أم لأربعة توائم: تكلف علاج أولادى فى حضانة الجمعية 120ألفًا لم أدفع مليمًا واحدًا مريضة بالسرطان: جلسة الكيماوى تتكلف 7 آلاف حسبنا الله ونعم الوكيل فى الحكومة والسياسة رئيس المراكز الطبية بالجمعية: الجمعية تضم 1080 حضانة تستقبل آلاف الأطفال وبالمجان رئيس الجمعية الشرعية: ليس لنا علاقة بالإخوان.. ولا نقبل مليمًا واحدًا من الخارج
محمد سعد الحداد أثار قرار تجميد 1055 جمعية أهلية فى القاهرة ومحافظات الجمهورية مخاوف عدة بشأن تأثير القرار على المنتفعين من خدمات هذه الجمعيات، والتى يقدر عددهم بالملايين، الأمر الذى أحدث حالة من الاحتقان لدى ملايين المرضى والفقراء نتيجة توقف أنشطة هذه الجمعيات وخاصة فى النواحى الاجتماعية والطبية والتنموية. فلا أحد ينسى ما قاله أب مسيحى أمام مركز حضانات الأطفال التابع للجمعية الشرعية " أين أذهب بابنتي، من أين أوفر 1000جنيه فى اليوم، وأنا على باب الله، والله هسرق حتى لا تموت بنتي" وغيره من أصحاب القصص المأساوية. وترتب على قرار التجميد زيادة معاناة المرضى والفقراء خاصة بعد اتصال المراكز الطبية بأهالى المرض لاستلام ذويهم، فى ظل عدم توافر البديل الحكومى نتيجة لنقص الإمكانيات وارتفاع الأسعار فى المستشفيات الخاصة. وتأتى الجمعية الشرعية على رأس هذه الجمعيات باعتبارها أكبر وأقدم الجمعيات الخيرية فى مصر، لتعدد وضخامة مشروعاتها الخدمية التى تخدم ما لا يقل عن 9.5 مليون مواطن ما بين يتيم وفقير ومريض بالمجان. "المصريون" شاركت الفقراء والمرضى آلامهم ورصدت على أرض الواقع ما تكبدونه جراء هذه القرارات غير المسئولة....
أيتامى الأربعة فى البداية تقول سيدة مصطفى علي، 41سنة، منشية ناصر، وأحد المنتفعين من خدمات الجمعية الشرعية: عندى أربعة أيتام، أحصل كل شهر من الجمعية على مبلغ 100 جنيه، أدفع منها إيجار 80 جنيهًا، كما أحصل من الجمعية على بطانية فى أول الشتاء، وملابس لأطفالى فى دخول المدارس إلى جانب دفع المصروفات، شنطة مواد غذائية فى رمضان، ولحوم فى العيد الكبير، وعندما سمعت هذا الخبر، أسودت الدنيا فى وجهي، وقلت: أين أذهب بأولادى ومعاش زوجى لا يكفى الأكل والشرب، "حرام عليكم لكن أملى فى الله كبير وربنا مبينساش حد"، وحسبنا الله ونعم الوكيل فى الحكومة والسياسة. الجلسة ب7 آلاف بالمجان جئت من كفر الشيخ وأنا مريضة بسرطان العظام، كى أخذ جلستى الشهرية المعتادة، ففوجئت بالمستشفى تقول لي: "آسفين ياحاجة" لقد جمدوا أرصدة الجمعية، بهذه الكلمات بدأت سعاد محمد حسن،60 سنة، كفر الشيخ، حديثها