وضع يده في عش الدبابير فانطلقت مذعورة فزعة تطير من حوله تطن وتلدغ كل من تلقاه . قرر أن يمسك بمبضع الجراح ليفتح الخراج المتقيح ويطهره حتي إذا ما أغلق بعد ذلك أغلق علي نظافة تمنع تجدده . تحدث بصراحة بما يعتمل في ضمائر الجميع ويتحرجون من الحديث فيه خوفا أو حرجا دون وجل بصدق ووضوح وتجرد وقالها في نهاية حواره علي قناة الجزيرة لمحاوره لما قال ضاحكا اخشي أن يقولوا أننا نمزق الوحدة الوطنية " نحن لانعامل إلا ضمائرنا " وهو يشير بلا مبالاة للمذيع الشهير . كان هذا حوار الدكتور العوا علي قناة الجزيرة حول مشكلة الأقباط في مصر وكيفية علاجها وبداية نحب أن نقول أن الدكتور العوا هو أحد كبار المفكرين والدعاة والعلماء في العالم الإسلامي وهو رمز كبير من رموز الإسلام والوطنية فيه لذلك فهو عندما يقول فهو يعرف ماذا يقول ؟ وكيف يقول ؟ ولمن يقول ؟ وعواقب قوله وأثره في المجتمع . قد يتكلم في مثل هذا الموضوع الصحفي أو رجل الدين أو المحامي أو المفكر فيحسن ويجيد ولكن كلامه له حدوده واطاره اللذين يدور فيهما ويتلقي الناس كلامه علي أساسه . أما إذا تكلم الدكتور العوا فإنه يمثل في حديثه كل هؤلاء .. فهو أولا عالم دين مستنير واسع العلم والثقافة قد ضرب في كل علم من علوم الدين بسهم وجالس العلماء وزاحمهم بالمناكب في كل موضع من مواضع العلم من تعليم وافتاء ومواقف له اجتهاداته التي اشتهرت عنه .. قد تتفق أو تختلف معها لكنك لاتملك إلا أن تحترمها وتقدر ما فيها من علم ، وهو ثانيا رجل قانون لا يشق له غبار وعلم من أعلامه في البلاد ولو أردت أن تقدم من أعلامه من يعدون علي أصابع اليد الواحدة لجعلته منهم ، وهو ثالثا علم من أعلام الفكر والثقافة في بلادنا وكتبه موجودة في مكتبات كل مثقفي البلاد من وافقه ومن لم يوافقه . وأهم من ذلك أنه رجل مواقف ذو مبدأ يؤمن به ويدافع عنه له رأيه في كل ما يستدعي الرأي من أمور البلاد ينتظر ويحمد له هذا إلي جانب نشاطه الواسع في العمل العام الذي جعل له شبكة علاقات عامه واسعة جعلته متابعا جيدا لكل شئون البلاد ما ظهر منها وما لم يظهر الخلاصة أنه أحد المبرزين في العمل العام وقادته يقدره خصومه قبل أصدقائه . هذه المقدمة الطويلة أردت بها أن أشعر القارئ بقيمة ما يقول من حيث صدقه واخلاصه للبلاد ودقة مصادره وحبه للدين والوطن وحرصه علي رفعتهما . والآن ننتقل إلي حديثه تحدث عن الأسلحة المضبوطه علي سفينة جوزيف بطرس ابن القس الشهير وأشار إلي مالم يضبط منها وكيف أن وجود هذه الأسلحة يمثل تهديدا خطيرا للأمن القومي . وتحدث باستفاضة عن قضية تسليم من يسلمن من النصرانيات إلي الكنيسة مشيرا أنها أول مرة في تاريخ الإسلام تسلم فيه مسلمة للكفار ليفتنوها في دينها مذكرا بوفاء قسطنطين وماري عبد الله اللتين تم تسليمهما للكنيسة مؤكدا أن هذا الأمر سبب جرحاكبيرا غائرا في نفوس المسلمين لا يندمل وأن الذين ارتكبوا هذه الجريمة لن يمروا بجريمتهم وسيحاكمون عليها مهما مر من السنين لأن هذه الجريمة لا تسقط بالتقادم كما نص الدستور وأن هناك جهات عديدة تحتفظ بملفات هذه القضية استعدادا لوقت هذه المحاكمة . وتحدث عن التبشير والتحركات السرية المريبة التي تصاحبه مشيرا إلي مقولة بيشوي حول الأوراق المزورة التي يجهزونها للمتنصرين . وتحدث عن ممارسة القسس للعمل السياسي بصفتهم الكهنوتية وضرر هذه الممارسة علي لحمة المجتمع ووحدته وما يمكن أن يؤدي إليه من احتراق المجتمع . وتحدث عن أن الكنيسة بممارساتها هذه صارت دولة داخل الدولة ولكنها تقود البلاد إلي حريق طائفي غير مسبوق . واستنكر أن يقال أن البابا خط أحمر بينما رئيس الجمهورية نفسه ينتقد في الصحف تحدث عن كلام بيشوي الخطير في حواره مع جريدة المصري اليوم