الأزهريون: هل هم فعلا في واد أخر بعيدون عن قضايا أمتهم سؤال شغلني وآخرين في الأيام الماضية وكان مثارا للجدل والنقاش. والذي نعرفه أن الأزهر في عصوره الوارفة ومنذ نشأته لم يقتصر دوره على دروس العلم وتخريج العلماء الوافدين إلية من كل صوب وحدب. بل امتد إلى الحياة العامة فقد كان ملاذا للمظلومين يأخذ على أيديهم ويعيد الحقوق إليهم .. كتب التاريخ برهان أكيد على ما نقول وفيها أن أحد كبار المماليك في العصر العثماني ويدعى مراد بك قام بالهجوم على بيوت أهالي في القاهرة وصادر ممتلكاتهم .. فكانت الانتفاضة التي قادها شيخ الأزهر المرحوم أحمد الدردير. ولم يهدأ له بال حتى عادت الحقوق إلى أصحابها واسترداد ما تم اغتصابه وبعد عشر سنوات من هذه القضية الأزهرية قاد عبد الله الشرقاوي شيخ الأزهر ثورة لاسترداد الحقوق ودفع الطغيان عندما شكا إلية مجموعة من فلاحي بلبيس بمحافظة الشرقية من مظالم محمد بك الألفي ومن يعرفون بخدم الوسية ولم تهدا الثورة العارمة إلا بعد توقيع وثيقة تنص على (عدم فرض ضريبة جديدة على الفلاحين إلا بعد إقرارها من مندوبي الشعب وألا تمتد يد السلطان إلى أحد أفراد الأمة إلا بالحق والشرعية) وعلى هذا الطريق كانت مشاركة الأزهر بطلابه وأساتذته في الثورة العرابية وبعدها ثورة 1919. وقد حمل مشايخه وطلابه راية الجهاد وكانوا دوما في الصفوف الأولى للمجاهدين وقد كانت ساحة الأزهر وطلابه وأروقته مركزا لتنظيم الثورة ومنهم كان الشهداء الذين لقوا حتفهم على أبوابه فشيوخ الأزهر كما نرى كانوا قادة للتنوير وزعماء للنهضة وملاذا للأمة وحصنها حين تضرب الأمور وحين يحتاج الناس إلى رائد لا يكذب ليأخذ بأيديهم إلى بر الأمان. تذكرت هذا وغيره وأن أتحاور مع أخوة لي رأي بعضهم أن الأزهر قد انتهى دوره عندما ابتعد شيوخه عن هموم الأمة واثرو السلامة. ومع أن ما طرحوه لا يمكن التسليم به على الإطلاق إلا أنني أرى أن معهم الحق في بعض ما طرحوه فالأزهريون أساتذة ودعاة والمفترض أنهم أقرب الناس للجماهير لأسباب من بديهياتها تواجدهم المستمر وانخراطهم مع كل شرائح المجتمع .. كيف لايكون لهم وجود على الخريطة السياسية؟! وأتساءل واعتقد أن كثيرا يشغلهم هذا الأمر: كم داعية حرصوا كغيرهم على المشاركة في انتخابات المجالس الشعبية وكم منهم سارع بالتقدم لانتخابات البرلمان (الشعب والشورى) ففي كل انتخابات تجد كل فئات المجتمع تقريبا وقد جاهدت للاستئثار بعدد غير قليل من المقاعد . والهدف الذي لا يخفى على أحد أن كل الفئات لها همومها ومشاكلها وبالتالي فهم أي مشايخ الأزهر أحوج ما يكونون للذود عنهم ولهم أيضا أمال يصبون إليها يجب أن تتحقق لتعود عليهم بثمر نافع ومن أفضل التعليقات الساخرة في هذا الصدد: أن الأزهريين والدعاة باعتبارهم جزءا أصيلا منهم تلاشت همومهم ومشاكلهم فأصبحوا في رخاء وبالتالي ليسوا في حاجة إلى من يستجيب لطلباتهم ويخفف ألامهم. مبلغ علمي وأنا واحد منهم أنهم دون خلق الله أجمعين ولأسباب لا يعلمها إلا الله محرومون من إنشاء نقابة تجمع شملهم وتحافظ على حقوقهم إن كانت لهم حقوق.. وهم أيضا يعانون الأمرين عندما يطارد أحدهم المرض وقد يخفى على كثيرين أن الدعاة جاهدوا ومازالوا للدخول في دائرة التأمين الصحي العام أسوة بكل العاملين في الدولة ولكن دون جدوى. والمؤسف أن مرضى الدعاة مطالبون بالسفر إلى القاهرة للحاق بمستشفى الدعاة وهو ما يمثل ثقلا على صحتهم وجيوبهم الخاوية أصلا لضعف ما يتقاضونه من معاش. والدعاة أيضا موقوفون على عملهم فلا يستطيع الواحد منهم ممارسة أي عمل آخر يعينه على أعباء الحياة وبالتالي يجب أن يكون لهم كادر خاص أسوة بالقضاة ورجال الإعلام وغيرهم كثير. وتبقى قضية عزوف الأزهريين وفي القلب منهم الدعاة عن المشاركة في الحياة السياسية باتت في حاجة إلى إجابة فليس أقل من تدارس هذا الداء والوقوف على أسبابه وإنا لمنتظرون؟.. [email protected]