هناك أُجراء يضيفون هالة الي زعيمهم ، ظلما وعدوانا ، كذبا ونفاقا ، يضيفون الي عمله مالم يعمل ، ويزيدون في قوله ما لم يقل ، وكلما زاد في اجرهم زادوا في كذبهم يريدون ان يرفعوه بغير حق ويوصلوه بغير طريق ..!! هذا يخالف تعاليم الاسلام ، ولا يحبه الله لاحب خلقه عليه الصلاة والسلام " فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "(النور:63) ويقول النبي الحبيب : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ...!! طغَى فرعون وانفردَ بالحُكم سنين وسنين؛ لأنه لم يجدْ مَن يردَه عن طُغيانه وإفساده؛ كان عبيده وأجراؤه من السحرة يقولون قبل ان ينعم وا بالايمان " ان لنا لاجرا ان كنا نحن الغالبين" ( الاعراف : 113) ردعليهم بالموافقة : " نعم وانكم لمن المقربين " بشرط النفاق يكون تمام والسحر علي ما يرام ، وعندما قالوا: ﴿ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى ﴾ [طه: 63]، قال هو لموسي عليه السلام - يومًا: ﴿ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى ﴾ [طه: 57] فكان له السَّبْق في الطُّغيان والاستبداد، والانفراد بالحُكم لأطولِ فترةٍ ممكنة، والصلاحيات التي أعطاها لنفسِه عنوة؛ ليفرضَ رأيه وفسادَه على البلاد والعباد، وهذا هو دأبُ الحاكم الطاغية ، الذي يستعِبدُ الشعب، ويسرق الثرواتِ ، وينهب الاقوات ، فضلا علي استماتته لتحقيق رغباته !! و بطانته دائما ما تقول عبد المأمور، والاُجراء الذين يستميتون في خدمته في خدمته سيأتيهم يوما ببضاعة مسجاة ؟ ليس الا اضعاف من العذاب واصناف من اللعن لاولئك الكبراء في الضلال والنشطاء في الفساد والانحلال ، الذين كانوا يامرون وينهون والاجراء العبيد فقط ينفذون ، قال تعالى " وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا "(الاحزاب : 67-68) قيل أي الِاعْتِذَارُ وَالتَّنَصُّلُ مِنْ تَبِعَةِ ضَلَالِهِمْ بِأَنَّهُمْ مَغْرُورُونَ مَخْدُوعُونَ، وَهَذَا الِاعْتِذَارُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِمْ بِمَا أَنْطَقَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْحَقِيقَةِ إِذْ قَالُوا: إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا وَهَذَا شَأْنُ الدَّهْمَاءِ أَنْ يُسَوِّدُوا عَلَيْهِمْ مَنْ يُعْجَبُونَ بِأَضْغَاثِ أَحْلَامِهِ، وَيُغَرَّوُنَ بِمَعْسُولِ كَلَامِهِ، وَيَسِيرُونَ عَلَى وَقْعِ أَقْدَامِهِ، حَتَّى إِذَا اجْتَنَوْا ثِمَارَ أَكْمَامِهِ، وَذَاقُوا مَرَارَةَ طَعْمِهِ وَحَرَارَةَ أُوَامِهِ، عَادُوا عَلَيْهِ بِالْلَائِمَةِ وَهُمُ الْأَحِقَّاءُ بِمَلَامِهِ.، قال بن كثير :أي: اتبعنا السادة وهم الأمراء والكبراء من المشيخة، وخالفنا الرسل واعتقدنا أن عندهم شيئا، وأنهم على شيء فإذا هم ليسوا على شيء ، وقال الشوكانى : وَالْمُرَادُ بِالسَّادَةِ وَالْكُبَرَاءِ: هُمُ الرُّؤَسَاءُ، وَالْقَادَةُ الَّذِينَ كَانُوا يَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَيَقْتَدُونَ بِهِمْ، وَفِي هَذَا زَجْرٌ عَنِ التَّقْلِيدِ شَدِيدٌ. وَكَمْ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى هَذَا، وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ، وَالتَّنْفِيرِ عَنْهُ، وَلَكِنْ لِمَنْ يَفْهَمُ مَعْنَى كَلَامِ اللَّهِ، وَيَقْتَدِي بِهِ، وَيُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ، لَا لِمَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَنْعَامِ، في سوء الفهم، ومزيدة الْبَلَادَةِ، وَشِدَّةِ التَّعَصُّبِ. لقد باعوا أنفسهم لسادتهم، وعطلوا العقل الذي وهبه الله إياهم، فلم يصغوا إلى آيات الله، ولم يستمعوا إلى دعوة الرسول، ولم يلتفتوا بعقولهم وقلوبهم إلى هذا النور الذي غمر الآفاق من حولهم.. بل تركوا لغيرهم مقودهم، وأسلموه زمامهم ... فإذا دفع بهم قائدهم إلى الهاوية، فهم الملومون، ولا لوم على أحد. والطُّغاة - ما أكثرَهم - يُفسدون في الأرض بعدَ إصلاحها، يتَّخذون لهم اجراء على شاكلتهم، تخون ولاتصون ، تهدم ولا تبني ، تقول ولا تعمل ، تحقد ولا تحب الخير لاحد ، جاؤوا يُكثِّرون السواد، وينشرون الفساد، ويُمهِّدون الطريق لتخريبِ البلاد والعباد، هذا حالهم، وهذا دَيْدنهم، وهذا عمَلهم؛ ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾ [الأعراف: 127].
