إن تاريخ الاغتيالات السياسية في المحروسة قديم ومبرراته كثيرة باختلاف التوجهات والأيدلوجيات التي حرضت و استهدفت أشخاصا أو رموزا وقامت بمحاولة تصفيتهم سواء نجحت في ذلك أم لا. بدأت الاغتيالات السياسية وعرفها تاريخ المحروسة مسجلا حادثة القلعة الشهيرة والتي قضى فيها على العسكر والعسس من المماليك الطامحين والطامعين آن ذاك في استمرار مملكتهم الزائفة وحكمهم الباطل محاولين بذلك عرقلة قطار النهضة والبناء..فكان القضاء عليهم في مذبحة قضت عليهم، ومضى قطار النهضة ليسجل لمصر قوة عالمية بنيت على أنقاض هؤلاء الطامعين. فكانت هذه النهضة سببا في توحد الغرب للقضاء على تلك القوة الناشئة حتى تحقق لهم ما أرادوا بحملات الفرنجة تلاها استعمار الانجليز.واختلفت الاغتيالات السياسية منذ ذلك التاريخ لتعبر عن الرغبة في تصفية الخونة – من وجهة نظر المنفذ- وذلك لنيل الاستقلال أو المضي قدما في فرض إرادته .حيث تم اغتيال بطرس باشا غالى وزير الخارجية عام 1910 نتيجة لمحاولته في مد حق امتياز استغلال قناة السويس للانجليز فما كان من إبراهيم الوردانى إلا أن قام بتصفيته .تكررت في تلك الحقبة الزمنية سلسلة الاغتيالات على كافة المستويات بداية من السلطان حسين ومرورا بمشتغلوا السياسة أو حتى الساسة من أمثلة محمد سعيد باشا رئيس الوزراء ومحمد توفيق باشا وعبد الخالق ثروت باشا حتى أن محاولات الاغتيال تلك قد بلغت 75 قضية اعتداء سواء محاولات اغتيال نجحت في تصفية جسدية أو تم إحباطها، وكانت مصنفه بعدد43 قضية اعتداء على أفراد من قوات الاحتلال وأعوانه آنذاك و22 قضية اعتداء ومحاولة اغتيال على الحكام الوطنيين . تلك الحقبة الزمنية شهدت اضطرابا في المعالجات السياسية وصلت إلى حد التصفية الجسدية لمخالفي الرأي ،ولذا لا يمكن أن تنتزع أحد الأحداث ليقاس عليها واقعنا الحالي وإسباغ صفة ما على فصيل بعينه نتيجة انتزاع حدث ما من تلك الحقبة الزمنية.إلا أننا يجب أن نعرف بعض الأمور الهامة في حوادث اغتيال بعينها ونبدأ بحادثة مقتل النقراشي باشا والذي دفع حياته ثمنا لمخطط بدأه هو نفسه بالتواطؤ مع الانجليز للقضاء على مواطن الدفاع عن القضية الفلسطينية وعدم تفعيل الخطط الناجزه للقضاء على أو مقاومة الهجانا وشترن وقتها لنصرة القضية الفلسطينية بشهادة أمين الحسيني نفسه . حتى تم اغتياله أي النقراشي باشا بواسطة جماعة الإخوان عقب إصداره قانون بحل الجماعة ومصادرة أموالهم ومقراتهم وتجريم أفعالهم استكمالا لتواطئه وعمالته– ما أشبه الليلة بالبارحة-. وسبق اغتيال النقراشي مقتل كلا من رئيس الوزراء احمد ماهر باشا وأمين عثمان باشا ومحاولات تفجير سينما مترو ومقتل المستشار احمد الخازندار . وما إلى ذلك مما سطره التاريخ لحوادث القتل والاغتيالات ، وتلا مقتل هؤلاء مقتل الأستاذ حسن البنا ولم تتوقف حوادث الاغتيالات السياسية ولكن اختلفت أشكالها حتى اندثر شكلها المباشر المعهود والمعروف لدينا وظهرت حوادث الاغتيالات المقنعة كحادثة اغتيال المشير عبد الحكيم عامر أو حادثة اغتيال جمال عبد الناصر عن طريق السم .هذا على المستوى المحلى أما المستوى الاقليمى فحدث ولا حرج . ورجوعا إلى حوادث الاغتيالات ونسبها إلى الأيدلوجيات التي حرضت أو قامت بتنفيذ حوادث الاغتيالات تجد أن الإخوان المسلمون والتيار الوطني والاتجاه اليساري وجماعة حدتو الاشتراكية كل هؤلاء اشتركوا واستخدموا العنف في تلك الحقبة سواء بنفس القدر أو بنسب متفاوتة، وما ينسب لجماعة الإخوان من انتهاجها للعنف هما حادثتي مقتل النقراشي باشا والمستشار احمد بك الخازندار بالرغم من تبرأ الجماعة من أن ينسب لها مقتل الخازندار علما بان من قاموا باغتياله هم أفراد من التنظيم الخاص بالجماعة.وتظل الجماعة هي الأقل من بين الجماعات التي لجأت إلى الاغتيالات السياسية في تلك الحقبة حتى أنهم لم يستخدموا العنف ضد قاتلي المؤسس حسن البنا أو المحرضين على قتله من متآمرين بل ولم ينسب إليهم لجوئهم إلى العنف منذ انتهاء تلك الحقبة . إن التاريخ لا يكرر نفسه ولكن الناس أنفسهم لايستوعبون تاريخهم فينبطحوا أسرى تحت تأثير نفس الأخطاء. المرحلة القادمة هي مرحلة الاغتيالات السياسة ولكنها هذه المرة اغتيال العقول والإرادة أما قتل الأجساد فسيترك للمواطنين "الشرفاء" من الناشطين والبلطجية حتى ينالوا شرف النضال الثوري ضد قوى القهر والطغيان ...! اشد اللحظات ظلمة هي التي تسبق الفجر ..والى أن يبزغ شمس حريتك يابلادى لك من السلامة.