برشتينا" العاصمة هي أكبر مدنها، ونظام الحكم فيها برلماني، وئيس الدولة الحالي السيدة عاطفة يحيى آغا، ورئيس الوزراء هو هاشم ثاتشي، ورئيس البرلمان يعقوب كراسنيتش.
كان عام 1998 هو العام الذي لفت أنظار العالم بقوة إلى خطورة الأوضاع في كوسوفا حيث دخل جيش تحرير كوسوفا في صراع مع الجيش الصربي فأرتكب الأخير مجازر وحشية ضد المدنيين الألبان، مرتكبا أبشع جرائم الإبادة والتطهير العرقي والذي كان محملا بالكراهية الدينية لشعب كوسوفا المسلم.
وقد جاء تحرك المجتمع الدولي متأخرا بعد أن أوشك أن يُباد الشعب الكوسوفي عن آخره، وبعد أن ارتكبت في حقه أبشع الجرائم من قتل للأطفال وجرائم اغتصاب وعمليات تهجير للمواطنين لم يشهد التاريخ مثلها، وحقن للأطفال بأمصال تصيبهم بالعقم لضمان عدم زيادة السكان في المستقبل وغيرها كثير من الجرائم التي يندى لها الجبين. وفي مارس 1999م، شن حلف شمال الأطلسي (النيتو) غارات جوية على صربيا مما أرغم السفاح ميلوشيفيتش على الانسحاب من كوسوفا. وفقدت بلغراد السيطرة الفعلية على الإقليم الذي وضع تحت حماية الأممالمتحدة وحلف النيتو الذي ينشر نحو 17 الف عسكري فيه. وجرت مفاوضات حول الوضع النهائي لكوسوفا بين الصرب والكوسوفيين الألبان, قدم في ختامها مارتي اهتيساري الذي كلفته الأممالمتحدة إعداد خطة لوضع نهائي للإقليم تقضي باستقلاله تحت اشراف دولي, دعمها الأميركيون ومعظم الأوروبيين.
وفي يوم 17 فبراير/شباط 2008م أعلنت كوسوفا استقلالها بدعم من الدول الديمقراطية العظمى كالولايات المتحدة وعدد من دول الإتحاد الأوروبي والسعودية وباقي دول الخليج العربي التي سارعت بتأييد الاستقلال في حين رفضته روسيا بشدة ودعت إلى جلسة عاجلة لمجلس الأمن، وذلك لما هو معلوم أن صربيبا عرقيا تتبع روسيا.
ومن الجدير بالذكر أن هناك 106 دولة اعترفت بكوسوفا كدولة مستقلة حتى الآن.
وهناك علاقات تاريخية وثقافية وأواصر حميمة تربط بين الشعبين الشقيقين (المصري والكوسوفي)، ومما يدل على هذا الحب العارم الذي يُكِّنه الشعب الكوسوفي لمصر وأهلها، هو أن أقصى ما يتمناه المواطن الكوسوفي ويحلم به هو زيارة مصر.
وفي النهاية كل الشكر والتقدير للدور المصري في دعم قضية كوسوفا، والذي يؤكد على ريادة جمهوية مصر العربية ودورها المحوري ودعمها للأقليات والشعوب المسلمة، ولا عجب في ذلك فمصر بلد الأزهر، وكعبة الإسلام وحصنه المنيع، وستظل كذلك بشعبها الأبي وجيشها القوي، تحية لمصر العروبة والإسلام، وتحية للشعب الكوسوفي في عيده الوطني.
* كلية اللغات والترجمة – جامعة الأزهر عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.