إنَّه فرعون الملعون في القرآن، وبطانت الماجورة الملعونة كذلك بالتبعيَّة، والمأخوذة بإفسادها في حقِّ البشرية، ﴿ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21]. نَعَمْ، بطانة من الاجراء ٌ كثيرًا ما سوَّلَتْ له سوءَ أفعاله، بل وأعانتْه على إفساده، فقلّبتْ له الأمور، وزيَّفت له الحقائق؛ وزينت له عمل الشيطان ﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 104].هم مراكِز القُوى، وركائز الفساد ، أمرهم فأجابوه واستخفهم فأطاعوه ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [الزخرف: 54].
وهم يُصدِّقون أفعالَه وأقواله، ويَمْدحون أقوالَه وأفعالَه، بل ويُصفِّقون له، ويُثنون عليه، مهما ثبَت خطؤها، وتبيَّن زيفُها، وما كان لفرعونَ أن يطغَى إلا ممَّا وجدَه من تشجيع بِطانته له، وانصياع شعْبه لأوامرِه، فمِن كثرة تملُّق بِطانته له ادَّعى أنَّه عليهم الربُّ الأعلى؛ ﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]؛ وكل هذا تَقرُّبًا إليه، ليفوزوا بالنصيبِ الأوفرِ مِن السلطة والأموال، والهبات التي لا تُعدُّ ولا تُحصَى لانفسهم دون غيرهم . هُم الذين قالوا لفرعون: إنَّ موسى - على ما جاء به مِن البيِّنات - ساحرٌ عليم؛ ﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 109]. وهُم الذين أشاروا على فرعونَ بجَمْع السحرة يومَ الزِّينة؛ ليبارزوا موسى - عليه السلام - ﴿ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴾ [الأعراف: 111 - 112].وهم الذين حقدوا علي المؤمنين الصالحين المصلحين فشجَّعوا فرعونَ على اضطهادهم ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ ﴾ [الأعراف: 127]. هؤلاء وهؤلاء تنتظرهم لعنات متتابعة وقبح منتظر " وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ "(القصص:42) أنَّ هداية البشريَّة وإصلاح البلاد، ليستْ في رؤوس مصدّري الاستبداد ، ولا في عقول مروجي الظلم ، ولا في قلوب مدمني الفساد فلا يظنَّ أحد أنَّ النصر معلَّقٌ عليهم، أو مرهون بهم، وهم في هذه الحالة مِن السوء..!! و من الفساد والإفساد ومن الظلم الاستبداد ! ولذلك كانتْ مهمَّة موسى مع فرعون ليستِ الهداية والنُّصح فحسبُ، بل كانت لإخراجِ بني إسرائيل مِن ظُلْمِه وبَطْشه ﴿ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الأعراف: 105] ، ومن اراد ان يقود البلاد الي الخير والهدي فليتخذ بطانة تلهمه الرشاد و تدفعه الي الصواب وتهديه الي الحق وتعينه علي تحمل الامانة وتصدير الخير والبر ، تَرْوي السيدة عائشةُ - رضي الله عنها -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: (إذا أراد الله بالأميرِ خيرًا جعَل له وزيرَ صِدْق، إنْ نسِيَ ذكَّره، وإن ذَكَر أعانه، وإذا أراد به غيرَ ذلك، جعَل له وزيرَ سوء، إنْ نسِي لم يُذكِّره، وإن ذَكَر لم يُعِنه) رواه أبو داود، وصحَّحه الألباني.
أما الذين يداهنون وينافقون ويأتمرون وهم في غيهم سادرون يوم لا ينفع مال ولا بنون يستغيثون ويقولون " رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا "(الاحزاب 67-68 ) بضاعتهم في الدنيا التصفيق والنفاق و الضلال وفي الاخرة لهم ولكبراءهم دعوات ولعنات وعذابات ، فالرهان إذن على البطانة الصالحة لا على المستبدِّين الذين استباحوا حُرُماتِ المسلمين، واستحلُّوا أقواتَهم وأعراضهم، يجب ألاَّ نُعوِّل عليهم نصرًا مثلَما لم يعوِّل موسى - عليه السلام - على فرعون هدايةً...!! وهذا ما سيبوح به المستقبل القريب لهذه الامة باذن الله ... اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك و يذل فيه أهل معصيتك و يؤمر فيه بالمعروف و ينهى فيه عن المنكر.. وصلِّ اللهمَّ على سيدنا محمَّد وعلى أهله وصحْبه وسلِّم، والحمدُ لله ربِّ العالمين. خميس النقيب عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.