ما يتعرض له الاسماعيلي حاليا هي حرب ضروس تدار من غرف عمليات في قلب مدينته الجميلة، بل وربما من مكتب المحافظ نفسه الذي لا أعرف اسمه، لكنني أعلم أن لا علاقة له بالكرة ولا الرياضة، وأنه ينفذ مخططا سياسيا للحزب الوطني الذي نال هزيمة قاسية في الانتخابات التشريعية الماضية على مستوى محافظة الاسماعيلية، لذا فقد دفع إلى خط المواجهة الامامي بهذا المحافظ لينتقم له من شعب عاشق لفريقه، يفطر ويتغدي ويتعشى على أخباره! المحافظ جاء وفي أول أجندته التخلص من الدكتور عمارة لتسهيل وصول أقطاب الحزب الوطني إلى رأس النادي، والذين يستطيعون من خلاله فرض سيطرة الحزب على المحافظة! بصراحة مطلقة وبدون لف ولا دوران، المحافظ لا يريد عقد جمعية عمومية لاختيار مجلس ادارة منتخب، وانما هناك أوامر محددة يحاول تنفيذها وهي الاتيان برموز الحزب في الاسماعيلية ليكونوا بديلا للجنة المؤقتة الحالية، وعلى رأس هؤلاء الرموز محمد رحيل نائب القنطرة غرب السابق في البرلمان، وأحمد أبو زيد نائب منطقة الشهداء. الحكومة تدرك أنه في بلد مثل الاسماعيلية تعيش وتنام على حب فريقها الكروي، يضمن الجالس على كرسي ذلك النادي الكثير من النفوذ والتأثير. العثمانيون مثلا احتفظوا بعضوية البرلمان في شخص محمود عثمان 8 سنوات متواصلة بسبب وجودهم على رأس النادي! ليس حقيقة أن دخول منطقة النفوذ تلك مكلفة ماليا، فالاسماعيلي هو ملعقة من ذهب تأتي بالأموال ولا تأخذها، وقد كانت عملية تسريب اللاعبين الموهوبين إلى أندية أخرى قمة العبث بالمال العام وبأماني محبي الدراويش وطموحاتهم، فاذا كنا قد تحدثنا أمس عن فساد في القاهرة، فهنا فساد أيضا، وعمولات وسمسرة صاحبت عملية بيع اللاعبين، وأموال باهظة دخلت إلى الجيوب! افتعال وجود أزمة مالية في الاسماعيلي، هو كلمة السر التي يريد رجال البزنس ان يقفزوا من خلالها إلى ادارة النادي، ثم بعد ذلك يستمرون في ذلك الافتعال ويؤججون من ناره ليسهل لهم الحصول على مزيد من الذهب من منجم لاعبين لا ينضب ويمكن تحويله لمركز امداد للأندية التى تستطيع ان تدفع عمولات وسمسرة! عشاق الاسماعيلي يصدقون أن من يتولى ناديهم يصرفون عليه من جيوبهم فيعطونه أصواتهم في البرلمان ويساهمون في تلميعه وتقديمه لمجتمع القاهرة المخملي، والواقع أن كل من يصرف جنيها يسترد أضعافه عن طريق بيع اللاعبين والاعلانات وايرادات المباريات والبطولات الاقليمية والقارية التي يعمل على ان يشترك الاسماعيلي فيها. كان في خزينة الاسماعيلى في العام الماضي قبل سقوط العثمانيين 7 ملايين جنيه كما صرح حجازى امين الصندوق الذي خلعه ابراهيم عثمان، وفى خلال 45 يوما من هذا التصريح عقب استقالة اسماعيل عثمان ودخول صلاح عبد الغنى ومحمد عبد العظيم المجلس اختفت الملايين السبعة.. فكيف حدث ذلك؟! ما حدث ان ابو العلا امين الصندوق في ذلك الوقت قام بصرف شيكات بتواريخ قديمة قبل رحيل المجلس العثماني بيوم ليسترد ابراهيم عثمان جميع ما انفقه في آخر 3 اعوام دفعة واحدة. أكرر أن أزمة النادي المالية مفتعلة، لأن جميع من تولوا مجلس ادارته لم يحاولوا ايجاد موارد ذاتية للصرف عليه، فهناك محلات على سور النادي لا تحتاج لأكثر من مليوني جنيه لتصبح صالحة للاستثمار، ويمكن لها ان تدر دخلا 4 ملايين جنيه سنويا! انشاء مول تجاري يمكن أن يدر دخلا 