ازدادت سخونة الحملات الانتخابية لبرلمان 2001- 2015 رغم كل دعوات المقاطعة التى انتهت إلى "لا شيء" . وبدا المشهد الانتخابى فى أيامه الأولى يعكس الواقع السياسى المصرى. حزب حاكم مسيطر فشل فى جذب الشعب إلى صفه ولذلك يستخدم كل الأدوات الحكومية خاصة القوات الأمنية والبوليس لشل حركة المعارضة الحقيقية ومنعها من الوصول إلى الجماهير أو التواصل معهم. أحزاب المعارضة الرسمية التى يريد النظام إخراجها من غرفة العناية المركزة لا يشعر بها المواطنون ولا المراقبون، ولا وجود شعبى لها بين الناس ولولا ما يصدر عنها من صحف ما شعر بها أحد. الإخوان المسلمون قوة المعارضة الرئيسية والحقيقية لم تتراجع رغم كل الضغوط السياسية والأمنية، وهى تقريباً القوة الوحيدة التى تتحرك انتخابياً وتستخدم آليات الانتخابات المعهودة، كالجولات الانتخابية والمسيرات الشعبية، وحملات طرق الأبواب، وقدّمت برنامجاً واقعياً استفاد من خبرة وجود 20 % من نواب البرلمان فى البرلمان المنصرف وحددت فى برنامجها الأدوات التشريعية والرقابية التى ستسخدمها لتنفيذ لك البرنامج ككتلة معارضة فى البرلمان، لأنها لم تتقدم إلا على حوالى 130 مقعداً فقط من 508 أى ربع مقاعد البرلمان. أحرجت مشاركة البرلمان النظام المصرى بقوة، حيث مثلت تحدياً شعبياً حقيقياً، ولذلك بدا النظام عصبياً ومتوتراً رغم كل محاولاته لإخراج الانتخابات الحالية بأقل الخسائل الممكنة. لقد سارع إلى استخدام عدة ألياة للهروب من استحقاق انتخابى هام. أولاً: حاول إرهاب كل وسائل الإعلام لمنع نقل المشاهد الانتخابية وأنه رقابة جادة تقوم بها وسائل الإعلام، فقيّد حركة طواقم القنوات الإخبارية ولم يصدر لها تراخيص بالبث المباشر أو بالتصوير الخارجى، وأغلق العديد من القنوات الفضائية لإرهاب بقية القنوات الخاصة وظهر ذلك واضحاً فىبرامج "التوك شو" الليلية التى لم تبد أى اهتمام بالانتخابات الحالية وهربت إلى مواضيع أخرى جانبية وهامشية. إلا أن النظام نسى أن الإعلام عبر شبكة المعلومات لا يمكن تقييده، وأن الإعلام الفردى واستخدام الهواتف المحمولة يمكن أن يسدّ جانباً من الفراغ وأن يضيئ شموع تفضح الانتهاكات. لذلك كان الخبر الرئيسى للقنوات الإخبارية العربية خلال الأيام الأولى من الحملة الانتخابية والدعاية هو المصادمات الدامية بينقوات الأمن التى تحاول بكل الوسائل غير المشروعة منع المواكب والمسيرات الانتخابية وبين مرشحى الإخوان وأنصارهم فى كل المحافظات تقريباً مما يعنى أنها سياسة محددة سلفاً لمنع الدعاية الانتخابية تحت أى ذريعة. ثانياً: حدّد النظام فترة الدعاية بأقل من أسبوعين، وهى فترة غير كافية لمجرد استخراج أية تصاريح وإعداد أية مؤتمرات انتخابية. ونسى النظام ان القوى الشعبية الموجودة فى الشارع وبين الناس كالإخوان لا تحتاج إلى مدى زمنى طويل، لأنها على اتصال دائم ومستمر بنا جنيهاً وأنصارها لذلك، ما إن بدأت الحملة الرسمية فى المواعيد المحددة حتى فوجئ النظام بقوة الحملات الانتخابية للإخوان، فظهرت النوايا الحقيقية بالتصدى العنيف لأية مظاهر لدعاية، بتمزيق اللافتات وطمس الملصقات، ومطاردة موزعى الوراق والبرامج، واعتقالات المئات، ومنع المواكب والمسيرات. ثالثاً: قام النظام باستخدام وسيلة عجيبة لمنع ترشيح المواطنين من الإخوان والمستقلين وذلك عند فتح باب التسجيل للمرشحين، فمنع دخول المواطنين إلى مقر اللجان التى أعدت فى مديريات الأمن ، بل قام بخطب بعض المرشحين مثل د. محمد الأنصارى فى جرجا بسوهاج رغم حصوله على حكم قضائى بإدراج اسمه