وقال أن كلامه هذا لايمكن تفسيره إلا بأنه يجهز لحرب مع المسلمين كانت هذه القضايا بعض مااستطاعت الذاكرة أن تحمل من حديثه المثير بكل ما فيه من صراحة وجرأة وصدق فتحت الجرح المغلق علي التلوث ودعت كل مخلص في البلاد أن يساعد في تطهيره حماية لمصر الحبيبة من حريق لا يبقي ولا يذر وتحدث بكل ما يعتمل في النفوس ولايجد طريقه إلي العلن كان بالفعل كمن يضع يده في عش الدبابير ، إذ ما إن انتهي من حواره حتي أعلنت عليه حرب شعواء تنوعت مصادرها وأدواتها الكنيسة بمجلسها الملي وأكليروسها اصدروا بيان استنكار يحمل من التطاول وتجاوز حدود اللياقة الشئ الكثير والعجيب أنه لم يتعرض للرد علي اتهامات الدكتور العوا أو يناقشها بموضوعية وإنما اكتفي بالتطاول علي الرجل واستعداء أجهزة الدولة عليه القنوات النصرانية الصريحة والنصرانية المستترة اللتان تمولان بالمال الطائفي وتحملان رسالة الطائفية والتبشير هاجمته هجوما شديدا واستضافت من يهاجمه من قسس ومتقسسين – من يحملون رسالة القسس من غيرهم – ومن متأسلمين – مع اعتذارنا لاستخدام اصطلاح الشيوعي إياه في غير ما وضعه له وإنما في مكانه الصحيح – ليشنوا حملة شعواء من التطاول والشتيمة عليه مستعدين أجهزة الدولة باسم الوحدة الوطنية وتمزيق لحمة الوطن ومثل هذه العبارات الجوفاء التي يستدعونها في مثل هذه المناسبات لمصادرة آراء كل من يحاول تعريتهم وكشفهم للرأي العام . صحف الطائفيين والممولة بالمال الطائفي والمباعة في سوق النخاسة استكتبت أقلامها المباعة لتشن حربا صحفية عليه في محاولة لإرهابه والتشويش علي ما أثاره من قضايا . أما جبرائيل وشركاه والذين يصفون أنفسهم بمستشاري البابا القانونيين – تنصل منهم مؤخرا – والذين يصفونهم بالناشطين في مجال حقوق الإنسان فقد اعلنوا أنهم سيتقدمون للنائب العام ليطالبوه بالتحقيق مع الدكتور العوا فيما قال – وإن كنت أعتقد أنهم لن يفعلوا حتي لا يدانوا في دعواهم تصديقا لكلامه – وطنطنوا كثيرا بكلام عن الوحدة الوطنية والفتنة الطائفية وكثير من هذه الاصطلاحات البالية ليثيروا المزيد من الغبار حول الموضوع . ثم وكعادة أقباط المهجر ومواقعهم السبابة انطلقت جوقتهم تعزف المقطوعة المكرورة في ردح الحواري ومنظومات النسوان – ولامؤاخذة – الشلق في السب والقدح والتطاول . العجيب أن كل هؤلاء المتكلمين والكاتبين والرداحين لم يردوا بكلام مفيد علي مااتهمهم به ولم يثبتوا بأي طرق الإثبات كذب أي تهمة من تلك التهم وإنما اكتفوا بالسب والشتم واستعداء السلطات والدعوة إلي تكميم فمه والسعي لإرهابه ليتراجع أو يصم فمه ولعل بعضهم حاول أن يشيع ذلك كذبا عليه بعد أن فشلت محاولاتهم في اجباره علي ذلك . وبعد لازالت اتهامات الدكتور العوا قائمة فوق رؤوسهم ومعها كثير من الاتهامات الأخري .. ولازالت دعوة أجهزة الدولة للتدخل والتحقيق فيها تلح علي الجميع ولازال أملنا في عقلائهم أن يبادروا بالتدخل لينزعوا فتيل الأزمة قبل أن تحتدم وتحرق الوطن بكل من فيه وساعتها لن يفيد الندم وسيكونوا هم أول ضحاياها تحية للدكتور العوا ولكل إنسان صادق يقول كلمة الحق ولايبالي صريحة واضحة يلقي بها في وجه الباطل ثم يوليه ظهره دون خوف ، تحية ملؤها الاعتزاز والتقدير ونسأل الله أن يحفظ علماءنا ويمدهم في مواقف الحق والصدق بمدد من عنده ملحوظة كتبت هذا المقال قبل حديث استاذنا الدكتور عمارة مع الجزيرة .. ومع شدة إعجابي بما قال وبما يقول دائما أستاذنا الجليل فإن مقولته والدكتور العوا تمثلان اضافة قوية للحملة الرائعة التي تقودها جريدة المصريون والأخوان سلطان لتصحيح علاقة الكنيسة بالأغلبية المسلمة وبالدولة ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسنات كل من شارك وسيشارك فيها.