معنا من أمام مستشفى الجمعية الشرعية للأورام بجمعية أحمد عرابى. وتضيف: منذ خمس سنوات وأنا أتى من قريتى فى كفر الشيخ لأخذ جلسة الكيماوى التى تتكلف 7 آلاف جنيه خارج الجمعية بالمجان، بعد رحلة 4 ساعات وبسيارة خاصة تتكلف 350 جنيهًا. وقالت والدموع تملأ عينيها: أين أذهب الآن فى هذه السن، فمعهد الأورام كما يعلم الجميع لا توجد به أماكن، كما أن الخدمة هنا على مستوى عالمي، ولم أكن أصدق أن تكون مستشفى خاص بجمعية أهلية بها كل هذه الرعاية. من أين 4 آلاف جنيه فى اليوم؟ بثينة إبراهيم زغلول، ربة منزل، التقينا بها فى داخل حضانات الجمعية الشرعية بألماظة، وجدناها فى بكاء هستيري، ولم تستطع معنا الكلام فى بداية الأمر، وبعد أن هدأت نسبيًا كانت المفاجأة: أنها أم لأربعة توائم، بداخل الحضانات منذ ولادتهم قبل 30 يومًا، ولم ندفع مليمًا واحدًا، فلو كنت فى مستشفى خاص لدفعنا 120 ألف جنيه. وتضيف: أبنائى تحت أجهزة التنفس الصناعي، ولو استطيع حتى نقلهم، وإلى أين أنقلهم، وكيف أوفر مبلغ 4 آلاف جنيه ثمن الحضانات فى اليوم الواحد، كل هذه الأسئلة جعلت الأم تضرب كفاً على كف، وبجوارها زوجها الذى يعمل عاملاً باليومية. وأقول للحكومة: حسبنا الله ونعم الوكيل، فى السياسة والحكومة، فما ذنب أولادى من السياسة، من يعملون فى الجمعية ليس لهم علاقة لا بالسياسة ولا بغيره، ويعاملوننا بكل حب واحترام. مفاجأة صادمة ومن أمام مركز الجمعية الشرعية للأشعة التشخيصية بشارع صلاح سالم، قابلنا الدسوقى عمران،56 سنة، العياط، والذى قال بحزن شديد، بعد انتظار لمدة 3 أسابيع، جاء دورى اليوم لعمل أشعة بالرنين المغناطيسى بعد إصابتى بانزلاق غضروفى أثناء عملى فى الحقل. كانت المفاجأة الصادمة كما يقول الدسوقي، عندما جئت اليوم فى الساعة السابعة صباحًا، فإذا بالمسئولين يقولون لي: مفيش أشعات اليوم، المركز أغلق، لعدم وجود أموال، فنزل الخبر على كالصاعقة، فمن أين أوفر مبلغ 600 جنيه ثمن الأشعة بالخارج؟!.
وجبة للمرافق ومبلغ للمواصلات سعدية لطفى النجار، 70 سنة، بولاق الدكرور، تقول: أعمل جلسات غسيل كلوى فى مركز الاستقامة بالجيزة، يوم بعد يوم الساعة السادسة صباحًا، وعندما ذهبت فى ميعادي، فوجئت بقرار التجميد. وواصلت القول: المعاملة هنا على أعلى مستوى فبعد الجلسة التى تستمر أربع ساعات، يعطونى وجبة غذائية لي، وللمرافق، ومبلغ 20 جنيهًا للمواصلات، إلى أين أذهب أنا سيدة مسنة، وليس لى زوج ولا أولاد، ربنا ينتقم من اللى كان السبب، فما ذنب المرضى وما دخلهم بالسياسة.
