حدث بالغ الدلالة في توقيته وسياقه العام، وانتصار سياسي هام للجالية المسلمة في نيويوركوالولاياتالمتحدة بوجه عام ذلك الذي اتخذته لجنة التحقيق التابعة لبلدية نيويورك والقاضي بعدم وضع المبنى الذي سيحتضن المركز الثقافي والإسلامي بنيويورك والواقع بالقرب من منطقة برجي مركز التجارة العالمي المدمر في هجمات الحادي عشر سبتمبر 2001 ضمن قائمة "المعالم التاريخية" كما كانت تطالب بذلك الجماعات المعادية للإسلام في الولاياتالمتحدة. قرار لجنة التحقيق التابعة لبلدية نيويورك والذي اتخذ بالإجماع يعني أن الطريق أصبحت ممهدة من الناحية القانونية أمام القائمين على مبادرة بناء المركز الإسلامي بنيويورك لتجسيد مشروعهم على أرض الواقع. وسيضم المركز الإسلامي الجديد والذي تصل كلفته 100 مليون دولار أميركي مسجدا وقاعات للمحاضرات ، وصالات للترفيه وخدمات اجتماعية أخرى. كما سيحمل كشعار رمزي تسمية "دار قرطبة " نسبة لحاضرة العصر الذهبي ا للإسلام في الأندلس ( اسبانيا حاليا ) والذي جسد أروع مظاهر التعايش السلمي بين المسلين والمسيحيين واليهود . ويؤكد إمام مسجد نيويورك الشيخ فيصل عبد الرؤوف وهو أميركي من أصل ماليزي أن هذا المركز الإسلامي سيلعب دورا حاسما في محاربة التطرف ومواجهة حملات تشويه صورة الإسلام في الولاياتالمتحدة . وهو موقف لا يجد آذانا صاغية لدى المجموعات اليمينية المتطرفة المعادية لمشروع بناء المركز الإسلامي ، والتي تعتبر أن إقامة هذا المركز الإسلامي على بعد خطوات من موقع الهجوم الإرهابي الأسوأ في تاريخ الولاياتالمتحدة في الحادي عشر سبتمبر "يمثل إساءة كبرى لذكرى ضحايا تلك الهجمات". وبموازاة جهود القائمين على بناء المركز الإسلامي بنيويورك انطلقت حملة مضادة تقودها المرشحة الجمهورية السابقة لمنصب نائب الرئيس "سارة بيلين" وهي أحد الشخصيات اليمينية المعادية للإسلام في الولاياتالمتحدة، وذلك بتنسيق تام مع المنظمات اليهودية النشطة في هذا المجال. وتستغل هذه المنظمات في حملتها ضد الوجود الإسلامي بنيويورك وغيرها مختلف وسائل الإعلام لتشويه صورة مشروع بناء المركز الإسلامي بنيويورك من خلال حملة دعائية مركزة عبر محطات التلفزيون والصحف ومواقع الانترنت وحتى الملصقات على وسائل النقل العمومية. وفي هذا السياق بثت المجموعات اليهودية المتطرفة على الانترنت مقطع فيديو بعنوان "اقتلوا مسجد نيويورك" وقد وضع على مقطع الفيديو المذكور تعليقا صوتيا يقول "لقد أعلنوا علينا الحرب في الحادي عشر سبتمبر، وهذا المسجد يخلد انتصارهم". وقد حصلت المجموعات اليهودية المتطرفة المناوئة لبناء المركز الإسلامي بنيويورك على دعم أكبر الرابطات الأمريكية العاملة في مجال محاربة معاداة السامية في الولاياتالمتحدة. مشروع بناء مسجد نيويورك والذي أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية والثقافية بالولاياتالمتحدة حظي بمساندة عمدة بلدية نيويورك "ميكاييل بلومبرج" وذلك تمشيا مع التقاليد الأمريكية التي القائمة على احترام المشاعر الدينية للغير، معتبرا أن الاستجابة "للرغبات الشعبية يمثل انتصارا للإرهابيين وهو ما لا ينبغي لنا فعله". واعتبر "بلومبرج" في هذا السياق أن معاملة المسلمين بشكل مغاير للآخرين "يمثل خيانة للمُثل الأمريكية". ولا شك أن موقف عمدة نيويورك برمزيته ودلالته السياسية يمثل دعما معتبرا للجالية المسلمة في نيويوركوالولاياتالمتحدة عموما، ستسعى بلا شك لتوظيفه من أجل الحصول على حقوقها القانونية كاملة، والحفاظ على هويتها الثقافية. المصدر: الإسلام اليوم ترجمة/ سعد بن أحمد