وزير التموين يدعو أهالي الجيزة للاستفادة من سوق اليوم الواحد    قبيل لقاء ترامب.. نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأمريكي في فلوريدا    النائبة عايدة نصيف: التحرك الإسرائيلي تجاه صوماليلاند خطوة تهدد استقرار منطقة القرن الإفريقي    شوبير: المشاركة الأولى الرسمية مع مصر حلم تحقق وطموحنا التتويج باللقب    الداخلية تضبط تشكيلًا عصابيًا دوليًا للنصب على المواطنين    الهيئة العامة للكتاب 2025: عام من المعارض والإصدارات وتوسيع العدالة الثقافية    بالبدلاء.. منتخب مصر المتأهل يكتفي بنقطة أنجولا في كأس أمم أفريقيا    الدكتورة نيرفانا الفيومي للفجر..قصر العيني يؤكد ريادته في دمج مرضى اضطراب كهربية المخ مجتمعيًا    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    وزارة الشباب والرياضة تُجرى الكشف الطبى الشامل للاعبى منتخب مصر لكرة اليد    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    الفقه المصرى والإسرائيلى فى أولويات المشروعية!    محمد إمام: أحمد شيبة وعصام صاصا هيغنوا تتر مسلسل الكينج في رمضان 2026    مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة ينظم بيت عزاء للفنان الراحل محمد بكري    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    شيكو بانزا يقود هجوم أنجولا أمام منتخب الفراعنة فى كأس أمم أفريقيا 2025    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    شتيجن في أزمة قبل كأس العالم 2026    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    الشيخ خالد الجندي: عقوق الوالدين له عقوبتان فى الدنيا والآخرة    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    وزير الاستثمار يبحث مع وزير التجارة الإماراتي سبل تعزيز التعاون الاقتصادي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    أسماء المصابين في حادث تصادم أسفر عن إصابة 8 أشخاص بالقناطر الخيرية    "الزراعة" تنفذ 8600 ندوة إرشادية بيطرية لدعم 100 ألف مربي خلال نوفمبر    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الإصطناعى    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    مواصفات امتحان الرياضيات للشهادة الإعدادية 2026 وتوزيع الدرجات    صعود مؤشرات البورصة بختام تعاملات الإثنين للجلسة الثانية على التوالى    آدم وطني ل في الجول: محمد عبد الله قد ينتقل إلى فرنسا أو ألمانيا قريبا    وفاة والدة الفنان هاني رمزى بعد صراع مع المرض    الأزهر ينتقد استضافة المنجمين والعرافين في الإعلام: مجرد سماعهم مع عدم تصديقهم إثم ومعصية لله    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    وزير الخارجية يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة العام الميلادي الجديد    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    إحالة ربة منزل للمفتي بعد قتلها زوجها وابن شقيقه في كفر شكر    تحقيقات الهروب الجماعي من مصحة البدرشين: المتهمون أعادوا فتحها بعد شهرين من الغلق    عاجل- مدبولي يترأس اجتماعًا لتطوير الهيئات الاقتصادية وتعزيز أداء الإعلام الوطني    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    موسكو: إحباط هجمات أوكرانية في خاركوف وسومي    اسعار الخضروات اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    نتنياهو يلتقي ترامب في الولايات المتحدة لمناقشة مستقبل الهدنة في غزة    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    الجيش الصينى يعلن عن تدريبات عسكرية حول تايوان فى 30 ديسمبر    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    عقب انتهاء الفرز.. مصرع مستشارة وإصابة موظفتين في حادث مروري بقنا    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التضخم وتآكل قيمة الفلوس
نشر في المصريون يوم 07 - 10 - 2010

روى الدكتور نصير نائب رئيس جامعة الأزهر أنه عندما كان طالبا بالمرحلة الثانويه . طلب من والده المزارع البسيط شراء تلفزيون للأسره أسوة بالجيران . فسأله أبوه قائلا : " والتلفزيون دا بيحلب يابنى ؟ " فرد الشاب : لأ طبعا . فقال الأب : " يبقى ما نجبوش يابنى " .
