* قرأت فيما قرأت أن أحد المستشرقين الغربيين قال " أن مصر أكبر من أن تترك لأهلها...!" وهذه العبارة أخطر على مصر من القنبلة النووية . لأن القنبلة النووية قد تقتل وتحرق وتخرب لمدة معينة من الزمان . فقد ضربت اليابان بقنبلتين نووتين فى منتصف الأربعينات واليوم هى سيدة التكنولوجيا فى العالم لأنها اتبعت سبيل الحرية والديمقراطية فمحت آثار القنبلة النووية...! . أما القول بأن مصر أكبر من أن تترك لأهلها فهذا يعنى أن شعب مصر لابد أن يعيش عبدا مملوكا فى وطنه فلارأى له ولا قيمة له ولاصوت له لأنهم فى نظر من قال هذه العبارة ليسوا بشرا أسوياء بقدر ماهم أشباه بشر أغبياء لايحق لهم العيش على أرضهم إلا كما تعيش الأنعام فى حظائر جماعية يأكلون ويشربون ويتغوطون وهذا غاية المراد من رب العباد . وهذا ماأكده ولخصه أحد الرواة وهو يصور عهد من عهود الاستبداد فى مصر عندما قال أحد المحققين لمواطن مظلوم وهو يصرخ أين الحرية والرحمة والعدل...؟ فقال المحقق له ساخرا متهكما : إن أردت الحرية تركنا لك حرية اختيار الوسيلة التي تقتل بها نفسك. وإن أردت الرحمة قتلناك بلا تحقيق وإن أردت العدل قتلناك بعد تحقيق...! هذا هو مصير المواطن فى عهد الاستبداد والاستعباد .
* فلا يتصور أبدا أن تكون الحرية والديمقراطية حلال على شعوب العالم الغربي حرام على شعوب دول العالم الثالث التي سماها الراحل الكبير مصطفى أمين بشعوب العالم الترسو...! لأنها شعوب حرمت من الحرية وحرمت من الديمقراطية وقبلت أن تعيش داخل زنزانات الظلم وفى قاع غياهب الجب فلا تتنفس ولا تتحرك إلا كما يسمح مغسل الموتى للجثة أن تتحرك بين يديه بفعل إرادته فقط يقلبها كيف يشاء ويفعل بها مايشاء لأنها جثة ميتة لاحول لها ولاقوة . وهكذا شعوب العالم الثالث...! يجب أن تكون بين يدى حكامها كجثة الميت بين يدى المغسل لاتتحرك يمينا أو شمالا ولاترفع رأسها إلا بإذن المغسل حتى يتسنى له أن يزفها إلى مثواها الأخير وسط حسرات وعبرات المشيعين. فهل نحن شعب لانستحق أن نتفس عبير الحرية ونسمات الديمقراطية..؟ أم أننا من وجهة نظرهم قطيع من الأنعام لاتساق إلا بعصي الراعي يهش بها علينا وقت مايشاء فنسير فى الطريق المحدد لنا مسبقا..؟ أم أننا قطيع من العبيد المناكيد الذين يقرعون بالعصي المكهربة الغليظة فيخر ساجدا يقبل الأقدام ويلعق مايسقط من أفواههم ونوجه لهم برقيات الشكر والتأييد على أن منحونا تلك اللقيمات من فضل خيرهم...؟
* إن مصر لن ترى النور ولن تتنفس الصعداء ولن تسير فى ركب الدول المتقدمة وهذا حالها ومآلها. كل شئ فيها مباح , القتل مباح والنهب مباح والسجن مباح والاعتقال مباح ومن يعترض أو يرفض أو يتلفظ ببنت شفة فمصيره وراء الشمس فلا يرى شمسا ولا قمرا ولا نجوما ...! لأنه ساعتها سيكون مقيدا بالأغلال من يديه ورجليه كالذبيحة التى تساق إلى جزارها ليفعل بها مايشاء من سلخ وتقطيع وتقسيم ليأخذ كل زبون حقه فى تلك الذبيحة التي ذبحت بسكين الغدر والخيانة على حين غفلة من أهلها..!
* إن الحرية هى أنبوبة الأكسجين التي تتنفس من خلالها الشعوب الحية لكى تضمن البقاء على قيد الحياة فإذا أغلقت منافذ تلك الأنبوبة بفعل فاعل فان تلك الشعوب تتحول إلى جثة هامدة لاحراك فيها ولا قيمة لها ولا فائدة من بقائها لأنه ساعتها سيكون ضررها أكبر من نفعها . إن أعداء مصر اليوم لايعجبهم أن تتنفس مصر نسمات الحرية ويعيش شعبها حرا كريما تكون له الكلمة العليا فى إدارة شئون بلده بلا املاءات من الخارج أو من بعض القوى الداخلية التي تأتمر بأمر أعداء مصر فى الخارج .
