قالت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية إن عشرات البدو المصريين ماتوا عام 1972، خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء بعد طردهم وإجلائهم قسرًا من منازلهم، وذلك بسبب تدريب سري للجيش الإسرائيلي. وأضافت أنه وفقًا لشهادات ظهرت في سيرة ذاتية جديدة لآرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، فإنه من بين المطرودين كان هناك مسنين وأطفال ماتوا بسبب البرد، وحتى اليوم لم يقدم أحد للمحاكمة. وأشارت إلى أن عملية طرد هؤلاء البدو جاءا على خلفية تدريب سري مسمى ب"عوز" اعتبر الأهم من نوعه في تاريخ الجيش الإسرائيلي ويتضمن نقل فرق مدرعة عبر العائق المائي، لافتة إلى أن هذا التدريب عزز إستراتيجية الأمن الإسرائيلية والتي تنص على أنه في حال نشوب حرب مع مصر سيقوم الجيش الإسرائيلي بعبور قناة السويس وينقل المعركة للجانب المصري. وبدأ التدريب في 20 فبراير 1972 واستمر لمدة 6 أيام في سرية تامة، وحضره كل من رئيس الوزراء وقتئذ جولدا مائير ووزير دفاعها موشي ديان ورئيس الأركان دود إليعاز، وقبل ذلك بأسابيع أصدر آرييل شارون القائد العسكري لمنطقة الجنوب آنذاك أمرًا بإجلاء 3 آلاف مواطن من بدو سيناء، والذين كانت خيامهم ومراعيهم موجودة في منطقة التدريب العسكري. وأوضحت أن عملية الإجلاء القسري جاءت في ظروف مناخية سيئة حيث كان موجة من البرد تضرب صحراء شبه الجزيرة المصرية، وتمت عملية الإجلاء بدون السماح لهؤلاء البدو بأخذ متعلقاتهم معهم، ما أدى إلى وفاة العشرات منهم، خاصة من الرضع والأطفال الصغار والمسنين. وأشارت إلى أن تلك القضية لم تعرف علنًا على مدار 42 عامًا، وتم الكشف عن تفاصيلها لأول مرة في سيرة ذاتية صدرت مؤخرا لشارون، تعتمد على تقرير تم إعداده عام 1972 على يد الدكتور يتسحاق بييلي الخبير والباحث في المجتمع والثقافة البدوية. وسمع بييلي الذي كانت يبحث في حياة البدو في النقب وسيناء، للمرة الأولى عن عملية الطرد في نهاية فبراير 1972 من احد شيوخ قبيلة الترابين الذي التقاه في مدينة العريش، وحكى له الشيخ أن مجموعة كبيرة من أبناء القبيلة تم طردهم من خيامهم ومناطق الرعي الخاصة بهم في منطقة أبوعجيلة، واضطروا إلى السير على أقدامهم مسافة عشرات الكيلومترات والتمركز جنوبًا بمنطقة جبل الحلال. ونقلت الصحيفة عن بييلي: "وقتها ذهبت للمنطقة التي يتواجد بها البدو بسيارتي الجيب والتقيت بهم وهم يجلسون مجموعات.. مجموعات في خيم تم تنصيبها بشكل عشوائي، كان قد اضطروا لترك غالبية متعلقاتهم ورائهم، لقد حكوا لي أنه في منتصف الليل جاء إليهم ضباط من الجيش الإسرائيلي وأمروهم بترك أراضيهم فورا". وأشارت الصحيفة إلى أن عملية الطرد تمت على مدار 3 ليال على الأقل في يناير 1972، وعندما رفض بعض الأهالي الأمر، أطلق الجنود الإسرائيليون النيران وقاموا باقتلاع الخيام"، مضيفة أن البدو الذين تركوا جمالهم ورائهم لم يجدوا وسيلة نقل إلا استخدام أقدامهم في ظروف جوية قاسية باردة وظلام الليل. ووفقا للشهادات التي ضمها الكتاب الجديد فإن البرد والتعب وعدم وجود مأوى للبدو المطرودين من أراضيهم أدت إلى وفاة حوالي 40 شخص، من بينهم الكثير من الرضع والأطفال والمسنين. وبسؤال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن الواقعة، أجاب أن القضية موثقة ومعروفة للقسم التاريخي التابعة لشعبة العمليات بالجيش لكن لأن الحديث يدور عن حادثة تاريخية كل المتورطين فيها تركوا الخدمة العسكرية منذ سنوات، فإن الجيش الإسرائيلي غير معني بالحديث عن الأمر.