رغم انتشار دعوات تطالب بترشح وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة المقبلة, إلا أن "حملة نريد" ذهبت إلى أبعد من ذلك بكثير, بالمطالبة بتوليه الرئاسة مدة أربعة أعوام بتكليف شعبي ودون إجراء انتخابات. وحسب القائمين على الحملة، فإن الأوضاع الأمنية والاقتصادية التي تمر بها مصر دفعتهم لهذا المطلب، تجنبا لحدوث صراعات سياسية بين مرشحي الرئاسة. وفجر المنسق العام المساعد للحملة وأحد مؤسسيها طارق الإسكندراني مفاجأة مفادها أنه تم جمع ما يقرب من مليون توقيع من أصل أربعين مليونا تستهدف الحملة جمعها في غضون 45 يوما. كما لفت الإسكندراني في تصريحات لقناة "الجزيرة" في 27 سبتمبر إلى أن العديد من الأحزاب أعلنت تأييدها للحملة وفتحت مقراتها لجمع التوقيعات في مختلف المحافظات، على غرار ما حدث مع حركة "تمرد". ومن بين الأحزاب المنخرطة في الحملة "النصر الصوفي" و"مصر الثورة" و"المواطن المصري" و"مصر العربي الاشتراكي" إلى جانب ثلاثين حزبا آخر، على حد قول الإسكندراني. وتابع أن الحملة ستنظم تظاهرة شعبية حاشدة في كل ميادين مصر لإعلان تكليف الشعب للسيسي برئاسة البلاد لفترة رئاسية واحدة، وأضاف أن الحركة تسعى لجمع التوقيعات المطلوبة قبل حلول موعد الانتخابات البرلمانية, الذي ستحدده لجنة تعديل الدستور. وكان مؤسس الحملة ومنسقها العام محمد شعراوي قال في وقت سابق إن تولي السيسي رئاسة مصر سيكون ضمانة لنجاح ما سمَّاها ثورة 30 يونيو، وعدم عودة جماعة الإخوان المسلمين للحياة السياسية مرة أخرى, محذرا من إمكانية دفع الجماعة بمرشح تابع لها في الانتخابات المقبلة. وكان السيسي نفى في تصريحات لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في يوليو الماضي طموحه للسلطة، إلا أن هناك تقارير تؤكد أنه الآن رجل مصر الأول وحاكمها الفعلي، وهو ما تحدث عنه بالفعل الإعلامي المصري المثير للجدل توفيق عكاشة مؤخرا. كما ألمح متحدث عسكري لصحيفة "ديلي نيوز" مؤخرا إلى أنه من حق السيسي الترشح لمنصب الرئاسة، معتبرا أن مبادئ الديمقراطية تسمح بذلك, إذا تقاعد من منصبه العسكري. ونشرت صحيفة "الوفد" في 5 سبتمبر أيضا خبرا على موقعها الإلكتروني يتحدث عن اجتماع "سري" شارك فيه عدد من القيادات العسكرية السابقة من الجيش والمخابرات العامة للتشاور بشأن التوافق على شخصية عسكرية لخوض سباق الانتخابات الرئاسية المنتظر أن تجرى عقب الانتهاء من كتابة مشروع الدستور والانتخابات البرلمانية. ووفق الصحيفة, فإن القيادات التي حضرت هذا الاجتماع هي رئيس جهاز المخابرات السابق اللواء مراد موافي ورئيس أركان الجيش السابق الفريق سامي عنان ونائب رئيس جهاز المخابرات الفريق حسام خير الله ووزير الداخلية السابق اللواء أحمد جمال الدين موسى، الذين اتفقوا في ختام اجتماعهم "من حيث المبدأ" على مخاطبة السيسي ليقوم بالترشح للرئاسة "في ظل ما يحمله الشعب المصري والرأي العام تجاه السيسي من حب ومودة". وذكرت قناة "الجزيرة" أيضا أنه حتى النخبة السياسية التي طالما عارضت حكم العسكر وشاركت في مظاهرات رفعت فيها شعارات "يسقط يسقط حكم العسكر" يبدو اليوم أنه لا مشكلة لديها في وصول السيسي لكرسي الرئاسة، وأبرز هؤلاء المرشح الرئاسي السابق وأحد قيادات جبهة الإنقاذ المعارضة حمدين صباحي، الذي أعلن في لقاء تليفزيوني مؤخرا أنه سيدعم السيسي في حال ترشح لمنصب رئيس الجمهورية. ولا يغفل المراقب لوسائل الإعلام المصرية ملاحظة تصاعد حملات دعم السيسي للترشح بشكل كبير داخل المجتمع المصري في محاولة فيما يبدو لتهيئة الرأي العام للأمر، أو على الأقل لجس نبض مختلف التيارات والنخب والفئات المهنية وغيرها. ويتوزع المؤيدون على جميع الفئات, مثقفون ومهنيون وعمال وحرفيون. وإشارة أخرى تصب في ذات الاتجاه، وهي ظهور الفريق السيسي بملابس مدنية، وهو ما رأت فيه صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية استعدادا للرئاسة، بعدما صار وحيدا في الصورة، فالناشط السياسي والقيادي البارز بجبهة الإنقاذ سابقا محمد البرادعي، أصبح خارج البلاد ويواجه اتهامات بالعمالة، وصباحي في الداخل لكنه لا يمانع وصول السيسي لكرسي الرئاسة، والإخوان المسلمون إما مسجونون أو مطاردون، والكنيسة والأزهر معه، والنخبة الثقافية تخطب وده، والغناء له مستمر.