فى كشوف المرشحين. بل قام النظام بشطب ومنع 7 نواب حاليين من الترشيح، 4 فى الإسكندرية وفى القاهرة ومحافظة 6 أكتوبر، واعتقال نواب حاليين أثناء الدعاية فى انتهاك واضح وصريح لكل القواعد القانونية والأعراف البرلمانية وفى إهدار متعمد للأحكام القضائية. بل لم تقم اللجنة العليا للانتخابات بأى إجراء لضمان حقوق هؤلاء المرشحين ولم تنفذ الأحكام القضائية الصادرة لهم ولمئات غيرهم من محاكم القضاء الإدارى التى يجب أن تنفّذ بمسودتها دون تأخير بل قالت فى بيان لها ما هو أعجب مما يعنى أنها لا تحترم القواعد القانونية بينما غالبية أعضائها من رجال القضاء وهو ما يهدد أى حديث عن استقلالها. لقد أراد النظام أن يحّول الانتخابات إلى ما يشبه انتخابات اتحاد الطلاب التى يمنع فيها كل الطلاب من الترشيح ويقوم بشطب من يفلت منهم من الحصار لينجح من يريده بالتزكية ودون أى انتخابات حقيقية. وهذه التجاوزات الصارخة تهدد العملية الانتخابية كلها بالبطلان. رابعاً: أصبح واضحاً للعيان أن اللجنة العليا للانتخابات لجنة شكلية ليس لها أية إمكانيات وتقوم بدور المحلل للإدارة العامة للانتخابات فى وزارة الداخلية، وهى التى تمسك بخيوط الانتخابات كلها بين يديها بداية من كشوف الناخبين إلى تحديد مقار اللجان الفرعية والعامة وانتهاء بفرز الأصوات وإعلان النتائج التى يقررها النظام والتى لا يستطيع تغييرها. وبذلك تغيب الإرادة السياسية الجادة لإجراء انتخابات شبه نزيهة فى ظل غياب الإشراف القضائى التام على الانتخابات بعدما تم تجاوز حكم المحكمة الدستورية العليا بتعديل المادة 88 من الدستور. وتبقى فقط كضمانة انتخابية توفر إرادة شعبية حقيقية ومتواصلة لإجبار النظام على احترام إرادة الأمة مثلما حدث مع المرحومين المستشار مختار نصار والشيخ صلاح أبو إسماعيل فى انتخابات 1979م . وإذا تعاظمت تلك الإرادة الشعبية مع الوقت، وانتشرت من مكان إلى مكان فصيبح النظام وقوات الأمن فى مواجهة دامية مع الشعب مما يؤذن بدخول البلاد إلى مرحلة جديدة من الحراك السياسى يكون شعارها "نريد انتخابات حرة و نزيهة بضمانات شعبية حقيقية". خامساً: يرفض النظام بكل جرأة أى رقابة دولية حتى ولو كانت من الأممالمتحدة وإذا كان رفض التدخل الأجنبى مبدأ مستقر بين جميع القوى الوطنية إلا ان غياب الإرادة السياسية لحرية ونزاهة الانتخابات، ومنع الرقابة المحلية والتعتيم الإعلامى الواضح يضع الجميع أمام مسئوليات خطيرة ، فهل يكون ثمن الانتخابات الحرّة هو الوصاية الدولية على البلاد، ولن يرضى أحد بذلك أم يكون البديل هو الانتفاضة الشعبية التى قد تقود البلاد إلى فوضى مدّمرة لن يستفيد منها أحد ؟ أم يرضخ النظام فى النهاية لإرادة الشعب؟ سادساً: فشل الحزب الحاكم فى فرض أى انضباط داخل على أعضائه بل قرر فى جرأة عجيبة تقرير مبدأ عدم الالتزام الحزبى بترشيح أكثر من مرشح على المقعد الاحد، وهى حالة حزبية فريدة لم يشهدها العالم من قبل ، يريدها الحزب الهروب من الواجهة النتائج التى حققها بنسبة 30 % فقط من مرشحيه فى أر انتخابات أو تفتيت الأصوات فى الجولة الأولى استعداداً للتزوير فغى جولة الإعادة أو لعدم القرة على حسم الصراع بين أجنحة الحزب المختلفة فيما بينها والمتصارعة على كعكة المصالح الشخصية. هذه مشاهدة سريعة للانتخابات البرلمانية الحالية فى مصر والتى تبشر بإصدار الإخوان والشعب على خوضها إلى نهايتها رغم كل الاعتقالات والمطاردات التى وصلت إلى إطلاق الرصاص المطاطى. والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل،،