هذه سابقة خطيرة وأول مرة يحدث أن تقوم دولة بحظر ديانة تعد الثانية من حيث الإنتشار على المستوى العالمي ، كما أن تعداد المسلمين فيها يمثل 5 % من تعدادها السكاني تقريباً. ففي الوقت الذي ينادى فيه بالتسامح الديني وحوار الأديان ، نفاجئ بهذا التطرف ، ولكن التطرف هذه المرة لم يأتي من جماعات أو أشخاص بل جاء من دولة. ففي الوقت الذي تنتشر فيه بناء المساجد في أوربا، ويزيد فيه أعداد المعتنقين للإسلام يوم بعد يوم ، وكذلك في معظم ارجاء المعمورة ، لدرجة أننا قرأنا خبر منذ سنوات عن أن وزارة الخارجية البريطانية قامت بتخصيص غرفة للصلاة خاصة بالمسلمين في مبناها الرئيسي ، وهذا ينم عن الحضارة والرقي في المعاملة . كما أن دول خليجية عدة، وهي المعروفة بتدين شعوبها، قامت بعمل دور عبادة للمسيحية على أراضيها ، نظراً لكثرة العاملين فيها المعتنقين لهذه الديانة ، وتسامحا دينيا ، وكما صرح أحد المسؤولين بقوله " لقد بنوا لنا مساجد في اراضيهم، فلما لا نبني لهم كنائس على أراضينا " وهذا يعتبر قمة التسامح أيضاً . المهم أن هذه الدولة الأفريقية ما كانت لتأخذ هذه الخطوة لولا إنتكاسة الديمقراطية العصرية الوليدة في مصر والذي فاز فيها ( الإخوان) ولم يروق هذا الفوز ل(الليبراليين المصريين ) المعادين للإثنين لا ثالث لهم. إما الإسلام أو الإخوان ، فجعلوا العام الأول للرئيس عام كله مصائب وافتعلوا كل المشاكل التي تخطر والتي لا تخطر على البال ، لا لشيئ إلا من أجل إسقاط الرئيس ( الإخواني ) ، كما أن قلة خبرة الرئيس وحنكته السياسية جعلت لما يفعلون أرض خصبة ، وكذلك فعلت الجماعة التي منذ ولاديتها وهي في مشاكل مع النظام ، منذ الملك فاروق مرورا بجمال عبدالناصر والسادات إلى حسني مبارك والعادلي ، ولم تتعلم هذه الجماعة من هذه التجربة الطويلة أن وجودها في حزب سياسي أفضل لها من كونها جماعة على علاقة بالخارج في شكل تنظيم دولي، كما يقال بواسطة من كانوا فيها يوما ما . وكما يقول خبراء الداخلية الذين خصصتهم الوزارة لمراقبة التدين والمتدينين الإسلامين فقط ، وكأن الإسلام أصبح دين الشر ( والعياذ بالله ) وهذه ثقافة بدأت تنتشر في مجتمعنا فَينْظر للمتدين بمنظر الريبة والتوجس والحذر ، لدرجة أن بعض الكليات ( الشرطة والجيش) وبعض الوظائف ك(وكلاء النيابة ) مثلا، لا تقبل هذه النوعية من الناس المتدينين، ويجب أن نصارح أنفسنا بهذه الحقيقة . نحن أول من نهين الإسلام وليس أنجولا وذلك بطرق كثيرة أذكر منها طريقين لضيق المساحة، طريق الجماعات التي تكونت وتتحدث بإسم الإسلام دون رقيب ولا حسيب . وطريق الحكومة التي تحارب الإسلام في صورة هذه الجماعات ، فجعلت من الإسلام فزاعة مرعبة لمجتمعها فما بالنا بمن خارج مجتمعنا ! يا سادة يجب أن نعرف أن الإسلام ليس دين عنف ولا يعرفه، ومن يمارس العنف لا يمثل الإسلام بل يمثل فكره الشخصي المتطرف. وهذا موجود على مستوى العالم وفي كل الديانات . وأن اللعب في السياسة يجب أن يظل بعيداً عن الدين عامة ، لأن السياسة من المتغيرات والدين لا متغير فيه . وأن تكوين جماعات بإسم الإسلام يضر به أكثر ما يصلحه. هناك عمل مؤسسي للدين يجب أن ينضوي تحته كل من يريد ممارسة العمل الدعوي ، وهناك أحزاب سياسية يجب أن ينضوي تحتها كل من يعمل بالسياسة وأخرجونا من هذا المستنقع البغيض . ويجب أن يفتح حوار مصارحة ومصالحة قبل أن تضيع مصر، لأنها البلد العربي والأفريقي الأكثر في كل شيئ تاريخاً وسكاناً وتأثيراً وثقافةً إنها نموذج لا تقل عن أكبر دول العالم الحر . وقبل أن تحظر باقي دول العالم الإسلام.