عندما اراد الخميني تطبيق نظرية ولاية الفقيه واجه معارضة واسعة من قبل الكثير من مراجع الحوزة التقليديين في حوزتي قم والنجف معتبرين نظرية الخميني نظرية تكرس هيمنة مرجع واحد على حساب تعدد المرجعيات ومن هنا طالب المرجع محمد الشيرازي بتطبيق نظرية شورى الفقهاء وقد ايده في ذلك المرجع محمد طاهر الخاقاني فيما رفضت حوزة النجف وعدد من مراجع حوزة قم كلتا النظريتين. وقد جاءت نظرية ولاية الفقيه في الوقت الذي كانت الساحة الايراني تشهد صراعا بين تنظيم جماعة الحجتية الرافضة لقيام اي ثورة او دولة دينية قبل ظهور المهدي المنتظر ،(شبيهة بنظرية حركة ناطوري كاتيا اليهودية التي ترفض قيام اي دولة يهودية قبل ظهور المسيح )، غير ان الخميني استطاع بسبب الظروف التي هيئتها الحرب مع العراق من فرض نظريته بقوة القمع ودحر القوى السياسية والدينية المعارضة له.وبقيت جماعة الحجتية منعزلة تعمل في الخفاء وتتمدد في مفاصل الدولة سرا وتدعم التيار الاصلاحي وتدفع به للواجهة لاضعاف سلطة الولي الفقيه و بنفس الوقت كانت تظهر للولي الفقيه ( خامنئي) التقرب حتى تمكنت من اقناعه بتأييد ترشيح رئيس بلدية طهران الجنرال احمدي نجاد الى رئاسة الجمهورية وهو الذي كان ينتمي سرا لجماعة الحجتية. فقبول خامنئي بهذا الخيار كان نتيجة تخوفه الشديد من التيار الاصلاحي الذي كان يعمل ليس فقط على الغاء منصب الولي الفقيه ،بل كان يعمل ايضا على الغاء الدولة الدينية وتحويل ايران الى دولة مدنية .هذا ما كانت تحاول الحجتية تخويف خامنئي منه. وعندما وصل احمدي نجاد الى رئاسة الجمهورية بالغ في اظهار الولاء والطاعة الى الولي الفقيه حتى يتمكن من ازاحة الاصلاحيين من امامه .وحين تحقق له ذلك في الدورة الاولى فقد قام في الدورة الثانية من رئاسته بالتقليل من مظاهر الولاء لخامنئي و اخذ يتجه الى ابراز ولاءه لرجال الدين المحسوبون على جماعة الحجتية والمعارضين لنظرية ولاية الفقيه ، و هنا اخذ نشاط الجماعة يظهر الى السطح وفجأة طرحت نظريتها التي سميت (بعصر الظهور) والتي تعني ان العالم يعيش مرحلة ظهور المهدي المنتظر. وهي من الناحية العملية تعني الغاء دور الولي الفقيه لعدم وجود مبرر لبقاءه طالما ان ظهور الامام المعصوم الغائب اصبح على الاعتاب. وقد اصبح الرئيس احمدي نجاد المروج الابرز لهذا الامر . لقد تمكنت الحجتية من خلال طرح نظرية عصر الظهور من احداث زلازال كبير في نظرية ولاية الفقيه و اضعاف موقع الولي مما أثار حفيظة خامنئي واتباع نظرية ولاية الفقيه ودفعه الى التخلي عن نجاد واطلاق حملة ضده والعودة الى التحالف مع الاصلاحيين الذين كان قد انقلب عليهم. ان هذا الصراع الذي ادى الى حصول تقلب في مواقف الولي الفقيه من جبهة الى اخرى ، لم يكن النظام الديني الايراني خاصة و العقيدة الدينية عامة بمنأى من الاصابة بشظاياه. و ما يفسر ذلك هروب النظام للامام ، سواء ذلك من خلال التخلي عن المشروع النووي او من خلال الدخول في مفاوضات لاعادة العلاقات مع من كان يعده الشيطان الاكبر( امريكا). ام على الصعيد العقيدة الدينية فيكفي النظر الى الاحصائيات التي تقدمها مواقع الاقليات الدينية الايرانية من بهائية ونصرانية ومجوسية وغيرها والتي تشير الى تصاعد اعداد اتبتعها نتيجة ترك الايرانيون الشيعة لدينهم واعتناق هذه الديانات .ولمن اراد التأكد من حقيقة هذا الامر ما عليه سوى الاستماع لخطب كبار رجال الدين الشيعة و قراءة المقالات والتقارير المدونة في الصحف والمواقع الاعلامية الرسمية التي تحذر من خطر انقراض التشيع في ايران على مدى العقود الثلاثة القادمة.