امتدت مظاهرات "يوم الغضب" إلى داخل مجلس الشعب، بعد أن تقدم النائب محمد عبد العليم داود ببيان عاجل أمس لمناقشة تداعيات الوضع، ومسئولية الحكومة والوزراء عن الحالة الخطيرة التي وصلت إليها البلاد، بسبب استشراء الفساد والاحتكار والبطالة والفقر وتزايد حالات الانتحار. وقال عبد العليم إنه حذر من تلك التداعيات الخطيرة وما شهدته محافظات مصر من ثورة غضب الشعب المصري، وذلك منذ عام 2004 من خلال العديد من الاستجوابات وطلبات الإحاطة، فضلاً عما قدمته المعارضة بهذا الشأن دون استجابة لتلك التحذيرات من قبل الحكومة. وأشار إلى أن ما حدث يوم الثلاثاء من مظاهرات واحتجاجات ومطالبات بالتغيير والإصلاح جاءت نتيجة رد فعل الشعب المصري على ما وصفها ب "اللامبالاة والتجاهل العام لإرادة الشعب المصري وسخطه على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية". وأكد ضرورة الاستجابة لمطالب الجماهير، وفي مقدمتها الإصلاح والتغيير وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، والضرب بيد من حديد على الفساد ومحتكري قوت الشعب المصري، وإنهاء سياسة تزاوج السلطة بالثروة. من ناحيته، تقدم محمد الصحفي النائب عن الحزب "الوطني" ببيان عاجل حول هذا الشأن، طالبا الاستماع إلى بيانات من الحكومة حول ما حدث يوم الثلاثاء ومعرفة الإجراءات التي سوف تتخذها في هذا الشأن. في سياق متصل، وصف برلمانيون سابقون مظاهرات "يوم الغضب" بأنها بمثابة جرس إنذار للنظام بعد أن ضاقت القاعدة العريضة من الشعب وتأكدت من أنه لا أمل في الإصلاح والتغيير في ظل "نهب الثروات، وتزاوج السلطة بالمال، واحتكار عصب الاقتصاد المصري في أيدي حفنة من الموالين للحزب الوطني". ووصف الدكتور جمال زهران، مظاهرات الثلاثاء ب "الثورة الجديدة التي تدق جرس إنذار للنظام"، وقال إنها عبرت عن الغضب المشحون داخل نفوس الشعب من غياب العدالة الاقتصادية والاجتماعية ووأد الحرية والديمقراطية، وما حدث من تزوير فاضح لانتخابات 2010، والتي اعتبرها كانت إشارة الغضب الكبرى التي شعر بها المصريين. ورأى أن ما حدث الثلاثاء لم يحدث منذ أحدث أحداث 17 و18 يناير عام 1977م من مظاهرات انطلقت من الساعة الحادية عشر صباحا وحتى الرابعة فجرا، وقال إنه لولا استخدام القوة المفرطة من الشرطة وإطلاق الرصاص المطاطي واستخدام العصا الكهربائية وخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع ما تفرقت هذه المظاهرات والتي قتل فيها عدد من المواطنين. وتساءل: أين الشرطة من حماية الشعب وقد ارتكبت جريمتين؛ الأولى تزوير الانتخابات، والثانية وأد الديمقراطية والحرية مع المتظاهرين؟، وقال: سوف نذكرها دائما بجريمتها كل عيد لها. واتهم زهران الشرطة بإهانة الشعب المصري في عيدها، وقال "إننا سنطالب بمحاسبة وزير الداخلية وعزله فورا وهذه أول شروط الحديث مع النظام". من جهته، دعا محمد خليل قويطة وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب السابق القيادة السياسية إلى اتخاذ إجراءات سياسية سريعة للاستجابة لمطالب المتظاهرين خاصة في ظل ارتفاع معدلات الفقر والتي أعلن عنها وزير التنمية الاقتصادية الدكتور عثمان محمد عثمان والتي حددها ب 41%، منهم 21% تحت خط الفقر و20% أولى بالرعاية وهو لفظ محسن ومجمل للفقراء. وقال إن تصريحات الحكومة غير معبرة عن الواقع، خاصة وأنها تقول إن معدلات التنمية وصلت إلى 7.1% لكن هذه المعدلات انعكست على مجموعة وطائفة معينة نتيجة غياب العدالة وتوزيع الدخل. ورأى أن مظاهرات الثلاثاء جاءت نتيجة مصادرة إرادة الشعب في اختيار حكامه وناخبيه، وقال: للأسف هذا النظام يستهين بالشعب ولا يحترمه ولابد له أن يأخذ قرارا سريعا بتشكيل لجنة لصياغة دستورية جديدة وحل مجلسي الشعب والشورى والدعوة لانتخابات جديدة تحقق تداول السلطة. وأكد النواب السابقون الدكتور محمد البلتاجي والدكتور حمدي حسن والدكتور فريد إسماعيل ومحمد مصطفى شردي وعبد الوهاب الديني ومحمود مجاهد ضرورة أن يستجيب النظام لمطالب الشعب المصري بعد أن فقدوا إرادتهم وحريتهم والأمل في حياة كريمة وأجر يستطيعون به مواجهة أعباء الحياة. وحذروا من أن ثورة الشعب القادمة عواقبها وخيمة على الحزب "الوطني" الذي يحتكر الحياة السياسية ومؤسسات الدولة منذ 30 عاما، وأكدوا على ضرورة أن يستجيب النظام للشعب الرافض للتزوير الذي حدث بانتخابات مجلس الشعب وأيضا مجلس الشورى، خاصة وأن أحكام القضاء واضحة بهذا الشأن، فضلا عن آلاف الطعون المحالة إلى محكمة النقض وعدم صحة عضوية الأغلبية داخل هذا البرلمان المزور. وقالوا إن مظاهرات "يوم الغضب" لم تحركها فئة معينة كما يحاول الحزب "الوطني" وقياداته تضليل الرأي العام والتقليل من أعداد الذين شاركوا في مظاهرات أمس وتحديدها ب 30 ألف متظاهر على الرغم من أنها زادت عن مائة ألف متظاهر. وأشارو إلى أن المظاهرات التي تجمعت حولها كافة الأطياف السياسية والحركات الشبابية والفضائيات تشهد على ذلك، وأنها كانت تهدف توجيه رسالة تطالب بضرورة الإصلاح والتغيير ومحاربة رموز الفساد والاحتكار. واعتبروا أن الاحتجاجات الشعبية عكست شعورا شعبيا تولد فيه الغضب والاحتقان وعدم الخوف من تهديدات الأمن وتحذيره بإلقاء القبض على أي مظاهرة لا تحمل ترخيص بذلك، وطالبوا النظام بأن يتعامل مع الاحتقان الشعبي النابع من محاصرة الشعب بالفقر والفساد والاستبداد بالحكمة وعدما إحالة مثل هذه الملفات الهامة إلى الجهات الأمنية التي لا تتعامل إلا بسياسة التهديد والضرب، على حد قولهم.