أكد الدكتور فرنك فوجل، نائب رئيس منظمة الشفافية الدولية، أن مكافحة الفساد وتعزيز فرص الشفافية والنزاهة فى المجتمعات النامية، ومن بينها مصر يتطلب دعم تلك الدول للإعلام الحر ومساندته, مشددا على أهمية هذا الأمر رغم صعوبته في كثير من الدول في الكشف عن الفساد فيها. وعزا تأخر ترتيب مصر في الترتيب العالمي لمكافحة الفساد ضمن تقرير منظمة الشفافية الدولية إلى العديد من المشكلات المتعلقة بالفساد التى تتطلب مراجعتها، مرجعا السبب الأساسي لهذا التراجع إلى رجال الأعمال، وكما توصلت المنظمة من خلال مسح أجرته في مصر لقياس نسبة الفساد. واحتلت مصر المركز 98 فى معدلات الفساد على لائحة التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2010، وتساوت في الترتيب مع بوركينا فاسو والمكسيك، وسبقتها من الدول العربية قطر (19) وعمان (41) والبحرين (48) والأردن والسعودية في الترتيب رقم 50، والكويت (54) وتونس (59) والمغرب (85) وجيبوتي (91)، بينما جاءت الدانمارك ونيوزيلندا وسنغافورة في المركز الأول. وأكد فوجل خلال ورشة عمل نظمها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام" بالتعاون مع منظمة الشفافية الدولية، أن العامل الرئيس وراء هذا الترتيب المتأخر لمصر هو مؤشر الشركات الدولية التى تتطلع للاستثمار ووجود العديد من المعوقات التي تجعلها تتردد في الاستثمار بمصر وغيرها من الدول النامية. من جانبه، رأى الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادي، أن الفساد في مصر يشكل حالة خاصة، حيث أصبح رموز الفساد خارج نطاق المحاسبة وخارج دائرة سلطان القانون بل أصبحوا هم من يشرعون القوانين. واعتبر أن الفساد في مصر أصبح سلوكًا عامًا يمكن مشاهدته في جميع مؤسسات الدولة وغيرها وهو ينقسم إلى نوعين فساد الكبار( كبار رجال الأعمال والتجارة الخارجية)، وفساد الصغار أو فساد الفقراء، مقدرا حجم الأموال المتداولة فيما أسماه بالاقتصاد الخفي في مصر ما بين حوالي 57 إلى 70 مليار جنيه سنويًا، أي حوالي 40 % من الناتج المحلي المصري. وأرجع أسباب تنامي معدلات الفساد في مصر إلى التوسع في دور القطاع الخاص، بعد تصور أنه القادر على إحداث التنمية الاقتصادية كبديل عن دور القطاع العام, مؤكدًا أن القطاع الخاص أصبح نصيبه يتراوح ما بين 60 إلى 65 % من الاستثمارات في مصر، الجزء الأكبر منها يذهب إلى قطاع البترول والاستثمار العقاري والقطاعات الخدمية، ويبلغ نصيبه حوالي 70 % من إجمالي الناتج المحلي المصري. أكد أن القطاع الخاص أهمل تمامًا مجال التصنيع واتجه إلى القطاعات الخدمية والتسويقية، كاشفًا أن في مصر حوالي 65000 توكيل تجاري يقوم على أنشطة الاستيراد، وأن هناك طبقة اجتماعية مصالحها تتعارض مع وجود صناعات، موضحا أن القطاع الخاص حصل على ما يعادل 75 % من إجمالي إقراض البنوك المصرية علاوة على الاستثناءات والإعفاءات الضريبية. كما أشار إلى انحسار دور القطاع الحكومي في أن يكون دورا تكميليا أو تسهيليا أو تخديميا للقطاع الخاص، إذ يقول إن الإنفاق الاستثماري الحكومي لا يزيد عن 10 % من إنفاق الموازنة. وحذر عبد الخالق من خطورة الدور الأجنبي، حيث إن الرأسماليين المصريين حرصوا دائمًا على وجود سند وحامي أجنبي قبل إنفاق أي قرش داخل مصر، فكان الربح بالنسبة لهم هو الوطن والانتماء والجنسية. من جهته، أكد الدكتور يحيى الجمل الفقية الدستوري، أنه بوسع المواطن المصرى أن يشم رائحة الفساد فى بلاده أينما وجه بصره. وقال إن الحكومة المصرية لو كانت جادة حقًا في يمكافحة الفساد لانعكس ذلك بوضوح على أرض الواقع، وبما يكفي ليشعر به المواطنون وترصده سجلات المنظمات الدولية المعنية، غير أن العكس هو الصحيح تمامًا. وأضاف إن الفساد فى مصر تحول إلى "بنية مؤسسية"، بسبب النظم المالية التي تدار بها الدولة وتدفع الناس إلى ممارسة الفساد، مشيرا إلى وجود عوامل ساعدت على ذلك، منها وجود سياسات ممنهجة لإفساد أفراد الهيئات السياسية بالمجتمع, وقواعد عرفية بين جماعات الفساد والمنخرطين فيها تلزم أعضاءها بعدم الخروج عنها, فضلاً عن استمرار سياسات الإفقار للطبقات المحدودة الدخل مما يدفع الجميع إلى تعاطي الرشاوى.