حتى وقت قريب كنا - نحن التربويين – نصرخ : كم يجني الإعلام على تعليمنا !! ، واليوم آن لنا – نحن جميعا عربا ومسلمين – أن نصرخ : كم يجني الإعلام على تعليمنا بل على ثقافتنا كلها !! إن القائمين على بث المواد الاعلاميه يعملون على تطبيع أبصارنا وأسماعنا على الفاحش من القول والعمل . فهم يريدون أن نعتاد سماع ورؤية ما حرم الله لتصبح هذه الفواحش من أخلاقنا ويتشرب أبناؤنا هذه الأفكار والسلوكيات باعتبارها ألوانا من التحضر والحرية أو على سبيل التسلية والتمتع بملذات الدنيا . وبأعتبار معارضتها صورة من صور التخلف والرجعية والظلامية !! فعلى سبيل المثال :- يحاولون تطبيع مفهوم الصداقة بين الرجل والمرأة التي لا تحل له مخالفين بذلك النهي الذى ورد فى كتاب الله عز وجل " مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ " [ النساء/25] أو جواز الخروج مع امرأة أجنبية والخلوة بها . كما يسعون إلى تطبيع شرب الخمر ولعب الميسر عن طريق ما يقدمون من مشاهد صريحة عن شرب الخمر ولعب الميسر بالرغم من ظهور تحريم ذلك في القرآن والإنجيل . كما يطبعون أبصارنا على رؤية الخنزير فلا تكاد قناة من قنوات الأطفال تخلو من مسلسل على الأقل في اليوم يظهر فيه الخنزير كشخصية كرتونية طيبة خيِّرة وجميلة وصغيرة ومساعدة لأصدقائها في الوقت الذي نحاول أن نربى أولادنا على كره الخنزير لأنه حيوان قذر ونجس . والفأر أيضا له نصيب وافر من الاحترام فى أفلام الكارتون المستوردة من الدول الغربية والفأران ميكى وجيرى خير دليل على ذلك فهما يظهران باستمرار في صورة المنتصر على القطط في الوقت الذي توصينا فيه السنة النبوية بإكرام الهر والهرة . كما تظهر مخالفات صريحة للشريعة الإسلامية في تعاملهم مع الكلاب فهم يجعلون الكلاب تلعق وجوههم بل وقد تأكل من آنيتهم في حين أن السنة النبوية الصحيحة تحذرنا من نجاسة الكلب وما قد يصيبنا من أمراض بسببه . و الأفلام العربية على سبيل المثال تبرز الجوانب الايجابية في شخصيات الساقطات والزناة وتؤكد أن علاقتهم بالله قوية لكن الظروف هي التي تجبرهم على ما يفعلون .!!! ويؤثر هذا على أخلاق أبنائنا فينمو في أنفسهم يقين بأن الغاية تبرر الوسيلة وأنهم لو تعرضوا لظروف الحياة القاسية فلا جناح عليهم أن ينحرفوا كما انحرف أبطال الفيلم بسبب ظروفهم السيئة . !! وفى المقابل يظهرون شخصية رجل الدين – معلما أو قارئا للقرآن أو إماما أو خطيبا أو مأذونا شرعيا – مهتز الشخصية ، متجهما ، عبوسا متنطعا ، شاذا ، ... يبدى للناس ما يُخفى عنهم من فساد في نفسه . ونجد مؤلفو الأعمال التليفزيونية يصغرون هذا الذنب ويحصرونه فى حيز ضبق وهو "الخيانة الزوجية" أو "تدنيس شرف العائلة". كما نلحظ أن الجاهلين بما حرم الله من أهل الإعلام وأهل الفن – وكثير ما هم – يعملون بجدية على ( تصغير الكبائر ) فإذا كان أحدهم على خلاف مع زوجه لا يبالى إذا ما راح يرفه عن نفسه بالزنا بعد تصغير هذه الفاحشة لتصبح مجرد ( خيانة زوجية) بل قد يتخذها وسيلة لإذلال زوجه والانتقام منها ، فإذا أراد الإقلاع عن ذلك فهدفه أنه لا يريد أن يؤذى زوجته. !! ومن هنا يشب أطفالنا على فكرة أن الزنا "عيب" فقط وليس "حراما " مما يجرنا إلى عصور الجاهلية الأولى حيث كان الناس يتصرفون بفطرتهم ، فمن كانت فطرته سليمة نأى بنفسه عن الرذيلة وإلا ... فلا . وقد يصورون الزنا على أنه طيش شباب أو "نزوة وتعدى" أو شقاوة شباب ويتردد ذلك كثيراً على ألسنة الآباء في المسلسلات والأفلام بل ويذكرون تجاربهم المتعلقة بهذا الموضوع على أنها أيام لن تعوض وليتها تعود من جديد !! في الوقت الذي يدعونا فيه ديننا إلى الندم على ما اقترفنا من آثام. فهل الزنا مجرد خيانة زوجية ؟!! ومن ( تصغير الكبائر ) أيضا تسميتهم المومسات بفتيات الليل ، وتسميتهم المعدومين ب( محدودي الدخل ) ، وتسميتهم الاستمناء بالعادة السرية ، وتسميتهم الغلول والاختلاس والسرقة الفاجرة ب( التهرب الضريبي ) وتسميتهم بعض السكارى ب( الفنانين ) وبعضهم الآخر ب ( الإعلاميين ) !! ولنا عودة . [email protected]