وفى كفر الشيخ طلب تلميذ من أبوه الفلاح شراء تليفون محمول مثل زملائه . فأشار عليه أبوه أن يشترى له غنمه يقوم بتربيتها وإطعامها . وعندما يتم بيعها فإنه سيشترى له التليفون من الربح .
وهكذا كان الفلاح المصرى يعرف أين يضع فلوسه . بوضعها فى مجال إنتاجى يعود عليه بالنفع . أما فلاح اليوم فقد أشادت به مجلة المصور خلال طرح أسهم الشركة المصريه للاتصالات . عندما قام ببيع البقرة التى يملكها لكى يشترى بثمنها أسهم الشركة المصريه للاتصالات . لأنه أصبح مستثمرا عصريا وليس تقليديا .
ولم يكن هذا الفلاح وحده هو الذى قام بالتحول من نشاطه الإنتاجى الى الجلوس فى المقاهى للسؤال عن أسعار أسهمه بالبورصه . فهناك المئات من التجار والمحامين والأطباء والمحاسبين وغيرهم . تركوا العمل بمكاتبهم منذ سنوات وتفرغوا للتعامل بالبورصه . وشجعتهم الحكومه على تصرفهم بإعفاء أرباحهم من البورصه أو من صناديق الاستثمار من أية ضرائب .
الأمر الذى دعا كثيرا من رجال الأعمال الى تجنيب جزء من ثرواتهم لتوظيفها بالبورصه . بدلا من المجالات الانتاجيه والخدميه التى يعملون بها . خاصة وأنهم لن يعانوا من أجهزة الجبايه التى تطاردهم بشكل مستمر .
o ومنذ بداية التسعينات ومع برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى ننفذه مع صندوق النقد الدولى فقد إتجهنا لتنشيط البورصه . فاتجه الآلاف لاستثمار أموالهم بها . وأصبح الاختيار منذ سنوات فى صالحها بالمقارنه لباقى نوعيات الاستثمار .
فاذا كان لدى أحد العائدين من الخليج أو غيره بضعة آلاف من الجنيهات أو الدولارات يفكر فى مجال لاستثمارها . ونصحته بعمل مشروع زراعى فإنه سيرد عليك : " ياه لسه ها استنى 4 شهور لما المحصول يطلع " . فاذا أشرت عليه بعمل مشروع انتاج حيوانى فستكون إجابته : " لسه ها استنى لما الخرفان تكبر " . وبالطبع لن تجرؤ على نصحه بعمل مشروع صناعى لأن الانتاج الصناعى يحتاج لفترة أكبر من الانتاج الزراعى .
وبالطبع سيفضل البورصة لأنه بمجرد شراء الأسهم يستطيع أن يحقق مكسبا فى نفس يوم الشراء . فى ظل مناخ عام تسود به قيم الربح السريع والمضاربه والسمسره . ولن يهتم بأن البورصة فيها مكسب وخساره لأنه يستطيع أن يكسب فى يوم واحد نسبة 10 أو 15 % وربما 20 % . بينما لو وضع فلوسه فى بنك سيحصل على 6 % فى السنه كلها . ولو وضعها فى صندوق البريد أو شهادات ايداع أو سندات فإن أقصى عائد سنوى سيكون فى حدود 11 % .
وهكذا اتجه الكثيرون منذ سنوات الى الاستثمار بالبورصه . رغم أن اجمالى تعاملات البورصه خلال العام الماضى والبالغه 448 مليار جنيه لا تضيف آلة واحدة فى مصنع . أى إنها لا تزيد الانتاج ولا تزيد فرص العمل . ولكنها فلوس تدور بين المتعاملين من البائعين والمشترين .
