لا حديث للكثيرين فى مصر حالياً سوى عن شخصية الرئيس القادم لمصر .. وهل يكون شخصية مدنية أم عسكرية ؟ ولو أردنا الدقة أكثر فإن السؤال الأكثر ترديدا بين الجميع هو : هل يرشح الفريق أول عبدالفتاح السيسى نفسه فى إنتخابات الرئاسة القادمة ؟ ولعل السبب الرئيسى وراء إستمرار طرح هذا السؤال فى كل البرامج الفضائية والمنتديات السياسية وحتى فى (قعدات ) المقاهى الشعبية هو عدم وجود إجابة حاسمة عليه من جانب أى طرف من الأطراف المعنية . ورغم تأكيد السيسى – مع حفظ الألقاب - أكثر من مرة أنه لم ولا يفكر فى الترشح لإنتخابات الرئاسة إلا أن هذا الجدل عاد من جديد عقب الحوارات التى أجراها السيسى مع الزميل ياسر رزق فى (المصرى اليوم ) حيث قال إن الكلام عن الترشيح غير مناسب فى ظل الظروف التى تمر بها مصر حالياً ..والحقيقة أن إجابة السيسى لم تقنعنى بل زادت حيرتى مثل الآخرين' وعدت أتساءل : هل كان السيسى صادقاً عندما قال إنه لن يترشح ؟ وإذا كان كذلك فما الذى يمنعه من الإعلان صراحة وفى مؤتمر صحفى أو من خلال بيان رسمى – كما سبق أن طالبته فى نفس هذا المكان منذ أسابيع – أنه لن يترشح وأنه يفضل البقاء فى منصبه ليستكمل دوره الوطنى داخل المؤسسة العسكرية ليضع حداَ لهذا الجدل ؟ وتساءلت أيضاً : إذا كان السيسى حسم أمره وقرر عدم الترشح بشكل نهائى فلماذا لا يصدر تعليماته بوقف الحملات التى تقوم بجمع توقيعات لترشيحه للرئاسة ..وللأسف فإن بعض الحملات – أقول بعض – لها أهداف مشبوهة ومغرضة . وحتى لا يتهمنى البعض بأننى ضد السيسى أقول له على الفور : إننى من اشد المعجبين بشخصية وعقلية ووطنية السيسى .. ولكننى ضد عدم الشفافية وحالة الضبابية التى تسيطر على المشهد السياسى حول هذه القضية ..وأؤكد للجميع أننى من أشد المؤمنين بالدور الذى قام به السيسى والمؤسسة العسكرية فى ثورة 30 يونيو التى أنهت حكم الإخوان فى مصر . ولهذا أقول للسيسى : إذا كنت تنوى الترشح للرئاسة فاعلنها من الآن ولن يمنعك أحد من الترشح بشرط أن تستقيل من منصبك وتقوم بإتخاذ الإجراءات القانونية للترشح.. حيث أننا نعلم ومن خلال كلام خبراء القانون والشئون العسكرية أن منصب وزير الدفاع حساس للغاية وفي حالة تقدمه للانتخابات لابد أن يترك القوات المسلحة وفقًا للقانون الذي يمنع أي شخص ينتمى للمؤسسة العسكرية من الترشح لأي منصب سيادي إلا بعد إنهاء خدمته. و قد أكد اللواء محمد على بلال، الخبير العسكرى ، فى تصريحات نشرتها (المصريون ) منذ أيام أن العقبة الوحيدة لترشح السيسى تكمن فى أن سنه الآن أقل من سن التقاعد، ولا يوجد بند في القانون يسمح لأي شخص ينتمي للمؤسسة العسكرية بتقديم استقالته. وأشار إلى أنه إذا قرر الفريق السيسي الترشح فعليه بتقديم طلب الخروج علي المعاش، وفي هذه الحالة يتم عرض الطلب على رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور للبت فيه وإصدار قرار، وإذا وافق على الطلب ففي هذه الحالة يمكن للسيسي تقديم أوراقه كأي مواطن مدني عادي. لكل هذه الأسباب أقول إن القضية معقدة ومتشابكة ولابد من حسمها على وجه السرعة ..لأن المسألة تتعلق برئيس مصر القادم والذى سوف يقود البلد فى ظل هذه الظروف العصيبة التى تمر بها بشكل غير مسبوق فى تاريخها القديم والحديث . ولا يفوتنى فى النهاية أن أنوه إلى خطورة بعض الحملات التى ظهرت مؤخراً على الساحة السياسية وتطالب بتولى السيسى منصب الرئيس بالتزكية ..وهى مطالبة خطيرة وأحذر من إستمرارها .. فمثل هذه الحملات هى التى تصنع الحاكم أو الرئيس الديكتاتور ومعه العصابة الحاكمة وقد رأينا ذلك بصورة واضحة فى عهدى مبارك ومحمد مرسى .. فهل نكرر نفس أخطاءنا أم نتعلم دروساً مستفادة من وقائع وأحداث التاريخ إذا كنا نريد لمصر أن تكون فعلاً (أد الدنيا )؟! .