يبدو أن الحالة التى ظهر بها الرئيس مرسى خلال ما يسمونه بالمحاكمة اربكت الانقلابيون ومنهم بعض أطباء وخبراء علم النفس ؛ ففى الوقت الذى كان يعد سلفاً سيناريو الشماتة والتحقير لمرسى أثناء محاكمتة ، نجد ايضاً تحليلات نفسية غريبة وغير منطقية لم نسمع عنها الا فى بلدنا، من وجهة اناس من المفترض انهم متخصصون ومنها مثلاً أن مرسى مصاب بالفصام والبارانويا والهستيريا والضعف النفسى وانه يعانى منع عقدة النقص والنرجسية واللامرونة ووصفوه ايضاً بأن لديه سلوكيات مرضية فى مقدمتها التوهان واليأس والاحباط وقال كبيرهم : " ان مرسى لديه غباء ومراهقة سياسية وضعف شديد وعصبية مفرطة وحرمان حسى " وتمادى فى ذلك قائلاً : " اعتقاد الاخوان برجوع المعزول أحط من كونه مرضاً نفسياً ! " ومن أغرب التحليلات التى قرأتها ما ذهب اليه احد استشارى الطب النفسى بان " ما يصنعه مرسى ليس من شخصيته ولكنه مأمور ولا يتصرف من تلقاء نفسه وغير مسموح له بأن يبدى رأيه ! " .تخيلوا أن الرئيس مرسى يعانى من هذه الامراض والعقد النفسية . ولكى نكشف زيف وكذب اصحاب هذه الرؤى دعونا نتحدث بلغة العلم التى لا يعرفها هؤلاء ؛ فمن المستحيل ان تجنمع هذه الامراض جميعها فى نفس بشرية ايضا ً اعراض كل منها متباينة تماماً عن بعضها . كذلك من يرون أن الرجل مصاب بالفصام فالفصام – مع كامل تقديرى للمصابين به – هو مرض نفسى دماغى مزمن يصيب عدداً من وظائف العقل ويصاحب بهلاوس واوهام وعدم تناغم انفعالى واضطراب فى التفكير والسلوك ومن اعراضه ايضاً التبلد الانفعالى وسماع اصوات غير موجودة فى الواقع وعدم قدرة الفرد على التمييز بين الواقع والخيال ، واذا كان مرسى على هذه الحالة فلماذا تم منع البث التلفزيونى عن المحاكمة ؟ ولما كل هذه المنتجة للقطات التى تم التقاطها ؟ . ان المتأمل للمشاهد القليلة التى رأينها أو سمعنا عنها لمرسى اثناء المحاكمة نجده هادئاً يغلق سترته بإحكام يمشى رافعاً رأسه ممتلىء الصدر يدخل القاعة مبتسماً ملوحاً بتحية رئاسية بالاضافة الى الوقوف الثابت ومواجهة الكاميرا وهيئة المحكمة واستباق الموقف واختيار جيد للالفاظ والدلالات ومنها " أربأ بالقضاء المصرى العظيم أن يكون يوماً غطاء للانقلاب العسكرى الهدام الخائن المجرم قانوناً " . ومن الصعب جداً تصنع مثل هذه المشاهد او لغة الجسد التى بدت منه . كل هذا ايضاً رغم صعوبة الموقف الذى كان فيه وبعد الظروف القاسية التى مر بها لاكثر من مئة يوم بعيدا عن اهله واسرته ومحدد له مكاناً بعينه لا يبرحه قط لا يرى ولا يحادث احداً ولا يصل اليه الا القليل من المعلومات عبر الصحف والقنوات الانقلابية ، بالاضافة الى الحرب النفسية والاشاعات والضغوط والابتزاز ؛ ولكن " يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الاخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ". لقد اتهموا الرجل ايضاً بالهوس بالسلطة والحكم . من هو الذى يلهث وراء السلطة الذى يعمل بنظرية الازرع والانجذاب ويطلب التحصين أم الذى يطالب بحق منحه الشعب اياه ؟! لقد اصبح الانقلابيون فى حالة هيسترية مثل الثور الهائج الذى يقتل اى شىء امامه ، لقد اصبحوا فى حالة تخبط فى السياسات والافعال والاقوال ومنها الحملة الممنهجة التى اعقبت المحاكمة لتشوية صورة الرجل والشماته فيه بأى طريقة والتى تعكس كراهية وحقد دفين فى نفوس مريض مرتعدة ، هؤلاء الذين كانوا يحدثوننا عن التعاطف مع مبارك طريح الفراش فى القفص ! على الجانب الاخر نجد ان الرئيس مرسى لديه توافق بين الفكر والمشاعر فهو يرى انه على حق ولذا فهو متوافق مع نفسه .من الملاحظ ايضاً صدق الاحساس الذى ظهر عليه والذى انتقل الى انصاره ومؤيديه الذين ذهبوا لمناصرته والشد من ازره واذا به يمنحهم دفعة وطاقة ايجابية رهيبة . اريد أن اسأل أطباء وخبراء علم النفس هل يمكن أن تجتمع كل هذه الامراض النفسية فى نفس تحمل القرأن الكريم ؟ اين ميثاق الشرف النفسى الذى يلزمكم بأن تكونوا متحرريين من كل أشكال التعصب الدينى والسياسى والطائفى والتعصب للجنس أو السن أو العرق أو اللون ، وأن تحترموا حقوق الاخرين فى اعتناق القيم والاتجاهات والاراء التى تختلف عما تعتقنوه وكذلك تحرى الدقة والتمييز والموضوعية والاصالة فيما تدلون به من نصائح واقوال . لقد افسدت السياسة اشياءاً كثيرة حولنا اتمنى الا تصل الى الاطباء وخبراء النفس ، عليهم ايضا ان يناءوا بأنفسهم جانباً عن الصرعات فى المجتمع وان يفصلوا بين الرأى الشخصى والتحليل النفسى ، وتذكروا دائماً أن خيانة الرأى ابشع بكثير من القتل بالرصاص .
دكتور / وليد نادى باحث نفسى بجامعة القاهرة وعضو المنظمة العربية الدولية لحقوق الانسان Dr.walid.nady@gmail,com