والنتيجة الاجماليه لهذا المسعى المنتشر بين الآلاف . هى قلة المشروعات وبالتالى انحسار الانتاج الزراعى والصناعى والخدمى . مما ينجم عنه قلة المعروض من تلك السلع بالسوق . مع زيادة السكان وزيادة الاستهلاك . وبالتالى زيادة الأسعار بشكل مستمر متلاحق . . فمع قلة تربية الماشيه والأبقار والماعز زادت أسعار اللحوم وقل نفس الشىء على الخضر والفاكهه والسلع المختلفه .
* ومعدل زيادة الأسعار يتم تسميته بمعدل التضخم للأسعار . والتضخم يؤدى عمليا الى تآكل قيمة النقود بنفس نسبة ارتفاعه . فلو كان سعر القلم الرصاص 25 قرشا . فان الجنيه يمكنه شراء أربعة أقلام . فإذا زاد سعر القلم الى خمسين قرشا فإن الجنيه سيمكنه شراء قلمين فقط . وإذا زاد سعر القلم الى جنيه فان الجنيه لن يستطيع سوى شراء قلم واحد .
وهكذا فمن كان يستهلك أربعة أقلام فإنه مطلوب منه الآن أربع جنيهات لشراء نفس الكميه التى كان يشتريها مسبقا بجنيه . وهو ما يسمى تآكل القيمة الشرائيه للنقود بسبب ارتفاع الأسعار .
وقل نفس الشىء على اللحوم أو الخضر أو الفاكهه أو غيرها من السلع . فالأسره التى تستهلك أربع كيلو جرامات من اللحوم شهريا وكانت تدفع 120 حنيها قبل عدة أشهر حين كان سعر الكيلو ثلاثين جنيها . فان نفس المبلغ لن يستطيع حاليا سوى شراء 2 كيلو فقط من اللحم بنفس المبلغ .
ولأن السباك أوالميكانيكى أوالسمكرى أو المكوجى أو سائق الميكروباص أو غيره من الحرفيين .كان يشترى الأربعة كيلو لحم مقابل 120 جنيه . فإنه سيقوم برفع أسعار الخدمه التى يقوم بها بنفس نسبة ارتفاع الأسعار . حتى يستطيع شراء نفس الكميه التى كان يشتريها سواء من اللحم أو من غيرها من السلع التى تحتاجها الأسره .
* وعندما ترفع الحكومه أجور الموظفين فإنها تزيد كمية النقود الموجودة بالسوق . رغم ثبات كمية السلع والخدمات الموجوده . وهو مايعنى وجود فلوس أكثر مع وجود سلع أقل . مما يؤدى لتزاحم أصحاب الفلوس لشراء تلك السلع . مما يؤدى لرفع سعرها نتيجة زيادة الطلب عليها وقلة عرضها . وهذا هو المقصود بعملية التضخم من الناحية العمليه : فلوس كثيره تطارد سلع قليله .
وعندا تعطى الحكومه علاوه 10 % للموظفين بها فإنها ترفع كمية النقود بالسوق . فإذا لم تتم زيادة المعروض من السلع والخدمات بنفس النسبه فى نفس الوقت فسوف ترتفع الأسعار . ومن ناحية أخرى فإن معدل زيادة الأجور يجب ألا يقل عن معدل ارتفاع الأسعار . لأنه فى حالة زيادة الأجور للموظفين بنسبة 10 % وارتفاع الأسعار بنسبة 10 % فان ذلك يعنى عدم زيادة الدخل الحقيقى للموظفين وثباته . لأنهم بالمرتبات الجديده سيشترون نفس الكميه من السلع والخدمات التى كانوا يشترونها قبل زيادة الأسعار .
ومن ناحيه أخرى فإن الموظفين يبلغ عددهم حوالى 6 مليون موظف بينما اجمالى العماله المصريه 25 مليون شخص . ولهذا فإن العماله الباقيه البالغ عددها 19 مليون بالقطاع الخاص والزراعى والخدمى . والتى لم تحصل على زيادة بالأجور ستتضرر من ارتفاع الأسعار . وبالتالى ستقوم تلقائيا برفع أسعار الخدمات والسلع التى تنتجها أو تقدمها كى تحاول الحفاظ على نفس القوة الشرائيه لدخولها .
