هذه الكلمات كانت قد نشرت في الرابع عشر من أكتوبر للعام الحالي 2010 أي أنها كانت قبل شهر تقريباً من "معمعة" العمرانية بمحافظة الجيزة بمصر و أرى أن إعادة نشرها (بتصرف بسيط لا يتجاوز عدة كلمات) قد يكون مناسباً! خطاب غسيل الأدمغة هو أسلوب سيطرة معروف علمياً و في أبسط صوره يتم تكرار ما يراد للمغسولة دماغه أن يقتنع به بشكل سريع و متواتر كل عدة ساعات و يمكن ملاحظة نشرات الأخبار في التليفيزيون المصري خلال الثمانينات و التسعينات حيث كنت أسمع في النشرة الواحدة تكرار لفظة "إستقبل السيد فلان كذا, أرسل السيد فلان كذا, تلقى السيد فلان كذا و كذا" و قد يتكرر الإسم أكثر من 20 مرة في النشرة الواحدة ثم يذكر إسم السيدة التي أصبحت تحمل إسم السيد رغم أن هذا يخالف تعاليم و روح الدين و فيه تشبه بعادة الغرب في إلحاق النساء بالرجال (و بدأ في التخلص من هذه العادة) و هو ضد جميع الأنشطة التي ترعاها "السيدة" لحماية حقوق المرأة و كيانها! حين نتابع ما تقوم به الكنيسة من خطاب ومن خدمات تقدمها لأتباعها نجد أن الهدف الأوحد من هذا الخطاب وهذه الأنشطة هو تثبيت حقيقة "مسيحية" الأفراد في أدمغتهم و هو أمر بالغ الأهمية لغرس فكرة "الوحدة في" أو "العزلة عن" المجتمع الذ يعيش فيه "الفرد-الهدف" كما أنه مهم لإستمرار "الفرد-الهدف" مرتبطاً بكنيسته وقيادته - تخطط له حياته و تقودها مما يُسهم في ضمان إستمرار دعم "الفرد-الهدف" المادي والسياسي للكنيسة لتحقيق أهداف أقطابها و رؤوسها - فالأتباع هم من يرفعون البابا و و يَُمَكنون القسس و من يضمن لهم مكانتهم و دخولهم الشهرية. وعندما بدأت الكنيسة في الإنحراف عن أهدافها و رسالتها (تخليص الروح والدعوة لمملكة السماء وملكوت المسيح) و دخلت معترك العمل السياسي متخفية بغطائها الديني لتحقيق هدف سياسي بحت من حيث زيادة النفوذ و التأثير لم يكن هذا فقط لجبن جُبل عليه أصحاب الأهداف التي "بدت"* لنا و لكن أيضاً ليتحقق لها هدف تسعى إليه بشده و هو ضمان التصدي لها سياسياً بما يسمح لها بتحويل هذا التصدي و المقاومة السياسية إلى إتهامات بالإضطهاد الديني و الإرهاب (وهي الكلمة التي أصبحت تستخدم كثيراً في خطاب نظير و قساوسته خاصة حين يتحدثون بالإنجليزية!) و ربما لهذا السبب لا ترغب الدولة في إظهار أي رد فعل علني تجاه الكنيسة (وإن كان هذا حسن ظن بالدولة!) دعونا نعرض معاً لبعض أمثلة بسيطة على محاولة الكنيسة السيطرة على أتباعها بعمليات غسيل الدماغ عن طريق تقديم خدمات سياسية و إجتماعية: 1- الإستحواذ على عقول الأطفال الصغار و ربطه دوماً بالكنيسة و الكهنة و ما يستتبعه من دورس و مجموعات تقوية كانت هي الأسبق على وجودها بالمساجد - بل و هي نوات الدروس الخصوصية و مصيبتها التي أصابت التعليم في مصر! 2- إنعزال الطلاب المسيحيين بالجامعات و عدم إختلاطهم بأي من زملائهم المسلمين إلا في أضيق الحدود و هو أمر واضح لكل من يعمل أو يدرس بالجامعة (أستطيع أن أعدد أماكن التواجد بجامعة القاهرة مثلاً) 3- بناء المساكن الخاصة بالطلاب/الطالبات المغتربين/المغتربات تحت إشراف كنسي كامل (أستطيع أن أذكر عدداً منها بالجيزة مثلاً) 4- بناء المنشآت الطبية التي يطلب من الأطباء المسيحيين المشاركة فيها. وكل هذه الخدمات تكون تحت إشراف قس أو كاهن و امام عينيه. 5- نظام الإعتراف وهو أبسط وأكفأ نظام أمني يتيح للكنيسة أن تجمع أكبر قدر من المعلومات عن المجتمع ككل و حركته و حركة أتباعها فيها و أنشطتهم و من خلاله يمكن إنشاء قاعدة بيانات ضخمة جداً عن المجتمع كله بما يتيح إمكانات للتخطيط لا حصر لها. السؤال هو لماذا تقوم الكنيسة بتقديم هذه المساعدات التي يفترض أن تؤديها الدولة؟ لا أجد إجابة إلا أنها محاولة منها لزرع فكرة أن الدولة المسلمة لا تخدم إلا المسلمين و أن المواطن المسيحي إنما هو محروم من هذه الخدمات لا لشيء إلا لأنه مسيحي و من هنا يسهل جداً زرع فكرة الإضطهاد و التفرقة داخل الرؤوس - وقد وضح هذا بشدة حين كنا نسمع من بعض الأخوة المسيحيين أنهم يسهمون في ميزانية الأزهر بضرائبهم! فالفكرة لم ترد على عقل مسلم من قبل - غير أنها و لأن مناخ زراعتها متوافر فقد صَدَرت طبيعياً عن أفراد مجتمع (الكنيسة!) غير أن هذا ليس كل شيء فلابد أيضاً من التأكيد على أنه بتقديم هذه الخدمات بأسعار مدعمة جداً إنما يرتبط "الفرد-الهدف" بالكنيسة و يجعل فكرة الإستغناء عنها مستحيلة خاصة إن كان من محدودي الدخل أو البسطاء. أتذكر أن لنا جاراً مسيحياً يعمل بحياكة الملابس (خياط) وكيف أن دخله بسيط هزيل و يحيا بصعوبة و أتذكر أن أبنائه الخمسة جميعهم أتموا تعليمهم الجامعي (منهم طبيب و مهندس) و كانوا يظهرون بمظهر محترم جداً مقارنة بحالهم (وحالي أيضاً وقتها) و قد سألت زوجته يوماً فقالت لي أن الكنيسة هي من يصرف على الأولاد الخمسة! فكيف بالله يمكن أن نصف هذا إلا بأنه عملية إستيلاء كامل على عقل و وعي المواطن و في مرحلة مبكرة جداً من حياته. وبمشاهدة تصرفات الأبناء وجدت أنهم حتى لا يلقون بالتحية على جيرانهم و لا يتحدثون مع أي إنسان في منطقة سكني! ثم من منا لم يرى طوابير الأطفال و قد إستيقظوا يوم الجمعة في السادسة صباحاً متشابكة أيديهم و لا يحملون بها أي شيء و يتبعون قائدهم/قائدتهم الذي يقودهم/التي تقودهم إلى الكنيسة حتى لا يروا المسلمين في الشوارع وقت الصلاة!؟ و لا يستمعون لخطب الجمعة (و أعلم أن الردود جاهزة من مثل أن يوم الجمعة هو يوم العطلة الوحيد خلال الأسبوع غير أن الأطفال أصغر من سن الدراسة) وقد لاحظت من صور السيدة كاميليا شحاته التي أذاعتها بعض المواقع المناصرة لها أن بها صوراً تمثل كل مراحل حياتها مصورة في الكنيسة - بل و لها صور و الكنيسة تكرمها على تفوقها الدراسي أو إشتراكها في الأنشطة الكنسية كالأنشطة الفنية و الرياضية و خلافها! و السؤال الذي يحيرني أين إذن تجد الكنيسة الوقت لتقوم بواجبها الأساس من حيث تخليص الروح و الدعوة للملكوت و مملكة السماء!؟ و إذا لم تكن كل هذه الأنشطة نوع من غسيل الدماغ أو النشاط السياسي فما هي إذن!؟ ليس هذا فحسب و لكنه أيضاً زرع مكانة لرئيس الكنيسة نظير تضاهي مكانة الرب ذاته -عن طريق دروس ومحاضرات القسس- من حيث إتصاله بالمسيح و محافظة الرب عليه! ثم زرع فكرة الحرمان الكنسي في العقل كعقاب يستغل التدين "الفطري" للمصري عموماً ليخاف أي من أتباع الكنيسة أن يسأل مجرد سؤال عن موضوع قد ترى الكنيسة أن عرضه فيه خطر على خططها وأنا أذكر تماماً أنني كتبت في مرة سابقة أن الكنيسة حساساة جداً تجاه أي نقد لقائدها و سلطته المطلقة على أفراده و هذا الأن ما نشاهده من إعلان نظير إمتعاضه ثم رفضه للمظاهرات ضده - حتى لا تهتز صورته و ينزل عن عرشه كصورة للرب و يصبح في صورة بشر عادي! فهل بعد هذا يمكن أن نصدق أن الكنيسة لا تلعب السياسة و أنها فعلاً كانت قد أعدت العدة لدولة موازية!؟ غير أن سياسة الكنيسة ليست كالسياسة التي نعرف - فما تقوم به الكنيسة إنما هي تنفيذ فعلي لخطط تكتيكية لتحقيق هدف إستراتيجي وقد تسرعت الكنيسة في محاولة جني أرباحها من هذه الأنشطة ربما ليتحقق الهدف في حياة نظير و الأغلب لإستغلال الوضع السياسي الموجود بمصر الأن. من هنا و حين التعامل السياسي الصرف مع الكنيسة فإنها تسقط سريعاً في اخطاء أجدني أحياناً أقهقه منها و عليها (وقد يأتي وقت لذكرها.) يتضح لنا الأن أن الكنيسة بهذه التصرفات إنما تتصرف كقوة سياسية و تقوم بكل ما يمكن أن يقوم به حزب سياسي مدعومة بدعم مادي هائل من مسيحيي المهجر وهم الذين أتوقع في المستقبل أن يكونوا قوة ضغط على الكنيسة المصرية ذاتها خاصة بتراكم القوة في أيدي قسس كنائس المهجر ممثلة في المال و التأثير على "الفرد-الهدف" في هذه البلاد. Masry in USA --------------------------------- *) بدت هنا هي كلمة عبقرية تماماً إذ أنها تعني أن البغضاء إنما ظهرت فقط و لم يظهر مكنون الصدور - فسبحان الله قائلها! و هي دليل أيضاً على أن الجبن يُسيطر تماماً حين تكون شوكة المسلمين هي الغالبة و إن كان ما تعتمله صدور البعض لا يقدر على إخفائه كثيراً! أحياناً أعجب من البعض حين يغضب من "مكرم" على ما قال (!) إذ كيف كان يصدق لنا كلام الله دون أن تبدو البغضاء من الأفواه!