منذ أربعين عاماً مضت دخلت مصر، بل المنطقة العربية بأسرها، اختباراً صعباً لروح الوحدة والأخوة، فنجحت بكامل أعضائها، لأن الكل عرفوا عدوهم وهو ظاهر أمامهم، فتحالفوا وتعاضدوا وتساندوا فكان النصر حليفهم. ولن ينسى التاريخ للشيخ زايد والملك فيصل، رحمهما الله، وقفتهما في حرب أكتوبر. لكن بعدما استوعب العدو الدرس وفهمه، أخذ يبث سمومه ويحارب بطرق مختلفة ليفت في عضد ذلك الجسد الذي لولا اتحاده ما انتصر، فتفرقت العروبة (رغم وجود جامعة الدول العربية) وضعف الدين في نفوس أصحابه (رغم زيادة عدد المساجد في القرى والمدن)، لأن العدو اتخذ أسلوباً آخر غير المواجهة المباشرة بالسلاح، واعتمد مبدأ "كأس وغانية يفعلان في تحطيم الأمة المحمدية والعربية أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرقوها في حب المادة والشهوات". وما أكثر ما نحن فيه من قلب للموازين وتغيير للأصول. فبدلاً من أن يأتلف الشعب والجيش المصري الواحد ليحتفلا بنصر أكتوبر الأربعيني احتفالاً يبهج قلوب الجيش والشعب معاً، ازداد القتل والنزف، فابتهج عدوهما أيما ابتهاج، وكان ذلك نصراً له أهم من نصر أكتوبر 73، وهزيمة لنا أمام أنفسنا، فقد أهدينا الأعداء نصراً في أكتوبر 2013. إن العدو يقف متفرجاً متربصاً حتى يقضي الأخ على أخيه فينقض هو على الغالب بعد أن خارت قواه وقتل أخاه. كفانا تقتيلاً وتيتيماً وترميلاً وإزهاقاً للأرواح. هل انعدمت السبل للوحدة وحقن الدماء؟ هل اختفى مبدأ (حَكم من أهله وحَكم من أهلها)؟ هل استمرأنا رؤية الدماء بعد أول قتيل سقط؟ أليس منكم رجل رشيد يوقف هذا الشلال بين الشعب وجيشه النابت منه ويعيشان حياة فسيفسائية) على مدى التاريخ؟)
عمر آدم عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.