اتهمت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، الحكومة المصرية بالتورط في أعمال العنف والتجاوزات التي شابت الجولة الاولى من الانتخابات البرلمانية أمس الأول، على عكس تأكيدات الحكومة وقيادات الحزب "الوطني" بأن الأجواء التي جرت فيها الانتخابات سادتها الشفافية والنزاهة. وقال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن أعمال العنف الانتخابي جرت بمباركة الحكومة المصرية، فضلاً عن مندوبي المرشحين من دخول اللجان الانتخابية. وأضاف إنه كان بصحبة وفد من المنظمة للمرور على اللجان الانتخابية ولاحظ وجود أفراد مسلحين داخل ساحة مقار التصويت وآخرين يسيرون في الشارع نحو لجان التصويت، وعندما سأل مسئولي الأمن عن سبب وجودهم، أجاب بقوله: "الأمر تحت السيطرة". واتهم الحكومة المصرية أيضًا بأنها منعت مندوبي المرشحين المستقلين ومراقبي المجتمع المدني وووسائل الإعلام "منعًا منهجيًا مقصودًا بالمخالفة للقانون، وهو ما يشير لعدم نزاهة تلك الانتخابات". ولاحظ أن بعض اللجان أغلقت فى وقت مبكر قبل الموعد الرسمي المحدد في السابعة مساءً، وقال إن الحكومة المصرية "قامت بشكل منهجي بعرقلة إجراء انتخابات شفافة وصحيحة،" وتابع: "نحن لم نر فرز الأصوات ولا الصناديق، ولكن هناك ثمة افتقار تام للشفافية في تلك الانتخابات". من جهته، انتقد مارك شاد بولس المدير التنفيذي بالشرق الأوسط للشبكة "الأورو متوسطية لحقوق الإنسان" عدم موافقة الحكومة المصرية على الرقابة الدولية للانتخابات، بدعوى تعارضها مع السيادة الوطنية. وأضاف قائلا: "كان على مصر قبول الرقابة الدولية على الانتخابات فهي رفضتها بدعوى الكرامة الوطنية، لكن الديمقراطية يجب أن تكون موضع فخر أمام العالم ويقام لها احتفال كبير"، واعتبر أن "مصر كان أمامها كل الأسباب التى تمكنها من القيام بذلك ودعوة العالم كله ليرى ما يريد رؤيته لكن يحزنني أن ذلك لم يتم". واستنكر تصريحات السفيرين الألماني والإسباني لدى مصر التي أشادا فيها بالأجواء التي جرت فيها الانتخابات البرلمانية وقالا إنها "جرت بشكل عادل"، ودعا دول الاتحاد الأوروبي والحكومات "الصديقة" لمصر، مثل الولاياتالمتحدة أن تصغى لمراقبة حقوق الإنسان وقضايا الديمقراطية في مصر. من جهتها، قالت حسيبة حاج صحراوى المدير التنفيذى للشرق الأوسط بمنظمة "العفو الدولية" إن الإجراءات التى سبقت الانتخابات لم تكن مواتية لعقد انتخابات شفافة، منتقدة إغلاق العديد من المواقع الإلكترونية، ودعت الحكومة المصرية إلى إعطاء مجال أكبر لحرية الصحافة والإعلام في مصر. محليًا، قال حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن الانتخابات تفتقد للشفافية والنزاهة "إذا ربطنا بين ما تم خلال الانتخابات بمنع دخول المراقبين ووكلاء المرشحين المستقلين والمعارضين من دخول اللجان والسماح فقط لمندوبي مرشحى الحزب الوطني وكذلك منع الإعلاميين من دخول اللجان والتصوير نهائيًا". وأضاف أبو سعدة في مؤتمر نظمه التحالف المصري لحقوق الانسان، إن مصر عادت لما امتنعت عنه خلال دورتين سابقتين من انتهاكات وهو "تسويد البطاقات"، ودعا إلى عودة القضاة لمراقبة الانتخابات على أن يكون هناك قاض لكل صندوق كما حصل في انتخابات 2000 و2005. وانتقد موقف اللجنة العليا للانتخابات من الرشاوى التى كانت تقدم للناخبين أمام اللجان من أجل التصويت لمرشحين بعينهم، وقال في إشارة سخرية من عمليات الاعتقالا في صفوف "الإخوان المسلمين" لاستخدام الشعارات الدينية مقابل التغاضي عن ممارسات الآخرين، إن "من يقبض على عشرة أشخاص استخدموا شعارا مخالفا يستطيع القبض على من يقدم رشاوى للناخبين أمام اللجان". وشكا أبو سعدة من منع المراقبين لمنظمته من دخول اللجان الانتخابية، واستدرك قائلا: "لقد كنا محظوظين لحصولنا على تصاريح لمراقبة 100 دائرة، لكن للأسف تم منع مراقبينا من القيام بدورهم". وانتقد عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح 400 مرشح تم استبعادهم من الترشيح ولجأوا إلى القضاء حيث حصلوا على أحكام قضائية بإدراجهم في كشوف الانتخابات، لكن تلك الأحكام لم تنفذ محملا اللجنة العليا للانتخابات المسئولية عن ارتكاب الأخطاء التي شابت الانتخابات.