تفاقم مشكلة الحضانات وللوقوف حول أبعاد مشكلة حضانات الأطفال المبتسرين، وأسبابها، باعتبارها أكثر المشكلات التي أثارت الرأي العام بعد قرارات التجميد، التقت "المصريون" بالدكتور محمد رشاد، رئيس لجنة المراكز الطبية المتخصصة بالجمعية الشرعية، والذي أرجع المشكلة لسببين رئيسيين، الأول هو عدم توفير مكان خالٍ حضانة لهذا الطفل، الثاني: عدم توفير الرعاية الطبية الفائقة والمتميزة له. وأضاف: بالنسبة للسبب الأول ولكي نعلم مدى العجز الشديد بمراكز المبتسرين بمصر لتوفير أماكن كافية لهؤلاء الأطفال، فإننا نستعرض الإحصائيات الصادرة عن مجلس الوزراء والتي تشير إلى حدوث ما يقرب من 36 ألف حالة وفاة بين المواليد في شهر يونيه من العام الماضي فقط، وذلك من إجمالي حالات الولادة في الشهر نفسه والتي بلغت 167 ألف حالة ولادة، وكل حالات الوفيات هذه كانت في حاجة إلى حضانات. وتابع: هذا الرقم إن دل على شيء فإنه يدل على حجم المأساة والمشكلة الحقيقية التي لا يدرك أبعادها إلا العاملون في هذا المجال أو من تعرض لها أو عايشها، وخاصة إذا علمنا أن حالة هؤلاء الأطفال لا تسمح بالتأخر في علاجهم أو وضعهم على قائمة انتظار لمدة طويلة، عكس كثير من الحالات الطبية الأخرى. المشكلة فى أرقام وأكد د.رشاد أنه في كل هذه الحالات فإن أهل هؤلاء الأطفال يصبحون في مأساة حقيقية، لأنهم يقعون بين مطرقة المراكز والمستشفيات الخاصة أو الاستثمارية من جهة، وسندان المستشفيات الحكومية وقلة عدد الحضانات ونقص تجهيزاتها من جهة أخرى، والنتيجة الحتمية هي وفاة الطفل إن لم يجد مكانًا. وذكر أن الإحصائيات تشير إلى أن عدد المواليد فى مصر يبلغ حاليًا نحو 2 مليون و100 ألف طفل تقريبًا سنويًا وبحسب المؤشرات المحلية، فإن نسبة 11.7% من هؤلاء يحتاجون إلى حضانات فور ولادتهم، أي أن عدد الأطفال المطلوب توفير حضانات لهم يزيد على 245 ألف حالة كل عام، فإذا علمنا أن الحضانة الواحدة تخدم في المتوسط 30 حالة سنويًا، فيكون المطلوب توفير 8250 حضانة على مستوى مصر كلها. وأشار رشاد إلى أن عدد الحضانات التى تتبع وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية والخاصة هو ما يقرب من 4460 حضانة والمطلوب توفيره 8250 حضانة، فيكون العجز نحو 3590 حضانة، وهو رقم مخيف وهذا ما يبرر نسبة الوفيات المرتفعة بين المواليد.
نخضع للأجهزة الرقابية بالدولة من جانبه أكد الدكتور محمد المختار المهدي، الرئيس العام للجمعية الشرعية، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، أن الجمعية الشرعية ليست طرفًا فى الجدل السياسي الدائر بمصر، وأنها جمعية دعوية تلتزم الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، إضافة إلى نشاطها في رعاية الفقراء والأيتام والمرضى عبر مشروعاتها العملاقة بالمجان. وأوضح أن الجمعية الشرعية ليس لها علاقة بتمويل جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى خضوع الجمعية الشرعية للأجهزة الرقابية بالدولة والتي تشهد بشفافية ونزاهة تعاملاتها المالية. كما شدد المهدي على أن الجمعية الشرعية لا تتلقى تمويلًا من الخارج، ثقةً منها في قدرة المصريين على القيام بأعباء إخوانهم الفقراء والمحتاجين، مشيرًا إلى أن الجمعية قد تبرعت بالقيمة المالية لجائزة الملك فيصل العالمية للقضية الفلسطينية، وأعلنت ذلك في حفل تسلم الجائزة من خادم الحرمين الشريفين. ملتزمون لآخر قطرة دواء أما مصطفى إسماعيل، الأمين العام للجمعية الشرعية، فأكد أن الجمعية الشرعية من المنطلق الشرعي تؤكد أنها ستواصل التزامها بعلاج الأطفال المبتسرين الموجودين في حضانات الجمعية، وعددها 1080 حضانة لآخر قطرة دواء، فلن يتم إخراج أي مريض من مراكزنا الطبية المختلفة، سواء كانت للأطفال المبتسرين، أو المستشفيات الخاصة بالغسيل الكلوي، أو الأورام والحروق، أو الرمد والجهاز الهضمي، إلا بعد الشفاء التام، مشيرًا إلى التزام الجمعية بنفقات الأيتام والفقراء "حتى آخر مليم لديها"، على حد قوله. وأشار إسماعيل إلى أن قرار التجميد صدر بخصوص 138 فرعًا فقط من أصل 1100 فرع، إلا أن نوعًا من الالتباس أدى إلى تجميد أموال الجمعية كلها. وتابع: "نتفهم هذا الالتباس والظروف التي أدت إلى تجميد أموال بعض الفروع، ونعمل حاليًا مع لجنة من وزارة العدل ووزارة التضامن على تسوية أوضاع هذه الفروع". الجمعية الشرعية.. إنجازات ومشروعات عملاقة يذكر أن الجمعية الشرعية من أقدم الجمعيات الأهلية، وأكبرها من حيث تقديم الخدمات للمواطنين، دون تفرقة بين مسلم ومسيحي، في النواحي الاجتماعية والطبية والتنموية، من خلال 5 آلاف مسجد، بالإضافة إلى أكثر من 1100 فرع ومكتب ولجنة منتشرة في جميع محافظات الجمهورية. وقد فازت بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام والمسلمين لجهودها في خدمة المسلمين في مصر ومعظم دول العالم الإسلامي. وتحافظ الجمعية منذ نشأتها على مبادئ مؤسسها الشيخ محمود خطاب السبكي أحد علماء الأزهر بعد الاشتغال في السياسة وفصل أي عضو يخرج عن هذا المبدأ. وتكفل الجمعية الشرعية 540 ألف يتيم، على مستوي الجمهورية يتم تقديم مبالغ شهرية ومساعدات عينية لهم باستمرار لتعيينهم على الحياة، مع تقديم الرعاية الطبية لهم، والوقوف بجانب هؤلاء ومساعدتهم ماديًا في مراحل التعليم المختلفة. كما يبلغ عدد الأمهات الأرامل اللاتي تكفلهن الجمعية أيضًا 250 ألف أرملة، وتبلغ الكفالات النقدية في ذلك المشروع ما يزيد عن 125 مليون جنيه سنويًا، علاوة على العطاءات العينية التي تقدم لهن، لاسيما في المناسبات، والتي تبلغ قيمتها 1.8 مليار جنيه في السنة، وتتمثل أبرز هذه العطاءات في المواد التموينية واللحوم والبطاطين، وكان آخرها هذا العام توزيع 354 طن لحم، بتكلفة بلغت 35 مليون جنيه. أما النشاط الأبرز للجمعية فيتمثل في وجود أكثر من 30 مركزًا طبيًا في التخصصات الطبيبة باهظة الثمن، وتقدمها بالمجان للفقراء والمحتاجين، لاسيما أنها تركز على علاج الأمراض المزمنة وعالية التكلفة مثل الغسيل الكلوي، ومراكز رعاية الأطفال المبتسرين، (التي تضم 1080 حضانة) بتكلفة (48 مليون جنيه سنويًا) والأشعة التشخيصية (30 ألف أشعة سنويًا)، وعلاج الحروق والأورام والسرطان بتكلفة (42 مليون جنيه سنويًا)، والغسيل الكلوي. بينما نجد أن أنشطة الجمعية التنموية تتمثل في إنشاء 700 محطة لتنقية مياه الشرب، تخدم حوالي 8.5 مليون مواطن يوميًا، إضافة إلى المشروعات الصغيرة يستفيد منها أكثر من مليون شاب، بتكلفة بلغت 6 ملايين جنيه، بالإضافة إلى إنشاء 24 مخبزًا لإنتاج الخبر وتوزيعه بالمجان، وتوزيع أكثر من 36 ألف رأس ماعز على الفقراء. ولم تنسَ الجمعية أبناء العالم الإسلامي من الدارسين في الأزهر الشريف من خلال تقديم المساعدات المالية لهم، وتوفير المسكن لهم، إضافة إلي مشروعاتها التعليمية والطبية في الصومال وجزر القمر وجنوب السودان.