* ولهذا فإن الحفاظ على معدل منخفض للتضخم يعد أبز أهداف الحكومات بالعالم . حيث كان شرط العضويه بالاتحاد الأوربى . ألا يزيد معدل التضخم عن 2 % سنويا فى البلد الراغب بالعضويه . وفى شهر أغسطس من العام الحالى كان متوسط نسبة التضخم بدول اليورو الستة عشر فى أوربا واحد وسته من عشره بالمائه . حيث بلغت نسبة التضخم فى ألمانيا 1 % . وفى هولندا واحد واثنين من عشرة بالمائه . وفى فرنسا والنمسا واحد وسته من عشره بالمائه . وفى ايطاليا واحد وثمانية من عشرة بالمائه خلال عام .
بينما فى مصر بلغ معدل التضخم 11 ونصف بالمائه حسب الأرقام الرسميه . ويرتفع بالريف لأكثر من 12 % وينخفض بالحضر لحوالى 11 % . والمثير أن معدل الزيادة الشهريه للتضخم فى مصر خلال شهر أغسطس الماضى وحده والبالغه 3% بالمقارنه بشهر يوليو من العام الحالى . تفوق المعدل السنوى للتضخم فى البلدان المتقدمه سواء فى أمريكا والبالغ 1ر1 % . أو اليابان البالغ سالب تسعه من عشرة بالمائه .
ومن هنا فإن من يحتفظ بأمواله فى صورة نقديه فى منزله . يجب أن يدرك ان قيمتها سوف تتآكل مع الوقت بنفس نسبة التضخم الحقيقيه . فاذا كان شراء شقه يتطلب مبلغ مائة ألف جنيه مثلا فان نفس الميلغ لن يكفى لشراء نفس الشقه مع ارتفاع الأسعار . وللحفاظ على القيمة الشرائيه للنقود فى مصر . فان البعض يلجأ لشراء الذهب أو الأراضى أو الشقق بحيث تعوض الزيادة فى قيمتها ارتفع معدلاتالتضخم .
أو يلجأ لإيداعها بالبنوك للحصول على عائد . فإذا كان معدل التضخم السنوى الحقيقى 11 % مثلا فإنه يحتاج من البنك فائده 11 % على الأقل . حتى يستطيع شراء نفس كمية مجموعة السلع التى يستهلكها . فإذا أعطاه البنك 13 % فان العائد الحقيقى المتحقق له هنا سيكون 2 % فقط . كفرق بين العائد وبين نسبة التضخم .
لكن الواقع العملى الحالى يشير الى بلوغ الرقم الرسمى للتضخم 11 ونصف بالمائه فى أغسطس الماضى . فى حين أن النسبة الحقيقيه أعلى من ذلك . بينما سعر الفائده بالبنوك على الودائع 6 % . وهو ما يعنى تآكل القيمة الحقيقيه لنقود من يودع نقوده بالبنك بنسبة أكثر من 5ر5 % سنويا . أى أن الفائده المصرفيه سلبيه أى تقل عن معدل التضخم .
ولهذا يعزف الكثيرون عن الإدخار بالبنوك لتدنى عائدها . ليس لأسباب تتعلق بمسألة شبهة الربا . ولكن لأسباب عمليه تتعلق بتآكل قيمة النقود نتيجة انخفاض نسبة الفائده المصرفيه عن المعدل الحقيقى للتضخم . ويتجهون الى أنماط استثمار أخرى تحقق عوائد تزيد عن معدل التضخم .
ولعل مجالات التجارة والانتاج الزراعى والصناعى يمكن أن تحقق ذلك . وهو ما ندعو إليه لتحقيق أكثر من هدف منها توفير فرص عمل للعاطلين وخفض الواردات وتقوية العمله المحليه . وزيادة المعروض من السلع والخدمات لتهدئة الفوران المستمر للأسعار .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.