كتبت قبل عدة أيام تحت عنوان " جريمة في الرحاب " أتحدث عن واقعة اعتداء مجموعة من الباعة علي أحد المواطنين الذي تجرأ وطلب من أحدهم أن يتعامل بلطف وأدب مع احدي السيدات أثناء سؤالها عن ثمن الفاكهة الموجودة في محل الخضروات والفاكهة بسوق الرحاب، وكاد المواطن أن يكون ضحية لمحاولة الاعتداء التي استهدفت حياته إلي جانب سيل من الإهانات والشتائم التي تعرض لها. وما أن نشر المقال حتى تلقيت سيلا من الرسائل الإلكترونية من سكان مدينة الرحاب الذين تناولوا في تعليقاتهم وقائع أخري مشابهة وتحدثوا أيضا عن انهيار مستوي الخدمات في المدينة إلي جانب الكثير من المشاكل الإدارية الأخرى. وأسعد في اهتمام المسئولين عن نقطة شرطة الرحاب وقسم شرطة التجمع الخامس الذين سارعوا بالاتصال وحصلوا علي البيانات والتفاصيل اللازمة واتخذوا الإجراءات المناسبة تجاه عدم تكرار مثل هذا الحادث في منطقة السوق التجاري بالرحاب. والحقيقة أن القضية لا تنحصر فقط في التسيب والفوضى القائمة في منطقة السوق التجاري الذي أحتل أصحاب المحلات أرصفته وتولي أصحاب سيارات النصف نقل احتلال الشوارع حتى أصبح المرور داخل السوق بالغ الصعوبة, وإنما هي قضية مدينة كان يمكن أن تكون نموذجا للمدن السكنية الراقية فتحولت إلي مدينة ترفيهية تشهد كل أنواع الفوضى والتسيب والمشاجرات التي لا تنتهي ولا تتوقف داخل منطقة المطاعم المسماة ب" الفود كورت " وحيث أصبحت هذه المنطقة تشهد ازدحاما هائلا من الشباب الذين لا يقيم بعضهم وزنا أو اعتبارا للسلوك القويم أو الانضباط واحترام القانون. وصار أمرا عاديا ومألوفا في الرحاب أن تجد صبيا صغيرا يقود سيارة فارهة وهو يجوب شوارعها ومعه مجموعة من أصدقائه صغار السن أمنا مطمئنا أنه قد أصبح فوق القانون لأن صلاته ومعارفة وأقاربة لديهم القوة والنفوذ لإخراجة من أي مشكلة قد يقع أو يتسبب فيها. وساهم السلوك الاستفزازي لبعض الأثرياء الجدد من سكان الرحاب الذين ينفقون بلا حساب في تشجيع التجار والحرفيين علي رفع الأسعار في المدينة بشكل مبالغ حتى أصبحت الحياة بالنسبة للعائلات ذات المستوي الاقتصادي المتوسط نوعا من المعاناة والندم علي الإقامة بهذه المدينة. ويزيد من تفاقم المشكلة أن المدينة أصبحت مقصدا لغير سكانها ممن يتدفقون عليها من المناطق المجاورة لقضاء أمسياتهم والجلوس في مطاعمها مما يجعل الازدحام أثناء ساعات الليل سببا للكثير من المضايقات والمعاكسات والتذمر. أن سكان الرحاب في حاجة إلي تكوين مجلس أو إتحاد قوي من ملاك الوحدات السكنية بالمدينة يتولى تنظيم وصياغة شكل جديد للمدينة التي كانت تمثل النموذج الأمثل للحياة كما ينبغي أن تكون دون أن يتعمدوا في إدارة المدينة علي الشركة التي قامت بعملية البناء وبيع الوحدات السكنية لهم، فالشركة قد لا تهتم إلا بزيارة الموارد المادية وتحقيق الأرباح، أما إدارة سكان المدينة لها فهو الأمل في إنقاذها من مزيد من التدهور والأزمات. [email protected]