صدر مؤخرًا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، كتابان يناقشان موضوعًا واحدًا، لكن من وجهتَي نظر مختلفتين: الأول بعنوان (الإخوان المسلمون الجدد في الغرب) لمؤلفه "لورينزو فيدينو"، الصادر عن (كولومبيا يونيفرسيتي برس) في 326 صفحة، والثاني بعنوان (الإخوان المسلمون: عبء التقاليد) لمؤلفته "أليسون بارجيتر"، ومن المقرر طرحه في أمريكا بحلول يناير 2011. أي المسلمين ينبغي على الحكومات الغربية أن تتواصل معهم، وأيهم ينبغي عليها أن تتجنبهم؟ منذ تفجيرات 11 سبتمبر 2011 في نيويوركوواشنطن، وما تبعها من هجمات في مدريد ولندن، طفت على السطح بضعة أسئلة ملحة، أثارت نقاشات محمومة، (أحدها هو السؤال السابق). بعض الخبراء والمسئولين الحكوميين- الذين يصفهم "لورينزو فيدينو"، في الكتاب الأول، بالمتفائلين- يدافعون عن مبدأ الحوار مع جماعة الإخوان المسلمين، الحركة الإسلامية التي وُلِدَت في مصر في عشرينيات القرن الفائت، ثم أصبح لها أعضاء ومؤسسات حول العالم. لكن على الجانب الآخر توجد مدرسة أخرى – المتشائمون الذين ينتمي إليهم السيد فيدينو- ترى أن الإخوان المسلمين ذئاب يرتدون ثياب الحملان، ويتشاركون مع المتطرفين جانبًا كبيرًا من أجندتهم، لكنهم يتخفون وراء خطاب مزدوج. السيد "فيدينو"، الذي انضم مؤخرًا إلى مؤسسة (راند) البحثية في واشنطن، تنبأ في الماضي- بنبرة حادة في بعض الأحيان- بأن هدف جماعة الإخوان المسلمين هو نشر الشريعة الإسلامية في أنحاء أوروبا وأمريكا، موجهًا توبيخا عنيفا لمن فشلوا في رؤية الخطر، واصفًا إياهم بأنهم (ساذجين ميئوس منهم). وكتابه بشكل عام أكثر تحفظًا، ويعترف بأن الغرب يواجه معضلة حقيقية في الوصول إلى رأي قاطع بشأن هذه الحركة الكبيرة الفضفاضة، التي تتحدث بألسنة عديدة. وعلى الرغم من أنه لا يزال متشككًا، فإنه يقدم كمًا كبيرًا من المعلومات تمكن بقيتنا من تكوين وجهة نظر مستقلة. ويوضح كيف أن مجموعة صغيرة ومتلاحمة من الإخوان في الخمسينيات نجحوا في زرع الحركة في أوروبا. وقد قام هؤلاء الرواد بقيادة سعيد رمضان، زوج ابنة مؤسس جماعة الإخوان في مصر، بتحويل جنيف وميونيخ إلى شبكة من المساجد والمؤسسات بتمويل سعودي. وفي الولاياتالمتحدة حدث نفس الشيء، وهنا قد يتوقف المتفائلون أنفسهم أمام لائحة الاتهام التي يعرضها السيد "فيدينو"؛ حيث يستخدم بكثافة الوثائق القانونية من محاكمة مؤسسة الأرض المقدسة، الجمعية الخيرية التي تتخذ من تكساس مقرا لها، والتي اتُهِمت في 2008 بتمويل حركة حماس. ويعتقد السيد "فيدينو" أن هذه الوثائق تكشف تواجدًا سريا واسع النطاق للإخوان، مرتبطًا باثنين من أكثر المنظمات الإسلامية الأمريكية شهرة: هما مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) والجمعية الإسلامية في أمريكا الشمالية (اسنا)، لكن التنظيمين ينكران مثل هذه العلاقة، ويدينان الإرهاب بعبارات صريحة. على الجانب الآخر ترى "أليسون بارجيتر" أحد علماء كامبريدج ومؤلفة الكتاب الثاني، أن قناعة فيدينو الأكثر جرأة، والمتمثلة في أن الحركة تسعى إلى نشر الشريعة الإسلامية في أنحاء أوروبا وأمريكا، مجرد محاولة لإثارة الذعر. كتابها أصغر من كتاب "فيدينو"، لكنه أكثر تحديدًا، كما أنها تتمتع بفهم أكثر رسوخًا للديناميكية السياسية في منطقة الشرق الأوسط، حيث نشأت جماعة الإخوان المسلمين. وكما يشير العنوان الفرعي لكتابها، فإنها تعتبر الجماعة غير قادرة على قطع صلاتها بماضيها، وأنها ذات بصمة تتسم بالبراجماتية والانتهازية والتناقض فيما يتعلق باستخدام العنف. الاختلاف بين المقاربتين يتضح من تناولهما للوثيقة التي عثرت عليها السلطات السويسرية في العام 2011 في منزل أحد كبار ممولي الإخوان. هذه الوثيقة المكتوبة باللغة العربية، والتي تحمل تاريخ 1982 والمعروفة باسم (المشروع)، تحدد ما قاله السيد "فيدينو" بخصوص استراتيجية الجماعة للسيطرة العالمية. لكن السيدة "بارجيتر" يراها (قائمة رغبات دنيوية مقبولة)، ليست بالصورة الخطيرة الملساء التي صورها السيد "فيدينو". لكن الكاتبان يتفقان، ربما بشكل مفاجئ، على الإجابة بالموافقة على السؤال القائل: هل ينبغي على الغرب التواصل مع الإخوان؟، ويتقابلان عند وجهة النظر القائلة بأن الإسلاميين أصبحوا "جزءًا لا يتجزأ من المشهد العام" على حد وصف السيدة "بارجيتر"، بجانب أن هناك بدائل قليلة ذات مصداقية. باختصار.. من الأفضل الحوار معهم، بحرص ودون خداع. المصدر: الاسلام اليوم