* إن الحرب على مصر داخليا وخارجيا هى حرب لاأخلاق فيها ولاهوادة فيها ولارحمه ولاعدل معها إلا حرية المقتول فى أن يختار الوسيلة التي يحب أن يقتل نفسه بها . وان شعب مصر بعد أن قام بثورته المجيدة قد استرد كثيرا من حريته وكرامته وشرفه ولكن سرعان ماديست هذه الثورة تحت أقدام المتآمرين الخائنين حتى عاد الشعب إلى سيرته الأولى بلا حرية أو ديمقراطية . وأصبح مصير هذه الأمة معلقا فى أدراج الرياح تعبث بها الريح كما تعبث بالريشة تطيح بها شمالا أو يمينا أو تهوى بها الريح فى مكان سحيق فلا يعبأ بها أحد ولا تحرك ساكنا عند أحد لأن الناس لاتحترم إلا القوى صاحب النفوذ والضعيف لاحول له ولاقوة وماله من أشياع. فنحن نعيش فى عالم الغابة حيث يسود منطق القوة وسياسة المخالب الجاهزة والأنياب البارزة..!
* من كان يظن أن الحلول الأمنية فقط سوف تحل مشاكل هذا الشعب وتحقق له الأمن والأمان والاستقرار فهو واهم كاذب . لأن الطاغية مبارك جرب هذه الوسيلة 30 سنة كاملة ومع ذلك سقط عرشه وانتهى ملكه إلى غير رجعة . إن شعب مصر قد انتفض انتفاضة جماعية ضد نظام أمنى غاشم مستبد فى ثورة يناير فى 2011 فنال حريته بعرق جبينه ولم يزكى عليه أحد بأن تصدق عليه بالحرية كصدقة جارية للسائل والمحروم ..! لأن الشعب المصري لم يعد سائلا ولا محروما لأنه أصبح صاحب الأرض والعرض . ولن يتنازل أحد من هذا الشعب لا عن أرضه ولا عن عرضه ولا عن حريته لأنها حق أصيل له وليست منحة من حاكم أو رئيس لأن من يملك المنح يملك المنع ومن يهبك اليوم حريتك سيحرمك منها غدا بجرة قلم....!؟. إن الحرية لاتوهب ولكنها تنتزع . الحرية هى الطريق لبناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة . والديكتاتورية هى الطريق لبناء دولة فاشية نازية متخلفة.
* إن صوت الحرية أقوي من صوت العبودية وان إرادة الشعوب الحرة أقوي من فرقعة سياط الجلادين وإن عزيمة الشعوب القوية أقوي من قنابل ومدافع الطغاة المستبدين وإن تصميم الشعب على عدم التفريط فى حريته قيد أنملة هو الطريق لاستقرار هذا الوطن وسلامة أراضيه لأننا جربنا حكم الحديد والنار طيلة العهود السابقة ولم نتقدم خطوة واحدة إلى الإمام بل تقهقرنا إلى الخلف حيث الأمية والجهل والمرض . لابديل عن الحكم المدنى ولابديل عن الحرية ولابديل عن الديمقراطية ولابديل لهذا الشعب فى حياة حرة كريمة مثل باقى شعوب الأرض الحرة .
* إن طريق الديمقراطية بين وإن طريق الديكتاتورية بين وليس بينهما أمور مشتبهات فالحق واضح وضوح الشمس فى رابعة النهار. فمن انحاز لطريق الحرية والديمقراطية وكرامة المواطن والحفاظ على عرضه وشرفه وماله وحرمة دمه فقد استبرأ لدينه وعرضه وانحاز لوطنه وشعبه. ومن انحاز لطريق العبودية والديكتاتورية واستحلال كل ماحرم الله ويرفضه الشرع والقانون والدستور فقد خان أمته وخان شعبه ووضع رقبة مصر تحت سيوف الطغاة المستبدين . انتهى عصر الخمس تسعات حيث التزوير الفاضح لإرادة الشعب وبدأ عصر النزاهة والشفافية والديمقراطية .
* إن محاولة إعادة عجلة الحياة إلى الوراء وخلع قضبان الحرية من أمام قطار الشعب المنطلق إلى الحياة الكريمة حتى يصل للمحطة التي يرجوها ستبوء بالفشل وسيحكم عليها بالخيبة لأن الشعب عقد العزم على التمسك بحقه فى الحياة التي يرضاها لنفسه وليست الحياة التي يرتضيها الآخرون له . لاقيمة لحياة بلاحرية ولاقيمة لحياة بلا ديمقراطية كما انه لاقيمة لجسد بلا روح ولا قيمة لقلب بلا نبض ...! ولاقيمة لحياة الخوف شعارها و الذعر و الجبن عنوانها ورائحة الدماء تملا سيولها وجبالها ووديانها . إن الطريق إلى الحرية ليس مفروشا بالورود وإنما هو مفروش باالأشواك والحنظل والعلقم المر . وسيأتى اليوم الذي ستكون فيه مصر هى واحة الديمقراطية فى منطقة الشرق الأوسط بذل ذليل أو بعز عزيز مهما تآمر المتآمرون أو مكر الماكرون . ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا .