توقفت مذهولا عند الشهادة الخطيرة التي قدمها القاضي الشجاع المستشار وليد الشافعي رئيس المحكمة بمحكمة استئناف القاهرة وعضو اللجنة العامة للانتخابات بالبدرشين ، عن ما رآه بنفسه وعاينه في الانتخابات ، ثم تعليقه على ما رأى ، ورأيت أن من المهم للغاية إعادة نشر أهم ما قاله في ذلك الحوار الخطير الذي نشرته الزميلة الشروق . يقول السيد المستشار في وصفه لمقر اللجنة التي من المفترض أن يتابعون الانتخابات من خلالها قائلا : (عبارة عن غرف فى وحدة المباحث داخل قسم شرطة البدرشين، ولم يقم زملائى بالتجول بين اللجان خلال الصباح نظرا لعدم ورود أى شكاوى عن وجود تجاوزات) ثم يضيف مجيبا عن تساؤل عما إذا كان المواطنون يعرفون مقر اللجنة (نعم يعرفون مكانها، ونظرا لأنها داخل قسم الشرطة، فهم إما خافوا من الدخول أو تم منعهم من الوصول إلينا، وهذا فى اعتقادى سبب عدم تقديم أى طرف شكوى لنا خلال مكوثنا يف مكتبنا) ، ثم أجاب عن سؤال نصه : وهل تلقيتم اتصالات هاتفية عن سير العملية الانتخابية؟ بقوله (غرفة القضاة الملحقة بوحدة المباحث غير مزودة بأى هواتف، وهى مجرد مكاتب وكراسى لنجلس عليها فقط لا غير) تخيل معي موقع وتجهيزات الغرفة التي من المفترض أن تشرف على معركة انتخابية حامية الوطيس ، وإذا كان المواطن عاجز عن الوصول إلى لجنة انتخابية ، فهل سيمكنه اقتحام مقر الشرطة ثم مكتب المباحث لكي يصل إلى القضاء فيشكو لهم ، المهم أن المستشار النبيل لما وجد أن أحدا لا يصل إليهم قام بنفسه محاولا المرور على اللجان للمتابعة ويحكي المشهد فيقول : (عندما ذهبت إلى أول لجنة فوجدتها مغلقة، ويتم منع الناخبين من دخولها، وفى الحقيقة أنا لم أنزل من سياراتى، بل واصلت التنقل من لجنة إلى لجنة، وكلها كانت مغلقة، وقلت لنفسى طالما أن الانتخابات مجرد مسرحية ولا توجد انتخابات أصلا، لماذا انتدبونا نحن القضاة كى نشارك فى هذه المهزلة) ، ثم لما قابله أحد المرشحين وعرف أنه قاضي فاشتكى له وحدد له إحدى اللجان ذهب إليها مباشرة ويصف ما رآه (هذه اللجنة كانت مخصصة لتصويت السيدات، وعند وصولى، وجدت باب المدرسة مغلقا وأمامه سياج من الحديد طوله نحو ثلاثة أمتار ويوجد ممر ضيق يسده شخص مفتول العضلات يرجح أن يكون أحد المسجلين خطر، وفهمت أن وجوده هو منع الناخبات من الدخول، وأى فتاة أو سيدة تحاول الدخول ستدرك على الفور أنه سيتم منعها أول على الأقل التحرش بها، ودخلت من باب المدرسة بعد أن أبلغته بأننى قاض مسئول عن الإشراف على الانتخابات، وبمجرد دخولى فوجئت بشخص يقول لى بلهجة آمرة: «أيوة يا بيه ..إنت مين بقى»، فأخبرته بأننى القاضى وليد الشافعى باللجنة العامة المشرفة على الانتخابات بالبدرشين، فأمرنى بإخراج تحقيق الشخصية قائلا: «طلع تحقيق الشخصية يعنى تطلعه»، فقمت بإخراج تحقيق الشخصية «بطاقة نادى القضاة» فطلب أن أرفع إصبعى عن الصورة حتى يراها، وما إن فعلت حتى خطف البطاقة من يدى، قال لى: «اركن على جنب إنت مش طالع من المدرسة تانى»، ثم أعطانى ظهره، ثم وقف أمامى 3 من رجال المباحث قائلين: «إنت مش خارج من هنا النهاردة»، فسألت الضابط الذى احتجزنى عن اسمه، فأخبرنى أنه يدعى أحمد مبروك رئيس مباحث البدرشين ، ..اتصلت هاتفيا بالقاضى رئيس اللجنة العامة وأخطرته باحتجازى، وأخذ بطاقتى الخاصة بنادى القضاة ومنع الناخبين من دخول اللجان، فأكد أنه سيحضر فورا، وخلال ذلك تحركت من مكانى، وذهبت إلى لجان الاقتراع فوجدتها موصدة بوضع أدراج المدرسة أمام باب الدخول إلى اللجنة، ووجدت الصناديق فارغة والسيدات الموجودات أمام اللجنة ممنوعات من التصويت، وسألت أمين اللجنة رقم 41 عن سبب ذلك فلم يجب عن عدم قيامه بالسماح لهن بالانتخاب رغم تجاوز الساعة التاسعة والربع صباحا، وطلبت منه فتح اللجنة أمام السيدات فرفض.. ثم توجهت لأحد الفصول فشاهدت من الخارج فتاة فى مقتبل العمر وأمامها عدد كبير من بطاقات التصويت مزيلة بخاتم اللجنة رقم 30، وبسؤالها عما تفعل بعد أن تراءى لى قيامها بوضع علامة (صح) أمام الخانتين الأولى والثانية فى بطاقات التصويت ومن طلب منها ذلك قالت: «أنا محدش طلب منى وأنا باعمل كده من نفسى وعايز تقول بزور أيوه بزور» فقمت بأخذ البطاقات منها، وقمت بعدها فوجدت أنها 66 بطاقة مستعملة بمعرفة هذه الفتاة وخمسون بطاقة لم تستعمل بعد، وسألتها عن اسمها فقرر شقيقها أنها تدعى داليا مخلص الدالى. ثم حضر عقب ذلك أحد الأشخاص وسألنى: «إنتو بتعملوا إيه هنا» فأخبرته بأننى عضو باللجنة العامة على الانتخابات فقال لى: «وجاى ليه» فقلت له لمتابعة عملية الاقتراع فقال لى: «بتراقبوا إيه مافيش انتخابات.. قفل يابنى إنت وهو اللجان محدش هيصوت) ويضف القاضي شهادته على المهزلة السخيفة التي تسمى "اللجنة العليا للانتخابات" فيقول أن القاضي الذي يرأس اللجنة وصل إليه بعد فترة ، وحكي المستشار وليد الحوار الذي دار بينه وبين رئيس اللجنة على النحو التالي (قال لى احنا قضاة شغلنا بالورقة والقلم، وليس دورنا الدخول فى مشادات أو مشاجرات مع هؤلاء، وطلب منى العودة إلى مقر اللجنة وكتابة مذكرة بما حدث، وبالفعل رجعنا إلى مقر اللجنة بوحدة المباحث بقسم الشرطة، وتركنا المزورين يزورون) المستشار وليد قال أنه ذهب بشكواه إلى رئيس اللجنة العليا للانتخابات الذي طيب خاطره بكلمتين وقال له أن مشكلتك حلها ليس عندي واكتب مذكرة للنيابة ، يعلق القاضي النبيل بقوله : (اكتشفت أن اللجنة عاجزة أصلا عن حماية القضاة أو اتخاذ أى إجراء بل لا صلة لها بالعملية الانتخابية، فحتى القضاة المنتدبين للإشراف على الانتخابات يعملون من داخل مكاتب المباحث بأقسام الشرطة، وهذا تناقض صارخ يدل على عدم وجود انتخابات من الأساس، بل إن تزوير الانتخابات مسألة منهجية وليس تصرفا فرديا من هنا أو هناك) انتهت شهادة قاضي محترم ، أبى عليه ضميره أن يكون شاهد زور كما فعل غيره ممن تحدثوا أمس أمام الكاميرات وكأنهم نسخة من وزير الداخلية وهو يعلن نتيجة "الولاء" . [email protected]