خرج المحتجون التونسيون، الذين شجعهم نجاحهم في الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي، إلى الشارع من جديد السبت، لمحاولة إبعاد مساعديه الذين يتهمونهم بالتشبث بالسلطة والمطالبة بزعماء جدد الآن. واقتحم مئات المحتجين، الذين لم يرضهم تعهد رئيس الوزراء المؤقت بالتنحي بمجرد إجراء الانتخابات، سياجًا غير محكم، أقامته الشرطة حول مكتب محمد الغنوشي، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الجديدة في تونس؛ رافعين لافتات تطالب بإخراج رجال الطغيان من حكومة الوحدة. ووجّه الغنوشي، الذي بقي في رئاسة حكومة ائتلافية تشكلت بعد فرار زين العابدين بن علي قبل أسبوع، نداء مؤثرًا من خلال التلفزيون الرسمي في ساعة متأخرة يوم الجمعة يدعو إلى الصبر. وصور نفسه كضحية مثله مثل التونسيين وتعهد بأنّ يتنحى عن كل نشاط سياسي بمجرد أن يتمكن من تنظيم الانتخابات. ولكنه عقد اجتماعات مع زملائه في الحكومة السبت، فيما خرج آلاف إلى شوارع العاصمة تونس وبلدات أخرى لإظهار رفضهم لما يصفه كثيرون بأنه محاولة شكلية من جانبه لضم عدد قليل من المعارضين الأقل شهرة للحكومة. وقال متظاهر أمام مكتب الغنوشي: "نريد أن نبلغ السيد الغنوشي ماذا تعني "ثورة" إنها تعني التغيير الجذري وليس الإبقاء على رئيس الوزراء ذاته". وطالب منصف المرزوقي المعارض الذي عاد من منفاه وينوي ترشيح نفسه للرئاسة الغنوشي الذي كان رئيسًا للبرلمان بأنّ يرشح رئيس وزراء مستقلاً جديدًا. وقال المرزوقي: إنّ وجود الغنوشي يعرقل الجهود من أجل استعادة الاستقرار ولا يساعدها، ودعا المرزوقي الذي يعترف بسقوط عشرات القتلى حتى الآن هذا الشهر، وبالتعطش للانتقام من أقارب ابن علي وأجهزة دولته البوليسية المحتجين إلى التزام الهدوء. وقال: "الشيء العظيم هو أن هذه الثورة سلمية، أرجوكم أن تستمروا هكذا ولا تدخلوا في الانتقام". وحتَّى رجال الشرطة، الذين كانوا من قبل أداة فظة يخشى جانبها خلال حكم ابن علي الذي دام 24 عامًا، أعلنوا تغيير ولائهم، ففي تونس العاصمة انضم آلاف لهتافات إعلان البراءة من "دم الشهداء"، في مظاهرة للتعبير عن التضامن مع الانتفاضة الشعبية. وكانت إهانة الشرطة لبائع خضروات شاب الشهر الماضي، هي التي دفعته إلى إحراق نفسه حتى الموت احتجاجًا على البطالة والحكم الفاسد مما أطلق موجة من الاضطرابات.