5 ملايين جنيه سنويا ولن يكلف سوى 6 ملايين جنيه. انشاء محلات سوبرماركت بنادي النخيل لن تكلف أكثر من 10 ملايين جنيه، ويمكنها أن تدر دخلا يصل لسبعة ملايين جنيه سنويا! لو كان المحافظ حريصا على شعب الاسماعيلية ومصالحه لخصص ايرادات نادي الفيروز للانفاق على الدراويش. ان هذا النادي يربح سنويا 20 مليون جنيه.. ماذا لو حصل الاسماعيلي على نصف هذا المبلغ.. هل يمكن أن يناطحه حينئذ ناد آخر في مصر؟! رجال البزنس في الاسماعيلية يطالبون بخصخصة النادي ليقفزوا به إلى الصدارة ويحلوا مشاكله للأبد. إنها خطة خبيثة يسعون من خلالها لملء الجيوب والبطون! لنتأمل خريطة الجمعية العمومية التي يمكن أن تأتي مجلس ادارة جديد. عدد الأعضاء حوالى 1400 منهم 850 مقاولون عرب كلهم قاهريون تابعون للعثمانين، 400 من القنطره غرب تابعين لمحمد رحيل، وأخيرا 200 عضو مستقلون. ثم جاء صلاح عبد الغني على رأس المجلس المعين الذي خلف العثمانيون مباشرة ليضيف 1500 كلهم من أنصاره في ابو صوير. وذهب عبدالغني وجاء مجلس عمارة ليفعل العضويات القديمة التي كان ابراهيم عثمان قد قام بتجميدها، وهؤلاء يحسبون على جبهة رأفت عبدالعظيم، حيث أن الدكتور عمارة انسحب من الصورة الامامية ويدير العملية من خلف الستار! لم تكن مفاجاة أن يعلن العثمانيون انهم لن يرشحون انفسهم في المرحلة القادمة لقيادة النادي فهم يعانون خسائر مالية ولن يستطيعون ان يقدموا اموالا للصرف على النادي في الفترة الانتقالية الصعبة الحالية، لكنهم سيرشحون بعض رجالهم مثل مدحت الورداني وأسامة أبو العلا وأيوب مرتجي لكي يوجهوا الدفة من وراء ستار أيضا! أما الدكتور صلاح عبدالغني فمرضه يمنعه عن خوض تلك المعركة الانتخابية اضافة الى تأثره من أزمة انفلونزا الطيور التي اتت على مزارع الدواجن التي يملكها وبالتالي على تجارته الأساسية في الأدوية البيطرية. الدكتور عمارة يدير جبهة قوية يظهر في صورتها الدكتور رإت عبدالعظيم، يقابله الراغبون في العودة إلى البريق السياسي على دبابة المحافظ وهم أحمد أبو زيد ومحمد رحيل ومحمود سليم وكلهم كانوا أعضاء في مجلس الشعب، بالاضافة الى اللواء القماش المقرب جدا من المحافظ! اذن هناك حرب لاحتلال كراسي قيادة الاسماعيلي وليس كما يتصور البعض هروبا واعتذارا عنه. أخطر ما في هذه الحرب هو السعي المستمر من ابو زيد لتعيينه رئيسا لمجلس ادارة مؤقت بعد أن فشل في اقناع المحافظ بتعيينه أمينا للحزب الوطني بالمحافظة! المحافظ يبحث حاليا في ثلاثة حلول.. بقاء المجلس المؤقت حتى انتهاء فترته القانونية في ديسمبر، أو عقد جمعية عمومية لانتخاب مجلس جديد ولن تكون ذات قيمة بسبب انسحاب العثمانيين، أما الحل الثالث فهو تعيين مجلس ادارة مؤقت آخر لمدة سنة على رأسه رحيل وأبو زيد. عمارة يلعب بذكاء وهو يعرف ان رأفت عبدالعظيم وبقية اللجنة المؤقتة سيفشلون في مهمتهم، وان الناس لن تقبل برحيل وأبو زيد لقيادة الاسماعيلي، لذلك فانه سيكون الحل المثالي في النهاية، وان المحافظ سيسعى إليه، ومعلوماتي انه حاول فعلا الاتصال به عدة مرات وكان عمارة يتهرب من لقائه بدعوى انشغاله.. يعني مسألة "تقل"! معلومات ايضا ان الكومي جلس مع عمارة واتفقا على قائمة موحدة تضمهما اضافة الى ثلاثي اللجنة الحالية واسامة خليل وعلي أبو جريشة. [email protected]